كتبت الدكتورة هبة حداد، مؤسسة مكتب رويال كلاس للبحوث والدراسات العليا في الكويت، أنه
في الوقت الذي ترقص فيه الفتيات مهمة من أجل
الحشد الإعلامي لحملة "مليار ثائر للعدالة وحماية المرأة
المصرية"، وهو شعار نسوي أجوف، وقفت مؤسسات العمل الحقوقي وحقوق الإنسان وحماية المرأة والطفل صامتة في حادثة تقييد امرأة معتقلة تعاني مخاض الولادة في عمود سريرها.
وتشير حداد، إلى مقطع فيديو، انتشر الليلة الماضية (السبت) على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، لفتيات ونساء يرقصن على وقع أنغام أغنية أمريكية تسمى "Break the Chain"، أو "أكسر القيد"، بمنطقة الكوربة بمصر الجديدة، القاهرة، ضمن فاعليات أقيمت حول العالم في إطار حملة تهدف لرفع الوعي في العالم حول قضايا الضرب والاعتداء على النساء، وفق إحصاء يقول إن واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض للضرب أو الاغتصاب، ويعني ذلك أكثر من مليار امرأة وفتاة في العالم.
وتقول إنه جميل أن نتذكر قضايا المستضعفات والمهمشات في المجتمع، ولعل من الواضح أيضا بمقطع الفيديو أن النسوة تجمعن بما يمثل مظاهرة صغيرة محدثات ضجة بالصوت، ربما تكون أقوى بكثير من الضجة التي أحدثتها مجموعة فتيات "7 الصبح" بالإسكندرية، اللواتي تم القبض عليهن بتهمة التخريب وتكدير الجو العام ! وصدر ضدهن بعد فترة قضينها بالسجن الاحتياطي حُكم بالسجن 11 سنة بشكل جماعي، وبعد أسبوع من الشحن الإعلامي سلبا (قنوات تدعم الانقلاب قدحت أيما قدح في سلوكهن "المشين"، على اعتبار أن حمل بالونات فعل مشين يخجل منه المجتمع ويحاسب عليه القانون)، وتم الإفراج عنهن، كلفتة مدروسة ليظهر النائب العام وكأنه رجل البر القانوني الذي يشفق لحال نساء مصر وإن أخطأن!!
وتضيف الكاتبة، أنه في الوقت نفسه، الذي ترقص فيه الفتيات بهمة من أجل الحشد الإعلامي لحملة مليار ثائر للعدالة وحماية
المرأة المصرية، وهو شعار نسوي أجوف، وقفت مؤسسات العمل الحقوقي وحقوق الإنسان وحماية المرأة والطفل صامتة في حادثة هي الأغرب في التاريخ، ربما لم تقم بها النظم الديكتاتورية الأعتى، بتقييد امرأة تعاني مخاض الولادة في عمود سريرها وهي في حالة مزرية ولا تكاد تعي شيئا !! فقامت بولادة طفلها وهي مصفدة ومكبلة، وتناولت جميع المحطات الإخبارية قصتها، فقام النائب العام أيضا "مشكورا" بإطلاق سراحها!! وهو الأمر الذي يستدعي السخرية ابتداء، إذ كان بمقدورهم بل ولزاما عليهم أن يطلقوا سراحها وفقا للقانون المصري، حيث أشار المستشار محمد وفيق زين العابدين على صفحته الشخصية على "فيسبوك" بالتالي: "بينما لا تمنع أي نصوص وضعية في الدول العربية والغربية على حد سواء حبس الحامل أو توقيع عقوبة عليها، فالشريعة تمنع عقابها بأي عقاب - ولو بالحبس - حتى تضع حملها، ولا يُكتفى بالوضع، بل تُمهل حتى تُرضع طفلها وتفطمه حتى يقوى وتستقر حالته الصحية والنفسية، وهو ما قد يصل إلى تأجيل تنفيذ العقوبة عليها لنحو سنتين أو أكثر من وضعها، وهذا من أبلغ معان الرحمة وأعلى القيم الحقوقية التي لم تسبق إلى معرفتها والاعتراف بها أي نظم وضعية لا في القديم ولا في الحديث".
ورغم إطلاقهم سراح تلك المعتقلة الأم "النفساء"، إلا أن استمرار سجن باقي النساء اللواتي اختطفن من الشارع معها باق، ولم يصدر ضدهن أي مذكرة قضائية أو جنائية إلى الآن!
وهو أمر يجعلنا نقف حائرين أمام تلك الفرقعات الإعلامية، بدعوى حرية المرآة والحفاظ عليها وعلى نفسيتها من الاعتداءات الجنسية والجسدية التي انتشرت وبقوة في السجون المصرية، وعلى يد قوات الانقلاب التي تُمعن في إذاقة هؤلاء المعتقلات ويل المرار النفسي و الجسدي سويا، كما أشار السيد إيهاب شيحة لقناة "الجزيرة مصر مباشر"، بحسب الكاتبة.
وتطرح الكاتبة السؤال المحير حقا: لم هذا السكوت على الممارسات العنيفة ضد المرأة المصرية والتنكيل بها لمجرد أن لها اختلافات في الرأي السياسي و البدء في تلك الممارسات الشاذة ضدهن في أقسام الشرطة والسجون الاحتياطية من تحرش خلال الشهور الماضية؟
وتنبه إلى أن الكيل طفح، وبات الوضع مزريا للدرجة التي أصبحت معها مناقشته على دوائر الإعلام العامة أمرا لا بد منه لاتخاذ إجراءات ضرورية ضد كل من تسول له نفسه العبث بمحظورات يحرمها الشرع والمجتمع. ولعل المنحدر الذي بدأت به ثورة سوريا إنزلاقها نحو الحرب والانقسام المجتمعي السحيق هو ممارسات نظام بشار القذرة في انتهاك أعراض النساء بالسجون تنكيلا بذويهن وإمعانا في إذلالهن وإذلالهم!
وتسأل: فهل ننتظر المصير ذاته؟ السؤال موجه بشكل خاص لأولئك النسوة اللواتي يرقصن في مقطع الفيديو بدون ترخيص لمظاهرة كما فرضوا على الجميع، وبالصخب الذي ربما في نظر مجتمع فقد بوصتله نحو الحق لا يرى أن رقصا كهذا لا ينقصه إلا "أميتاباتشان" لا يعكر الصفو العام !
وعلى صعيد آخر، تلفت إلى أننا نجد أن وتيرة الحديث المتزايدة عن التعذيب بالسجون المصرية لا تنبئ بخير، ليس لأنها دلالة على زيادة الوعي بأحوال المظلومين وتغليب الحس الإنساني على الاختلاف الأيدولوجي كما كنا نأمل، لكننا عندما نرى أبواقا تضامنت سابقا مع الجلاد لحش رقاب ذبائحه فتعود وتتحدث عن حقوق الإنسان وانتهاكات العسكر ضد المعتقلين في السجون بعد مرور أكثر من سبعة شهور على أسوأ كارثة إنسانية مرت على المصريين بالعهد الحديث، فسوف نفكر ألف مرة في مصداقية تلك النوايا، خاصة مع تزامن قيام متحدثي الحريات لفضح ممارسات السجون ضد معتقلي الليبرالين أو غيرهم، لكن لا مانع من أن يذكروا الآلاف ممن هم محسوبون على الإسلامين وجامعة الأزهر وغيرهم.... وهذا هو حديث
العدالة العرجاء.