في مفاجأة لم يكن أحد من مؤيدي الإنقلاب العسكري في
مصر يتوقعها، شهد اليوم الأول من انتخابات الرئاسة إقبالا هزيلا بالرغم من الحملات الإعلامية المكثفة التي دعت المصريين للمشاركة طوال الأسابيع الماضية.
واختفت طوابير الناخبين التي اعتاد المصريون رؤيتها في كل الاستحقاقات الانتخابية التي تلت ثورة يناير عام 2011، وبدت معظم لجان الاقتراع في مدن مصر المختلفة خاوية إلا من عدد قليل من الناخبين.
وتجرى
الانتخابات يومي الاثنين والثلاثاء ودعي لها أكثر من 54 مليون ناخب، وسط إجراءات أمنية مشددة حيث تحولت مراكز الاقتراع إلى ثكنات عسكرية وأحيطت بالحواجز الحديدية والسواتر الترابية وانتشرت دوريات الجيش والشرطة في معظم الشوارع.
وفتحت اللجان الانتخابية أبوابها يوم الاثنين في التاسعة صباحا وأغلقت في التاسعة مساء، فيما يستمر التصويت يوم الثلاثاء من التاسعة صباحا إلى العاشرة مساء.
مقاطعة قاصمة للباطل
ودعت جماعة الإخوان المسلمين والتحالف الوطني لدعم الشرعية وحركات ثورية من بينها 6 أبريل إلى مقاطعة الانتخابات ووصفتها بأنها مسرحية هزلية.
من جانبه، أصدر التحالف الوطني بيانا مساء الاثنين أعلن فيه تقديره لمقاطعة الشعب المصري "الثورية" لانتخابات "رئاسة الدم".
وأشار التحالف في بيانه - الذي تلقت "عربي21" نسخة منه - إلى أن المقاطعة كانت قاصمة للباطل وجددت الثقة في الثورة ومكتسباتها الدستورية، ووضعت الانقلاب عند حجمه الطبيعي كقزم مشوه في نهاية أول أيام المسرحية الهزلية.
وقال التحالف إن "حكومة الانقلاب" تتحرك في اللحظات الأخيرة بمنح العاملين بالدولة إجازة إجبارية في محالوة يائسة لمواجهة المقاطعة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لتقدم دليل دامغ على نجاح المقاطعة الشعبية الواسعة مبكرا.
وحذر التحالف من "تزوير مرتقب" لإخفاء الحقيقة، عن طريق "حمل الصناديق سفاحا" بعد تركها في ظلام الليل في أحضان اللصوص الخونة حيث يتم التلاعب بالأرقام لإخفاء الفضيحة وحفظ ماء وجه الباطل، خاصة مع الانتهاكات العظيمة التي عززت بطلان الباطل.
وأشار إلى أن "الشعب المصري الأبي - خاصة شبابه البطل وحرائره المناضلات - أثبت بمعدنه الأصيل التفافه حول ثورة 25 يناير، ومكتسباتها وإصراره على استردادها".
حياة أو موت
من جهته، أكد محمد أبو حامد عضو مجلس الشعب السابق وأحد أعضاء حملة دعم السيسي، أن حشد الناخبين للمشاركة في للتصويت في ثاني أيام الانتخابات الرئاسية أصبح مسألة حياة أو موت.
وحذر أبو حامد من أن جماعة الإخوان المسلمين سوف تحشد لصالح المرشح الرئاسي حمدين صباحي.
بدوره، قال حاتم عزام نائب رئيس حزب الوسط - أحد مكونات تحالف دعم الشرعية – عبر تغريدة على تويتر - إن الثوار والرافضين للانقلاب لقنوا قائد الانقلاب الدموي عبدالفتاح السيسي وعصابته درساً قاسياً بالمقاطعة لمسرحية انتخابات الرئاسة.
وأضاف: "مقاطعة التصويت في اليوم الأول للانتخابات الرئاسية كانت ناجحة لعدم إضفاء شرعية على الانقلاب العسكري".
وأظهرت دراسة ميدانية قام بها المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام - تكامل مصر، أن "المشاركة في الانتخابات الرئاسية في اليوم الأول بلغت 10% فقط من المقيدين بالكشوف الانتخابية، وأن 41% مقاطعون للعملية، في حين أعلن 49% عدم اهتمامهم بالعملية برمتها".
وأكدت الدراسة عزوف الشباب عن المشاركة في الانتخابات مقابل ارتفاع نسب مشاركة كبار السن، موضحة أن إحساس المصريين بعدم أهمية صوتهم الانتخابي بعد الانقلاب يأتي كأهم أسباب عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية بنسبة 79%.
شرعية معلقة
من جهتها، أكدت حملة المرشح حمدين صباحي أن الإقبال في اليوم الأول من الانتخابات الرئاسية وحتى إغلاق صناديق الانتخاب جاء أقل من المتوسط، مضيفة أن خروج الشباب في نهاية اليوم ارتفع بنسبة المشاركة وأضاف إلى مرشحهم قوة جديدة.
وشددت الحملة على أن صباحي مازال طرفا قويا في المنافسة، وطالبت شباب مصر بالخروج في اليوم الثاني بأعداد كبيرة ليحسم المعركة لصالحه ولصالح برنامج الثورة والمستقبل الذي يحمله مرشحهم.
واعترف عبد الغفار شكر نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الانسان - المؤيد للانقلاب - بأن معدلات التصويت في الانتخابات كانت منخفضة وشكلت مفاجأة غير متوقعة للمجلس.
وأوضح شكر - في مداخلة هاتفية مع قناة النهار - أن معدلات التصويت في القرى والأرياف لم تصل إلى ربع المعدلات المعتادة، مشيرا إلى أنه لا يوجد عذر لأي مواطن ليتخلف عن المشاركة.
وتابع: "نستهدف مشاركة المواطنين بنحو 25 مليون ناخب على الأقل حتى تكون الشرعية الجديدة ذات تأثير شعبي وتعكس إرادة حقيقية"، موضحا أنه "إذا لم تزد أعداد المصوتين عن أعداد المشاركين في الانتخابات التي جاءت بالدكتور محمد مرسي العام الماضي فسيظل هناك نزاع حول شرعية منصب الرئيس".
وناشد المواطنين بالتوجه في اليوم الثاني إلى الانتخابات محذرا من أنه مالم يحدث ذلك فلن تستطيع الدولة مواجهة الإرهاب.
وحصل السيسي على 95% من أصوات المصريين في الخارج، لكن استطلاعا للرأي أجراه مركز بيو الأمريكي للأبحاث واستطلاعات الرأي أظهر أن 54% فقط من المصريين يؤيدونه.