قالت صحيفة "واشنطن تايمز" إن مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي (
أف بي آي) كان لديه عميل على اتصال بزعيم تنظيم
القاعدة الراحل أسامة بن لادن، ومنذ عام 1993.
وتقول الصحيفة إن ما توصلت إليه من معلومات جديدة لا يوجد في التحقيق الرسمي الذي قامت به لجنة من الكونغرس وصدر في كتاب مهم تحدث فيه عن الظروف التي أدت إلى هجمات أيلول/ سبتمبر عام 2001 في كل من نيويورك وواشنطن وراح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف شخص.
وحسب المعلومات التي أوردتها الصحيفة فقد اخترق "أف بي آي" شبكة بن لادن من خلال عميل له، علمت من خلاله أن زعيم القاعدة كان يبحث عن تمويل لعمليات يخطط لها ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
وجاءت المعلومات من خلال دعوى قضائية لها علاقة بقضية نزاع مرتبطة بموظف في المكتب شك فيه مرؤوسوه بأنه عربي مسلم، مع أنه كان يعمل في وحدة التنصت في المكتب ويحلل الرسائل الهاتفية، وهو في الحقيقة مسيحي قبطي. واستطاع
باسم يوسف وهذا اسمه تجنيد مخبر كان على علاقة مع الشيخ عمر عبد الرحمن، وهو شيخ مصري ضرير، والآن نزيل السجون الأمريكية لاتهامه بالوقوف وراء هجمات على مركز التجارة العالمي عام 1993. وسافر العميل للخارج والتقى قادة الجماعة الإسلامية واتصل مع أسامة بن لادن.
ومن خلاله استطاع مكتب التحقيقات الفدرالي في حينه منع هجوم على محفل ماسوني في لوس أنجلوس وذلك من خلال المعلومات التي استطاع استخراجها من عميله. وأخبر مسؤول سابق في مكتب "أف بي آي" في لوس أنجلوس إدورد كوران محكمة فدرالية قائلا إنه "كان المصدر الوحيد في المكتب الذي عرفت من خلاله أن لدينا مخبرا يعمل داخل القاعدة"، وذلك في قضية نزاع تقدم بها العميل السابق باسم يوسف ضد المكتب.
وقدم كوران الشهادة في عام 2010 أمام محكمة فارغة من المحلفين مما أدى لعدم إثارة الانتباه إليه. واكتشفت "واشنطن تايمز" الشهادة وهي تعمل على تقرير حول أصول ونشأة القاعدة.
ونقلت عن أعضاء في لجنة 9/11 التي فوضها الكونغرس للتحقيق في ظروف الهجمات أنهم عرفوا عن المعلومة مما يطرح أسئلة لم يتم إطلاع الأمريكيين عليها، واهتمام القاعدة المبكر بضرب الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال النائب السابق بيتر هوكسترا الذي ترأس لجنة الأمن الدائمة في الكونغرس ما بين 2004- 2007 "أعتقد أن هناك الكثير من الأسئلة حول المعلومات التي لم تظهر للعلن ولماذا لم يتم إطلاع لجنة 9/11 عليها أو لجنة الأمن في الكونغرس".
وأضاف أن هذا واحد من الأمثلة التي سيعطي المروجين لنظريات المؤامرة دليلا عليها، وقال "هذا ليس جيدا للمجتمع الأمني ولا لقوات فرض الأمن ولا للحكومة".
وبحسب النائب الديمقراطي السابق عن ولاية إنديانا لي هاميلتون والذي اشترك في رئاسة لجنة 9/11 مع الحاكم السابق لولاية نيوجيرسي توماس كين، فإنه لا يتذكر إن كان مكتب التحقيقات الفدرالي قد أخبرهم بهذه المعلومة وأنه كان يعمل مع بن لادن قبل 9/11 "لا أتذكر أن أف بي آي قد تحدث إلينا عن اتصالات مباشرة مع بن لادن".
والسؤال هو لماذا وكيف حذفت المعلومة من التقرير الشامل عن الهجمات؟ ويعلق مسؤولون في "أف بي آي" على ذلك بالقول إنهم لا يتذكرون بعد كل هذه السنين إن كانت المعلومة أخفيت عن لجنة التحقيق ولماذا لم تذكر، أو ربما لم يلتفت إليها فريق العمل أثناء عمله على عشرات الآلاف من الصفحات.
ويقول فيليب زيلكو الذي عمل نائبا لرئيس لجنة التحقيق في الهجمات "جمعت اللجنة والحكومة الأمريكية معلومات جيدة عن نشاطات الجماعات التي عرفت لاحقا بالقاعدة خلال السنوات الأولى من عقد التسعينات، عندما كانت الجماعة تخطط لعمليات في السودان ولم نركز كثيرا على هذه الفترة لبعدها عن التخطيط الذي قاد لهجمات 9/11". وحذر زيلكو الذي أكد مثل غيره أنه لم يطلع على هذه المعلومة من القراءة العميقة لها لأن كل نشاطات بن لادن منذ البداية كانت موجهة لأمريكا ونحو هجمات 9/11.
