في كل مساء يقف المتحدث باسم الجيش
العراقي الجنرال
قاسم عطا، أمام مجموعة من الميكروفونات في غرفة اللقاءات الفخمة بالمنطقة الخضراء، كي يقدم للصحفيين وللشعب العراقي أخبارا عن آخر التطورات العسكرية.
وقالت صحيفة "
واشنطن بوست" إن التفاصيل مختلفة، ولكن "بعد أسبوعين من النزاع الذي يمزق العراق إلى أجزاء، أصبحت رسالته معروفة، فهناك مديح "لبطولة" القوات المسلحة التي يؤكد أن رجالها يقومون "بعمليات نوعية" ضد المتشددين من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وتظل أخباره مجرد تنويع على التطورات التي عادة ما تتناقض مع التقارير القادمة من الميدان".
وأضافت الصحيفة أنه "في الوقت الذي يقول فيه جنود كانوا يحرسون أكبر مصفاة للنفط في بيجي، إن المئات منهم فروا يوم الثلاثاء، وقام المتشددون بالسيطرة على معظم المنشأة، اكتفى عطا بالثناء على دفاع الجنود الرائع".
وقال عطا: "نؤكد أن المصفاة تحت السيطرة الكاملة وتحت حماية القوات الأمنية".
وقبل ثلاثة أيام من هذا الحادث، تم سقوط ثلاث بلدات في يد "المتشددين"، ما قوى من عملية تحركهم بين سوريا والعراق على أنه انسحاب "تكتيكي" من أجل تعزيز القوات في مكان آخر،، مؤكدا أن كل شيء على ما يرام، وأن القيادة تسيطر بالكامل على الوضع، بحسب رواية الصحيفة.
وتقارن الصحيفة بين رسالة عطا الإيجابية والمتفائلة، في الوقت الذي يقوم فيه "داعش" بتقسيم البلاد، وبين اللهجة التي استخدمها سعيد
الصحاف وزير إعلام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الذي أنكر تقدم القوات الأمريكية ودخول الدبابات للعاصمة بغداد أثناء غزو القوات الأمريكية للعراق.
وعلى خلاف الصحاف، فإن عطا يفتقد الأسلوب الهجومي والشخصية، ومؤتمراته الصحافية عادة ما ترفق بخرائط وصور فضائية وفيديو عن العمليات التي يقوم بها الجيش، وعادة ما تثير سخرية المشاهدين العراقيين.
وفي واحد من المؤتمرات الصحافية، حذر من أن "داعش" يقوم باستخدام سيارات الأجرة لنشر الشائعات وإضعاف الدعم الشعبي للحكومة.
وتأتي تصريحات الجنرال عطا في وقت انهار فيه الجيش العراقي وفقد القدرة على القتال، ويعاني
مما أسماه أحد المسؤولين الأمريكيين من "انهيار معنوي"، وليس غريبا أن تحاول القوات العراقية الحفاظ على المعنويات عالية.
ويوم الاثنين اتهم الجنرال عطا الإعلام بتجاهل جرائم "داعش" والتركيز بدلا من ذلك على قصص صغيرة عن الجنود الذين هربوا هنا أو هناك، مع أن ثلث عناصر الجيش العراقي فروا من وحداتهم في أيام، فيما وقعت مناطق واسعة في يد المقاتلين.
ويعتبر المؤتمر الصحافي واحدا من محاولات الحكومة الدعائية، والتي تقوم باستخدام آلتها لقمع المعارضين، حيث اتهمت منظمة صحافيين بلا حدود الحكومة العراقية بالتضييق على إعلام المعارضة، وقامت الحكومة بحجب "فيسبوك" و"توتير"، فيما تم إغلاق الإنترنت في بعض مناطق البلاد.
وأصدرت مفوضية الإعلام والاتصالات الأسبوع الماضي قرارا يحظر على المؤسسات الإعلامية إجراء مقابلات مع شخصيات مطلوبة للسلطات ونشر بيانات ورسائل من جماعات محظورة.
ويواصل تلفزيون العراقية الرسمي عرض الأغاني الوطنية التي يؤديها نجوم، ويواصل اتهام أثيل النجيفي؛ محافظ نينوى بتسليم الموصل للمقاتلين، وتظهر صور فيديو مركبة له مع "داعش".
وتنقل الصحيفة عن زياد العجيلي، مدير منظمة مراقبة حرية الصحافيين في بغداد قوله إن "هناك فشلا إعلاميا"، مضيفا أنه "ليس لديهم مراسلون في الميدان، ولهذا لجأوا للأغاني الوطنية والشعر لحشد الشعب وراء الحكومة".
ويقول إن إعلام المعارضة الذي قدم الأزمة على أنها ثورة قبلية، وغطى على جرائم داعش سيئ أيضا.
ورغم ما يتمتع به مؤتمر عطا من قصور، إلا أنه حدث يومي يُرحّب به، وبحسب العجيلي، ففي "الماضي، كانت تنسب الأخبار لمصادر مجهولة"، أما "الآن فلدينا على الأقل اسم، وهذا الاسم هو الجنرال هو قاسم عطا".