فجر مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية لغير المسلمين خلافات حادة بين الكنائس
المصرية الثلاث (الأرثوذكسية، والكاثوليكية، والإنجيلية)، حول مواد عدة في القانون، لا سيما التبني، والزواج المدني، في وقت شكلت فيه الكنائس الثلاث لجانا قانونية لدراسة المشروع، وفرضت السرية على مناقشاتها.
وأرسلت وزارة العدالة الانتقالية القانون إلى الكنائس لاستطلاع رأيها فيه، ومن المقرر أن ترسل الكنائس بدورها ملاحظاتها عليه إلى الوزارة يوم 26 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، تمهيدا لإرساله إلى لجنة الإصلاح التشريعي، بناء على طلب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي وصل للسلطة بانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، بسرعه إصدار القانون، بعد أن ظل حبيسا في أدراج الحكومة منذ عام 1979، وذلك استجابة لطلب الكنيسة الأرثوذكسية، التي يتزعمها البابا تواضروس، أحد أركان
الانقلاب الذي أطاح بالرئيس مرسي.
وبينما وصفت حركات قبطية القانون بأنه يفتح الباب للعلمانية، اعتبرت حركات قبطية أخرى أنه يؤسس لدولة دينية، بحسب صحيفة "الوطن"، الصادرة الأربعاء.
ويشمل مشروع القانون 143 مادة مقسمة على أبواب الخطبة، وأركان الزواج وشروطه، وموانع الزواج، وإجراءات عقد الزواج، وبطلان العقد، وحقوق الزوجين وواجباتهما، والنفقات، والسلطة الأبوية، والحضانة، وثبوت نسب الأولاد.
ونقلت "الوطن" عن مصادر كنسية تأكيدها سعي الكنائس للتوافق على النقاط الخلافية بينها حول قضيتي التبني والزواج المدني، لا سيما أن قضية التبني كانت سببا، وراء عدم إقرار الدولة للقانون، إذ طالبت الكنائس بالتبني حسب شريعتها، بينما كانت الدولة ترفض ذلك سابقا باعتبار التبني يتعارض مع
الدستور الذى ينص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، ما جعل الكنائس تتراجع عن مواد التبني.
واستدركت "الوطن" بأن الكنائس تسعى الآن إلى التوافق على هاتين الإشكاليتين بالرجوع إلى نص المادة الثالثة من الدستور الجديد التي تعطيهم حق الاحتكام إلى شرائعهم في أحوالهم الشخصية، على أن يكون التبني للأطفال المعلوم أن أبويهم مسيحيان.
وفيما يتعلق بقضية الزواج المدني الذى أباحه مشروع القانون، فقد تمسكت الكنيستان (الأرثوذكسية، والكاثوليكية)، برفضهما له -بحسب "الوطن"- معتبرتين أنه تقنين للزنا، ويعبر عن اتجاه علماني للدولة، فيما وافقت الكنيسة الإنجيلية عليه، وقالت إنه حل لأزمة الأحوال الشخصية للأقباط التي تسبب مشكلات عدة للمجتمع، واقترحت أن يبيح القانون الزواج المدني، دون إجبار الكنيسة على الاعتراف به أو إلزامها بأي شيء تجاهه، كحل للتوافق حوله.
وهكذا، اتفقت الكنائس الثلاث على عقد اجتماع شامل لكل الكنائس والطوائف
المسيحية المعترف بها في مصر، للتوافق على تقديم ورقة موحدة تضم ملاحظات الأقباط كافة، كمحاولة لاحتواء غضب بعض الكنائس والطوائف التي لم ترسل إليها نسخة من مشروع القانون، ولم تشارك في إعداده، وأبرزها كنيسة الروم الأرثوذكس، التي أعلنت أن القانون لا يلزمها، وأنها تحتكم إلى لائحتها الخاصة الصادرة عام 1937.
معارضة واسعة للقانون
على مستوى المعارضين، رأى هاني عزت، مؤسس مجموعة منكوبي الأحوال الشخصية بالكنيسة: أن مسودة القانون تزيد المشكلة تعقيدا، ولا تحل شيئا، لأنها تعطى المجلس الإكليريكى العام بالكنيسة الأرثوذكسية، المسئول عن الأحوال الشخصية للأقباط، سلطات أكبر على حياة الأشخاص، في ترسيخ فاشي لدولة دينية، كما أن مواد الزواج المدني بالقانون، تعطى حق الزواج المدني غير الكنسي للمطلق، والكنيسة غير ملزمة بالاعتراف به، متسائلا: هل الكنيسة أقوى من الدولة؟.
وأضاف أن مشروع القانون لا يحل مشكلة منكوبي الأحوال الشخصية من الأقباط، وعددهم بالآلاف، ينتظرون الحصول على حكم الطلاق، متابعا: "المسودة عبثية، ولا تصلح حتى لمجتمع قبلي في العصر الجاهلي".
ومن جهتها، أعلنت حركة "أقباط 38" -التي تطالب بالطلاق والزواج الثاني للأقباط- رفض القانون.
وأرسلت خطابا إلى السيسي، يشمل طلبا لتفسير نص المادة 3 من الدستور طبقا لاختصاص الرئيس القانوني المنصوص عليه بالمادة 33 من قانون المحكمة الدستورية العليا، ليتسنى للحركة التعقيب، وإبداء الملاحظات على القانون، بما لا يخالف نظام عام الدولة المنصوص عليه بالمادة الثانية.
وقال إسحاق فرانسيس، المتحدث باسم الحركة: "نعد أيضا مذكرة سنرسلها لوزير العدالة الانتقالية لتوضح اعتراضاتنا على القانون، لأنه في حالة إقراره ستحدث كوارث أكبر في ملف الأحوال الشخصية للأقباط".
كما اعترضت حركة "أقباط شباب كريستيان" للأقباط الأرثوذكس على مشروع القانون، احتجاجا على تطبيق بند الزواج المدني، الذى يعرض العاملين به للعديد من علامات الاستفهام، بخلاف عدم ممارسة الأسرار الكنسية، مثل الأفخارستيا ومعمودية الأطفال، على حد قولها.
وأضافت أن هذا البند ينذر بكارثة كبرى، وهى ابتعاد الشعب القبطي عن حظيرة الكيان الكنسي، ما يفتح الطريق إلى العلمانية، على حد قولها.