ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن فصائل سورية تحاول اللقاء وتوحيد الصفوف؛ تحضيرا للمعركة الفاصلة على
حلب، التي تحاصر فيها قوات الحكومة وتنظيم الدولة المعروف بـ"
داعش" قوات
المعارضة.
وكتبت إريكا سولومون تقول إن المعارضة السورية المسلحة تواجه على طول 10 كيلومترات على الطريق شمال مدينة حلب السورية معركة المصير، من أجل السيطرة على المدينة المحاصرة، التي تعتبر آخر معقل للمعارضة السورية.
وتضيف الكاتبة أن عددا من الفصائل السورية التي تتراوح من الإسلامية إلى المعتدلة، وتلك التي تلقى دعما من الغرب، قد التقت ونحت خلافاتها جانبا في آخر محاولة منها لتوحيد الصفوف، والحفاظ على آخر منطقة واقعة تحت سيطرتهم.
وتشير الصحيفة إلى أن المقاتلين اتفقوا على إنشاء غرفة عمليات ومعارك يسهم فيها كل فصيل بدور في المعركة في المدينة التي تعتبر بوابة الشمال للحدود التركية، والتي قضوا السنوات الماضية وهم يحاربون قوات نظام
الأسد للسيطرة عليها.
ونقلت الصحيفة عن أبو حذيفة، قائد جيش المجاهدين، الذي ينضوي تحت لوائه أكثر من 5.000 مقاتل قوله "الخط الفاصل بيننا وبين النظام يبلغ طوله ما بين كيلومتر إلى كيلومترين، فإما يقوم النظام بقطع الطريق او نقطعه نحن". وأضاف "تعتبر حلب بالنسبة لنا معركة المصير، فإذا نجح النظام فهذا يعني إبادة للثورة".
وتبين الكاتبة أنه بعد أربعة أعوام من الحرب لم تجف منابع الثوار فقط، بل وفقد الثوار البوصلة. فقد اشتكى المقاتلون في الماضي من قوة النظام الجوية أو من خلافاتهم الداخلية، ولكنهم اليوم يقولون إن مشكلتهم هي التعامل مع حرب أهلية تعرضت للتدويل، والتي أصبحت حربا بالوكالة بين جماعات جهادية سنية جاءت من الخارج، أو جماعات شيعية قادمة هي الأخرى من الخارج، والولايات المتحدة والدول الأخرى التي تخوض حربا من الجو.
وتجد سولومون أنه من هنا فمصير حلب بالنسبة للمقاتلين السوريين يعد "باروميتر" يؤشر للكيفية التي سيؤثر فيها التدخل الأميركي ضد تنظيم الدولة على كفاح المعارضة السورية، لإنهاء عقود من حكم عائلة آل الأسد.
وتفيد الكاتبة بأن حلب تذكرهم بالثورة، وما كانت عليه في البداية، فقبل أكثر من عامين اجتمع قادة فقراء مثل أبو حذيفة، وجاءوا من الريف وقرروا مهاجمة مدينة حلب؛ أملا في السيطرة على عاصمة البلاد الاقتصادية، وبالتالي إسقاط النظام.
وتلفت الصحيفة إلى أن المقاتلين سيطروا على نصف المدينة تقريبا قبل أن يهطل عليهم وابل القذائف من المقاتلات التابعة للحكومة، وأوقفت تقدمهم ودمرت أحياء باالكامل. وهرب السكان الخائفون منها، فمثلا يقول السكان إنه لم يتبق من سكان حي المرجة الـ 40.000 سوى الفي شخص.
وتقول سولومون إن القادة الذين يقاتلون للسيطرة على حلب نبت الشيب في رؤوسهم ولحاهم، وأصبح أمل السيطرة على المدينة حلما بعيدا.
وتتابع أنه من مكتب في مدينة غازي عنتاب في جنوب تركيا يتحدث قادة جيش المجاهدين بضجر عن المثل الديمقراطية التي عولوا عليها وتأملوا بدعم القادة الغربيين لها. وبحسب مسؤول سياسي لقبه أبو أمين "حاولنا وطوال السنين التواصل معهم عبر لغة العاطفة، وقلنا لهم نريد الحرية، أبناؤنا يموتون، ولم يفعل أحد شيئا، حسنا دعونا الآن التحدث بلغة المصالح المشتركة".
