نجحت حركة المقاومة الإسلامية (
حماس) في تعزيز مكانتها وعودتها إلى المشهد السياسي بقوة بعد العملية العسكرية
الإسرائيلية على
غزة حسبما يرى محللون يؤكدون أن الحركة تحتاج إلى استثمار هذا الإنجاز بطريقة تسمح برفع الحصار المفروض على القطاع.
ودخلت تهدئة هشة في قطاع غزة يومها الثاني، الأربعاء، فيما يستعد وفدان إسرائيلي وفلسطيني لإجراء محادثات مهمة في القاهرة في محاولة لتمديد التهدئة المعلنة لمدة 72 ساعة والتي دخلت حيز التنفيذ الثلاثاء.
وبدأ العمل بالتهدئة في اليوم التاسع والعشرين لبدء الهجوم الإسرائيلي على غزة الذي أسفر منذ 8 تموز/يوليو عن استشهاد 1875 فلسطينيا ، فيما قتل من الجانب الإسرائيلي 64 جنديا وثلاثة مستوطنين.
ورأى مراقبون أن كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس سجلت "إنجازات ملموسة" في المواجهة العسكرية الدائرة مع القوات الإسرائيلية على جبهة حدود قطاع غزة، سمحت لها بتعزيز مكانتها إلى حد كبير.
وأكد عدنان أبو عامر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة أن "الحرب أعادت حماس للواجهة السياسية الإقليمية والدولية بقوة"، مشيرا إلى أن دولا كبرى من بينها الولايات المتحدة بإجراء اتصالات غير مباشرة مع الحركة بعد العزلة التي عانت منها على إثر إقصاء الرئيس
المصري محمد مرسي الذي أطاح به انقلاب عسكري في مصر والأزمة الاقتصادية الخانقة.
وأضاف أن الحركة حققت "إنجازات عسكرية غير متوقعة لكتائب القسام" مما سيسمح لها بجني "مكاسب سياسية".
من جهته، رأى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة غزة جمال القاضي أن "شعبية حماس تصاعدت فلسطينيا وعربيا بعد أن أوجعت إسرائيل".
أما مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، فقد رأى أن العملية العسكرية الإسرائيلية حققت أهدافا عكسية.
وقال "بدلا من الضغط على الفلسطينيين للثورة ضد حماس تبنى الناس الذين تضربهم إسرائيل بلا ذنب موقف حماس بضرورة إنهاء الحصار على الأقل لانهم يموتون ببطء والالتفاف حول المقاومة".
واعتبر وجيه أبو ظريفة أستاذ العلوم السياسية في جامعة فلسطين أن حماس "قدمت نموذجا لإدارة المعركة في وجه آلة القمع الإسرائيلية الهمجية واستطاعت كسب ود الشعب في التعبير عن مطالبه برفع الحصار".
وأضاف "رغم حجم الدمار المرعب، قرر الناس التضحية والموت بسرعة بدلا من الموت ببطء لكن يجب ضمان تحقيق إنجاز يوازي حجم التضحيات".
وقال جمال القاضي إن حماس يمكن أن تحافظ على مكانتها "إذا تصرفت بذكاء وبرغماتية في تحويل الإنجاز العسكري إلى سياسي اقلها رفع الحصار بالكامل".
وبعد أن أكد أنه يتوقع أن تتحسن العلاقة بين الحركة ومصر، أوضح انه "لا ينبغي أن تصر حماس على فتح معبر رفح لأنه يمكن حل قضية المعبر لاحقا مع مصر من خلال تحمل السلطة المسؤولية".
وتابع "على حماس أن تدرك انه "لا يمكن الحصول على كل شيء".
من جهته، قال وجيه أبو ظريفة أن أزمة حماس الإقليمية "لن تحل لأنها جزء من أزمة الإخوان المسلمين". وحذر الحركة الإسلامية من أن "تصاب بالغرور" داعيا إياها إلى إنجاز المصالحة مع منظمة التحرير الفلسطينية.
وأضاف أنه "مطلوب من حماس القيام بخطوات تثبت أنها حركة وطنية فلسطينية وان تبنت فكر الإخوان، عبر قطع أي صلة بالإخوان لأنها محظورة في دول عربية مثل مصر".
وتابع أن "هذا سيفتح الباب لتحسين العلاقة مع مصر ودعم وجودها عربيا لتكون جزءا من النظام السياسي الفلسطيني".
وبعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في انقلاب عسكري في تموز/يوليو 2013 بدت حركة حماس المنبثقة من جماعة الإخوان المسلمين معزولة وضعيفة، خصوصا مع تسلم عبد الفتاح السيسي العدو اللدود لهذه الجماعة مقاليد السلطة في مصر.
وسارعت السلطات المصرية إلى إقفال أنفاق التهريب بين قطاع غزة ومصر وتشديد فترات إغلاق معبر رفح ما أدى إلى خنق هذا القطاع اقتصاديا وهو الخاضع أصلا لحصار إسرائيلي خانق منذ العام 2006.
لكن أستاذ الفلسفة في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية مدير مؤسسة مواطن لدراسات الديموقراطية وحقوق الإنسان جورج جقمان رأى أنه "لا زال من المبكر الحديث عن ارتفاع أو انخفاض شعبية حماس لان الأمر سيبقى مرهونا بالنتائج من المفاوضات الدائرة" في القاهرة.
وأضاف أن "مطالب حماس والفصائل الفلسطينية لغاية الآن هي مطالب حياتية، فاذا تحققت هذه المطالب التي يشعر بها أهالي غزة فان هذا سيسهم في رفع اسهم حماس اكثر، أما اذا كانت نتائج هذه المطالب باهتة لا تتلاءم مع حجم التضحيات، فان هذا الأمر لن يسهم في رفع اسهم حماس بل على العكس".
وكانت منظمة التحرير الفلسطينية وحماس اتفقتا في 23 نيسان/إبريل لوضع حد للانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة منذ 2007، مما سمح بتشكيل حكومة وفاق وطني تضم شخصيات مستقلة.