وأكد مكتب التحقيقات أنه متأكد من قيام المسؤولين فيه بتقديم كل ما لديهم من معلومات لأعضاء اللجنة وما توفر لديهم من معلومات عن مخطط عام 1993. وبحسب مايكل قرطان، المدير المساعد للمكتب "لقد قدم أف بي آي المعلومات المتوفرة للجنة 9/11 وللجنة الأمنية المشتركة، وخلال هاتين اللجنتين قدم أف بي أي الوثائق والمعرفة الشخصية من أجل تقديم كل المعلومات المتوفرة للجنة ومسؤولي التحقيق فيها".
وكان المحامي الذي يترافع نيابة عن يوسف قد استدعى كوران للشهادة في المحكمة عام 2010 ولكنه قال إن "أف بي آي" أخفى المعلومة لسنوات طويلة. وحتى المحامي ستيفن كون قال إن موكله تردد في أن يكشف عن المعلومة المثيرة، ولم تظهر إلا أثناء الشهادة لأنها "سرية". ويقول كون "شعرت بالصدمة عندما ظهرت، وكنت محبطا لأن "أف بي آي" قام بحجب المعلومة حتى لا يطلع عليها الناس"، مشيرا إلى أنه لا توجد هناك دواع لإخفائها عن الرأي العام، بل على العكس "كان ذلك إهانة للأف بي آي لأنهم اخفوا واحدا من أهم انتصاراتهم في مجال الحرب على الإرهاب، وحتى لا يعطوا الاستحقاق لباسم للعمل الذي قام به، ونتيجة لهذا لم يحصل أي من مسؤولي أف بي آي على الاستحقاق الذي يريدونه".
وكان باسم يوسف يعمل في المكتب، يراقب الهواتف وعمليات التنصت في وحدة تحليل المعلومات، وحكمت محكمة لصالحه في استئناف قدمه قبل أعوام من أجل مواصلة قضية تمييز ضده في العمل. وقدم الحكم لمسؤوليه في المكتب الذين أجبروا على الاعتراف أنه أعيق عن عمله لاعتقادهم أنه عربي ومسلم يجب الشك بولائه. ولكن يوسف كان عميلا حصل على الكثير من الميداليات جراء خدماته وهو في الحقيقة مسيحي قبطي.
وعندما قدمت القضية للمحكمة الفدرالية عام 2010 شهد كوران لصالح يوسف، وشرح الكثير من نجاحات العميل أثناء عمله مع الحكومة الأمريكية التي بدأت تلاحق الجماعات الجهادية في بداية التسعينات من القرن الماضي. ومن بين النجاحات إحباط هجمات على سفينة سياحية بريطانية ومحفل ماسوني في لوس أنجلوس.
وقال كوران إن يوسف استطاع بناء علاقة مع الشيخ عمر عبد الرحمن "الشيخ الضرير" الذي تتهمه الولايات المتحدة بأنه العقل المدبر لهجمات 1993 على مركز التجارة العالمي. ومن خلاله استطاع يوسف إرسال عميل خارج أمريكا التقى مع بن لادن شخصيا.
وقال كوران إن المصدر كان على علاقة وثيقة مع قيادة القاعدة التي كانت تعرف في حينه بالجماعة الإسلامية.
وعندما عاد المخبر للولايات المتحدة بعد لقائه المباشر ببن لادن، أخبر الشيخ الضرير أن بن لادن "قد حدد هدفا لتفجيره في لوس أنجلوس وكان محفلا ماسونيا".
وأشار كوران في شهادته بأن المخبر قدم معلومات عن خلايا إرهابية في كاليفورنيا.
وقال كوران في شهادته إن زوجة العميل قد تعاونت مع الـ "أف بي آي" من أجل إيهام زوجها أنهم يريدون ترحيله من الولايات المتحدة من أجل الضغط عليه للتعاون معهم.
وتم الكشف عن الخطة لتفجير المحفل بسبب المعلومات التي قدمها العميل. وتدعم شهادة كوران وثائق أخرى حول أداء العميل، والتي وإن لم تذكر طبيعة العلاقة بينه وبين بن لادن، لكنها توضح بشكل مفصل إن تجنيده وتطوير أساليب التحقيق أدت إلى إحباط المؤامرة في لوس أنجلوس. وقدم يوسف أجوبة على سلسلة من الأسئلة قدمت للمحكمة والتي وضح فيها دوره في تجنيد العميل الذي ساهمت معلوماته في إحباط عمليتين إرهابيتين والكشف عن خلايا إرهابية في كاليفورنيا.
وكتب يوسف قائلا إنه بدأ التحقيق في المعلومات في كانون الثاني/ يناير 1993، أي قبل شهر من الهجوم الأول على مركز التجارة العالمي، وأن شخصا مصريا كان مرتبطا بالخلايا الإرهابية في كاليفورنيا. وقال إنه رسم خططا للحصول على ثقة العميل بأسرع وقت ممكن "وخلال فترة التجنيد القصيرة كان من الواضح أن العميل في موقع يمكنه من تقديم معلومات ثمينة حول المهمة وحول الجماعة الإسلامية".