لم تكن أم محمد لتعلم أن وداعها الأخير لابنها الأوسط ذو العشرين عاما سيكون في دائرة الطب العدلي في
الموصل، حيث ودعته وهو مسجى بدمائه بعد أن استهدفه صاروخ هو أصدقائه بينما كانوا يمارسون السباحة على نهر دجلة بالقرب من قلعة باشطابيا الأثرية في الموصل شمالي
العراق
فقد استهدفت أمس طائرة حربية حكومية تجمعا لشباب مدنيين قرب نهر دجلة في الموصل أدى إلى مقتل 9 أشخاص وجرح 18 آخرين معظمهم بحالات خطرة .
ويقول شهود عيان أنه في الساعة الخامسة والنصف عصرا قبيل موعد الافطار بساعات قليلة كان هناك تحليق مكثف للطيران الحكومي في سماء الموصل، موضحين أنهم قد تعودوا على ذلك منذ سيطرة
داعش على المدينة .
ويقول أحد الناجين من القصف: "بينما كنا نمارس السباحة كعادتنا في رمضان قبل الفطور وإذا بصاروخ يسقط بالقرب من النهر" مضيفا "بدأ الناس يركضون خوفا من استهدافهم بصاروخ آخر أو إصابتهم بالشظايا" ، مؤكدا أن مسلحي داعش لم يكونوا قريبين من المكان.
ويؤكد شاهد عيان آخر أن جثث الضحايا كانت مرمية على شاطئ النهر فيما هرع الناس بنقل الجرحى إلى مستشفيات المدينة، ويصف المشهد "رأيت بعيني الجثث وهي طافية على نهر دجلة والناس يحاولون سحبها إلى الشاطئ، رأيت دجلة وقد تحول لونه إلى الأحمر جراء دماء الضحايا" ويضيف "لم نكن ندرك أن هربنا من حر الصيف جراء انقطاع التيار الكهربائي في الموصل وذهابنا إلى النهر سيجعلنا نعيش لحظات مأساوية".
أهالي الضحايا أصابهم الذهول وهم يسمعون الأخبار حيث يقول أحد أقارب الضحايا "عندما سمعنا أن قصفا استهدف تجمعا للشباب في نهر دجلة، حاولت الاتصال بقريب لي لكنه لم يجب على الهاتف، هرعنا إلى مكان الحادث وبدأنا بالبحث عنه لكننا لم نجده، عاودنا الاتصال أكثر من مرة حتى رد علينا صوت غريب ويقول لنا أن "محمد " في الطب العدلي".
ويتابع قريب الضحية "محمد" أن أمه انهارت عندما رأته جثة في المستشفى، ويقول "كانت تنتظره للعودة للإفطار مع العائلة لكنه يبدو أنه سيفطر في دار أخرى".
ومن الجدير بالذكر أن نهار رمضان الشاق في الموصل جراء حر الجو وانقطاع التيار الكهربائي المستمر في المدينة منذ سيطرة داعش يجبر الكثير من الشباب للذهاب إلى نهر دجلة والسباحة هناك، فيما يذهب الكثير من العوائل في رمضان للإفطار بالقرب من النهر.
ومنذ ظهور أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش في الموصل، لم تتوقف الطائرات التابعة لحكومة
المالكي أو ما يعتقد أنها طائرات سورية أو إيرانية عن استهداف الموصل وأطرافها.