أعلن رئيس الوزراء
الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، السبت لأول مرة، أن المستوطنين الثلاثة الذين اختفوا منذ ليل الخميس الجمعة الماضي، "تم اختطافهم من قبل منظمة إرهابية" على حد تعبيره.
وبينما لم يتهم نتنياهو جهة محددة بالوقوف وراء عملية الاختطاف، وجهت وسائل إعلام إسرائيلية في تحليلاتها، أصابع الاتهام إلى حركة
حماس، التي لا تزال صامته بشأن القضية المثارة.
وكان 3 مستوطنين اختفوا، ليل الخميس الجمعة، من مستوطنة "غوش عتصيون" في مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية.
وفي مساعيها لتحديد الجهة التي يرجح وقوفها وراء حادثة الاختطاف، قدمت وسائل إعلام إسرائيلية عديدة قراءات للبيئة الأمنية الخاصة بمكان وقوع الحادث وهو مدينة الخليل.
صحيفة "يديعوت أحرونوت"، لفتت إلى أن مدينة الخليل، وفق تقديرات جيش الاحتلال الإسرائيلي، تعتبر معقلا لحركة حماس؛ حيث تتمتع الأخيرة بحضور جماهيري واسع في المدينة مكنها من حصد 70% من أصوات ناخبيها في انتخابات المجلس التشريعي (البرلمان)
الفلسطيني في العام 2006.
ويساند هذا الحضور الجماهيري لـ "حماس" في الخليل، تداخل معقد بين البنية العسكرية للحركة مع العائلات وعشرات الجمعيات الخيرية، خاصة تلك التي ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين منذ العام 1950.
هذا الوضع أعطى حركة حماس قدرة على تشكيل مجموعات عسكرية، حملتها "إسرائيل" المسؤولية عن قتل 300 إسرائيلي خلال الفترة ما بين عامي 2000 و2010.
"يديعوت أحرونوت" ذكرت، أيضا، أن حادثة اختفاء المستوطنين وقعت في ذات المكان الذي نفذت فيه "حماس" عملية اختطاف ناجحة لأحد الإسرائليين في العام 2005، حيث أخفته في منطقة صوريف المحاذية لمدينة الخليل، قبل أن تقوم بقتله ودفنه.
ورغم أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لم تتهم أي جهة محددة بالوقوف وراء عملية الاختطاف، إلا أن تحركاتها وتقديراتها السابقة تضع حركة حماس في دائرة الاتهام.
ففي إطار محاولتها للوصول إلى اقتفاء آثار المستوطنين المختطفين، شنت قوات الاحتلال منذ مساء الجمعة حملة اعتقالات ودهم وتفتيش في مدينة الخليل والقرى المحيطة بها، طالت في أغلبها كوادر حركة حماس، وفق ما نقلته القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي السبت، عن مصدر عسكري إسرائيلي.
ووفق القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي السبت، فإن "شابين فلسطينيين من حماس يجري البحث عنهما في الخليل بعد اختفائهما منذ ثلاثة أيام، لشكوك حول علاقتهما بعملية اختفاء المستوطنين الثلاثة".
وفي سياق توجيه أصابع الاتهام إلى حماس، بشأن واقعة اختطاف المستوطنين الثلاثة، قالت صحيفة"هآرتس" الإسرائيلية السبت، إن جهاز الأمن العام الإسرائيلي، سبق أن حذر من في تقرير له مطلع العام الجاري، من سعي حركة حماس إلى
خطف جنود، من خلال توجيهات تصدر من غزة لعناصرها في الضفة الغربية، تطالبهم بالقيام بعمليات خطف لتعزيز حضور "حماس" الجماهري، خاصة في ظل الضغوط عليها، بعد الإطاحة بالرئيس المصري الشرعي محمد مرسي وتولي الجيش سدة الحكم في مصر.
الأمن العام قال في تقريره، أيضا، إن التخطيط لمثل هذه العمليات يقف خلفه أسرى محررون، وأسرى من داخل المعتقل.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية العامة في تحليلها لما جرى في الخليل إن "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ما زالت تبحث في كافة الإحتمالات، وفي الوقت ذاته تضع كلا من حركة الجهاد الإسلامي وفتح في دائرة المتابعة على خلفية الحادثة".
سياسيون ومسؤولون إسرائيليون تهربوا، بدورهم، من الحديث عن تفاصيل عملية اختفاء المستوطنين، واكتفوا بتحليل البيئة المساعدة في دعم مثل هذه الأعمال.
في السياق، قالت عضو الكنيست الإسرائيلي، ميري ريغف، إن البيئة السياسية التي وفرتها المصالحة مع "حماس" كانت السبب وراء هذه الأعمال، وهذا ما يتحمله الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وأضافت في سياق مقابلة مع القناة الثانية الإسرائيلية، أن الرئيس عباس "يتحمل مسؤولية التطورات على الأرض".
هذا المعنى ذهب إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو في اتصاله الأخير مع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إضافة إلى تصريحات مماثلة لوزيرة الخارجية الإسرائيلي، أفغيدور ليبرمان.
المختص في الشأن الإسرائيلي والأسير المحرر في صفقة تبادل الأسرى في العام 1985، عمر البرغوثي، قال إن حركة حماس نفذت في الضفة الغربية سلسلة من عمليات الخطف، أهمها خطف الجندي الإسرائيلي نسيم توليدانو عام 1992، وعملية ناحشون فاكسمان في العام 1994 بالقرب من القدس، وكذلك اختطاف جندي إسرائيلي في العام 1995 قرب الخليل.
البرغوثي أضاف لوكالة الأناضول أن كل هذه العمليات وثلاث عمليات أخرى أفضت إلى قتل المختطفين وفشل المجموعة في الحفاظ على المختطفين.
وتابع: "هذه هي المرة الأولى التي يستطيع أحد خطف 3 إسرائيليين في الضفة الغربية وإخفاءهم".
وعن الجهة التي يرجح وقوفها وراء عملية الاختطاف، قال البرغوثي: "لا يمكن التكهن، وإن حاولت إسرائيل ملاحقة كوادر حماس".
وأشار إلى أن "إسرائيل" فرضت معادلة على الأسرى، إما الموت في المعتقل أو الإفراج عنهم عبر مبادلتين بإسرائليين مختطفين.
وقال مختتما تصريحه: "الإفراج عن الأسرى بات في سلم أولويات كافة الفصائل".