واجهت "
الهيئة الشرعية"، التي تأسست حزيران الماضي، محاولة فصيل عسكري معارض إيهام السكان بتبعيتها له، دافعا إياها لاتخاذ إجراءات تعيد لها استقلاليتها عن الألوية والكيانات العسكرية الموجودة في المنطقة.
وقال ناشط في المنطقة، فضل عدم ذكر اسمه، في حديث خاص لعربي21، إن "السلبية الوحيدة التي واجهت عمل الهيئة هي وجود مقرها بالقرب من مقر الفصيل المعارض "جيش الأبابيل"، وضعف قوامها العسكري" ما دفع الأبابيل خلال الفترة الماضية، "لاستغلال هذا الوجود لمصلحته، فأصبح يوهم الناس أن الهيئة هيئته وأنه صاحب القرار فيها"، بحسب الناشط، مضيفا بأن "هذا الموضوع شكل نقطة سلبية من بعض الفصائل العسكرية التي اعتبرت الهيئة منحازة للأبابيل، ما وضعها أمام اختبار حقيقي، حيث بدأت مؤخرا بالإعداد لمقر جديد، وبناء سجن مركزي خاص، وضابطة شرعية مستقلة"، قبل أن تنتقل منذ ثلاثة شهور لمقر جديد، حسب ما أورد الناشط.
وحول خطوات تفعيل دور الهيئة وتقويتها، قال الناشط إنه "تم بناء سرية عسكرية قوامها 50 عنصرا مسلحا، وتم تدريب كوادر إدارية جديدة" مكّنت مكتب الفتوى والمكتب القضائي من تحقيق نقلة نوعية في الإفتاء والتحقيق والقضاء، لتأخذ أصداء الهيئة الشرعية دورها تباعا.
الهيئة التي أسسها مجلس الشورى في جنوب
دمشق، حزيران الماضي، استطاعت أن تحوز بيعة جميع الفصائل العسكرية، عدا "جبهة النصرة"، لتعلن الفصائل المبايعة التزامها "بمقررات وأحكام الهيئة واحتكامهم لشرع الله".
من جانب آخر، أوضح ناشطون عاملون في المنطقة أن "كثيرا من الفصائل المبايعة للهيئة لم تلتزم أبداً بمقررات وأحكام الهيئة، مستغلين الضعف العسكري للهيئة عند تأسيسها للتهرب من التزاماتهم واستحقاقاتهم". فبحسب ما قال أحد الناشطين إن "جيش الإسلام لم يقم بتسليم المصادرات التي صودرت إبان الاقتتال مع تنظيم الدولة، وخصوصاً الأسلحة، حيث استولى على ما يزيد عن الستين بندقية، وماطل في بيان وضعها، ولم يقم بتسليمها للهيئة الشرعية"، مضيفا بأن "جبهة النصرة لا تزال حتى الآن خارج مظلة الهيئة الشرعية، متذرعة بحجج واهية لا تستند إلى دليل شرعي، وهي تقوم بتنفيذ أحكام فردية على آحاد الناس سراً وفي الأقبية، بما يعارض "شرع الله الحنيف" بضرورة الاحتكام لقضاء واحد، والفصل أمام الناس حتى يتم ردع المجرمين، وتحقيق الغاية من تنفيذ حكم الله".
وفي سياق متصل، قام "لواء شام الرسول" بالكشف عن خلية يحتمل أن تكون وراء الكثير من الاغتيالات التي حصلت في المنطقة، قبل أن يقوم "جيش الأبابيل"، ولأسباب غير معلومة، بالاحتفاظ بأفرادها السبعة ضمن منزل في منطقة "ببيلا"، مبررين أن المشكلة هي بين النازحين وأهل البلد، وسيتم التحقيق معهم في مكان الاحتفاظ بهم منعا لنشوب فتنة في المنطقة.
بدورها، قامت "الهيئة الشرعية" بزيارة مكان وجود المتهمين، رافضة وجودهم معا في مكان واحد خوفا من إمكانية هروبهم، قبل أن تصدر بيانا بأنها لم تستلم المتهمين، وأنهم مازالوا في قبضة الأبابيل.
وبحسب ناشطين، فإن هناك احتقانا شعبيا من هذه الخلية، حيث تواردت انباء عن ضلوعهم في قتل القائد "أبو عرب العاشق"، و"القائد أبو عمر خليفة" وضلوعهم بعدد من التفجيرات، مما جعل الأبابيل في وضع حرج أدى بهم إلى اعتقال رئيس "الهيئة الشرعية" بطريقة غير لائقة، تبعها غضب شعبي غير مسبوق، حيث تجمهرت معظم القوى لإدانة هذا التصرف، دافعا قائد الأبابيل "أبا توفيق" لاعتذار علني، ليعلن أنه تصرف فردي من قبل عناصره، وأنهم أصدروا بيانا بهذا الأمر، قبل أن يحاسب لاحقا ثلاثة عناصر من الأبابيل، والتعهد من عدة أطراف بتسليم الخلية للهيئة الشرعية فورا.
الحادثة المذكورة شكلت اختباراً حقيقياً للهيئة لبيان استقلاليتها، وعدم تبعيتها لطرف من الأطراف، وإن كانت قد مرت بسلام، إلا أن المستقبل حافل بكثير من المطبات في منطقة محاصرة مليئة بالعقبات والفصائل والأجندات.
يشار إلى أن مجلس شورى منطقة جنوب دمشق أعلن عن تأسيس هيئة شرعية في بداية حزيران/ يونيو من العام الجاري، لتكون الهيئة الشرعية، ولأول مرة، مستقلة عن الألوية والكيانات العسكرية الموجودة في المنطقة برئيس وغالبية أعضاء مستقلين، وغير تابع لأي طرف.
واستطاعت الهيئة وبشكل تدريجي، من خلال خطوات مدروسة، فرض هيبتها على المنطقة المعروفة بانتشار بالفساد والتركيبة السكانية المختلطة التي تزيد الأمور تعقيدا، بحسب ناشطين محليين.