وتستدرك الصحيفة بأن مصلحة الولايات المتحدة الآن هي ضرب تنظيم الدولة وجبهة النصرة والجماعات المرتبطة بها في العراق وسوريا. فيما تقول الجماعات، التي تلقت دعما من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، إنها تريد الدعم في المعركة ضد الأسد مقابل تقديم الدعم في محاربة الجهاديين. ويقولون إن الغارات ضد "داعش" حررت النظام من المراقبة، وأطلقت يده لضرب المعارضة. ويقولون أيضا إن علاقتهم مع الولايات المتحدة أفقدتهم المصداقية في عين المواطنين. ويقول أبو أمين "لقد تحولنا إلى عملاء في عين الشعب"، و "نبدو وكأننا مرتزقة".
وتذهب الكاتبة إلى أنه حتى حركة حزم، التي لا تحمل أيديولوجية دينية محددة، وحصلت على دعم التحالف، تشعر بالإحباط من الولايات المتحدة ورعاتها الآخرين.
وتفيد "فايننشال تايمز" أنه في الوقت الذي يلتقي فيه المسؤولون الغربيون والمعارضة من أجل مناقشة ما تحقق، إلا أن أحمد أبو عماد، المتحدث باسم حزم يشكو من غياب الخطة، ويقول "نحن جاهزون لقبول أية فكرة، ولكننا إن قاتلنا النصرة أو (داعش) وبعدها سقطت حلب، فسيتقدم النظام، ما يعني أننا أبدنا أنفسنا".
ويذكر التقرير أن قادة المعارضة المسلحة يحاولون وقف الاقتتال الداخلي. وعندما تعرضت جبهة النصرة لضربات أميركية حظيت بتعاطف شعبي، وكانت في الماضي محلا للإعجاب والثقة؛ نظرا لشجاعة مقاتليها وجرأتهم على مواجهة النظام. ولكن الغارات الأميركية جعلتها اليوم تضرب قوى المعارضة المدعومة من الغرب.
فقد تراجعت حركة حزم ومنظمة أخرى "جبهة ثوار
سوريا" أمام جبهة النصرة في إدلب تاركتين وراءهما أسلحة أميركية.
وتوضح الكاتبة أن مدينة حلب، أو المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، لا تزال المنطقة الوحيدة الخالية من الاقتتال الداخلي، ونظرا لمعرفتهم بأهمية حلب لنجاتهم فقد وافقوا على وقف كل أشكال الاقتتال، وهو ما ساعدهم على الصمود وحماية مناطقهم.
ويورد التقرير أن المقاتلين يقولون إنهم أجبروا "داعش" على الخروج من حلب وإدلب في كانون الثاني/ يناير، دون مساعدة غربية، ولكن بدعم شعبي. وقد تبخر هذا الدعم الآن، فالناس ينظرون للغارات التي يشنها نظام الأسد وتلك التي تقوم بها طائرات التحالف نفس النظرة، ولهذا فهم يشكّون في الجماعات المعارضة التي تلقى دعما من الولايات المتحدة.
ويقول أبو عماد للصحيفة إن استعادة ثقة الجماهير هي أمر يظل بيد الجماعات المعارضة المعتدلة، ورغم هذا فالدعم الغربي ظل "خجولا"، ولم يكن كافيا لمساعدة جماعات مثل حزم، ولإقناع المواطنين بضرورة دعم الحركة.
وتخلص الكاتبة إلى أنه في الوقت الحالي يحاول "داعش" العودة مرة أخرى للشمال السوري، ويتقدم ببطء على طول الجبهات القريبة من تركيا، وتخشى المعارضة التي تعبت من انتظار الدعم الدولي من تأثير المواجهة مع الإسلاميين على هدفها الرئيسي وهو قتال النظام. ويقول أبو أيمن إنه لا يريد استنزاف قوة المعارضة في القتال ضد "داعش"، وعدم قتال النظام، "ولهذا السبب جمدنا المعركة مع (داعش).. ونرفض أن نكون وقودا في حرب إقليمية".