قالت صحيفة "ديلي تلغراف" إن المقاتلين السوريين في المعارضة المعتدلة يرفضون المشاركة في القتال، ويتخلون بل ينشقون عن
الجيش الحر بسبب نقص الأسلحة والمعدات، التي وعدت بتقديمها الدول الداعمة للمعارضة السورية لهم.
وتقول روث شيرلوك، في تقرير الذي أعدته للصحيفة، إنه على الرغم من استراتيجية الرئيس باراك أوباما التي حددها الشهر الماضي، لتسليح المقاتلين السوريين حتى يكونوا قادرين على هزيمة تنظيم الدولة المعروف بـ"
داعش" ونظام الرئيس بشار
الأسد، إلا ان الأسلحة التي تصل قليلة جدا.
ويشير التقرير إلى أن المعارضة عندما تتلقى أسلحة أثقل من البنادق تجد نفسها أمام سلسلة من الإجراءات البيروقراطية. في إشارة لتعامل غرف العمليات التي يديرها عسكريون أميركيون بالتعاون مع دول الجوار السوري.
وتنقل الصحيفة عن القيادي أبو أحمد قوله "نقرر القيام بعملية ومن ثم نقوم بتقديم طلب لغرفة العمليات، ففي حالة موافقة المسؤولين على خطتنا العسكرية تصل بعض الأسلحة".
ويضيف "حالة تلقينا صواريخ مضادة للدبابات فعلينا تصوير كل مرة نستخدمها فيها لإثبات أننا لم نبعها"، ووضعت الولايات المتحدة هذه الشروط؛ نظرا لخوف الولايات المتحدة من وقوع الأسلحة التي تقدمها للمعتدلين بيد الجماعات الجهادية.
ويجد التقرير أن التجارب الأخيرة أثبتت أن هذه السياسة ارتدت سلبا على الأميركيين، فقد تعرضت كل من حركة حزم وجبهة ثوار
سوريا لهزيمة على يد مقاتلي جبهة
النصرة، وكلا الفصيلين تلقى أسلحة ومعدات عسكرية ثقيلة من الأميركيين. وهناك تقارير تقول إن جبهة النصرة كانت قادرة على الحصول على أسلحة قدمها الغرب لحلفائه في سوريا.
وترى الصحيفة أن فشل الولايات المتحدة في تقديم أسلحة للمقاتلين رغم الدعم المعنوي يعد أهم مصادر الشكوى في صفوف مقاتلي المعارضة المعتدلة المنضوين تحت مظلة الجيش الحر.
ويلفت التقرير إلى أن الرئيس الأميركي قد وعد في خطاب ألقاه بأيلول/ سبتمبر بتدريب وتسليح المعارضة السورية، حيث تقضي الخطة الأميركية بتدريب 5.000 مقاتل سوري في البداية بميزانية 500 مليون دولار أميركي. ويعترف الأميركيون مع ذلك أن تنفيذ الخطة يحتاج لعام، وأن هدف أوباما الرئيسي هو الجهاديون من جبهة النصرة وتنظيم "داعش". وعندما وجهت أميركا ضربات جوية لجبهة النصرة انتقمت الأخيرة، وهاجمت مواقع الجماعات التي تلقى دعما من الغرب، وأجبرتها على الخروج من منطقة إدلب.
وينقل التقرير عن أبو أحمد قوله إنه طلب دعما عسكريا من الأميركيين، ولم يسمع شيئا، ولهذا السبب بدأ المقاتلون يمتنعون عن تقديم المساعدة؛ خشية استهدافهم من جبهة النصرة، "بعض مقاتلي الجيش السوري الحر لا يسارعون للنجدة خوفا من استهداف جبهة النصرة لهم".
وتعلق الصحيفة أنه بعد هزيمة جمال معروف، قائد جبهة ثوار سوريا، زادت المخاوف أكثر. والمعارضة السورية في الداخل والخارج دفعت بداية العام الحالي باتجاه تسويق معروف للغرب؛ باعتباره الرجل الذي يمكن التعامل معه.
وتبين "ديلي تلغراف" أن سمعة معروف لم تتحسن بعد هزيمته على يد النصرة. فقد وجدت الأخيرة في قرية معروف 19 جثة متحللة رميت في بئر، بينها جثث امرأة وطفلين و"أمير" محلي من النصرة.
ودافع معروف عن نفسه في بيان قال فيه "أين نرمي الجثث؟ بين الأشجار، في داخل غرف الجلوس، من الطبيعي العثور على قبر ودفنها فيه"، وفق التقرير.
ويقول معروف إن كل الجثث هي لمقاتلين أعداء، باستثناء المرأة التي قام زوجها بقتلها مع زوجها، عندما اكتشف أنها ستقوم بالكشف عنه لعميل يعمل لصالح النظام.
وتعتقد الكاتبة أنه مع ذلك فالكشف عن المقبرة الجماعية يشير للخيارات الأخلاقية التي تواجهها أميركا وهي تحاول تحقيق أهداف متضاربة، دعم جماعات مؤيدة للديمقراطية، هزيمة "داعش" والإطاحة بنظام الأسد والتقارب مع إيران. ويقول مصدر له صلة مع المسؤولين الأميركيين "تخشى الولايات المتحدة من قتل الإيرانيين الذي يقاتلون في الصفوف الأمامية مع قوات الأسد".
وتذكر الصحيفة أن هناك غرفتي عمليات؛ واحدة في الأردن والأخرى في تركيا، ويعمل فيهما ممثلون عن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية والإمارات وتركيا.
ويوضح أبو ماجد للصحيفة، وهو قيادي آخر يحصل على دعم عسكري غربي منذ ستة أشهر، أن الدعم لم يمنع هزيمته على يد النصرة، وقال إنه بدأ يفقد الثقة، حيث انشق عن فصيله أكثر من 1.000 بعد فقدهم الأمل، فيما ذهب بعضهم وانضم إلى "داعش".
ويضيف معلقا على طبيعة الدعم العسكري البطيئة "لا تسمح لنا بالتقدم، وبالكاد نستطيع الحفاظ على مواقعنا".
ويواصل أبو ماجد "أفضل سلاح قدموه لنا كان الصواريخ المضادة للدبابات، وحتى في هذا فلم تعد كمية الصواريخ كما هي، فالكمية التي تصلنا تظل متباينة، وفي بعض الأحيان نطلب الدعم فيأتي ولكنه أقل مما نحتاجه، وفي المرات الأخرى لا يأتي شيء"، وفق التقرير.
وتخلص الصحيفة إلى أنه بالنسبة للانشقاق والذهاب للجماعات الجهادية فهو ظاهرة ليست جديدة وتحدث منذ سنوات. فمحمود، الذي كان يعمل مع الجيش الحر يدير اليوم بيتا آمنا في تركيا لإيواء المقاتلين الأجانب الراغبين بالانضمام لجبهة النصرة. وقال إنه ليس متطرفا ولكنه عملي "فالكثير من زملائي يفعلون نفس الشيء و(داعش) هو الحل الوحيد بالنسبة لنا، ولو قدم أوباما الدعم للجيش السوري الحر لكان الوضع مختلفا".