أغلقت لجان الاقتراع أبوابها مساء الأحد في سفارات
مصر بدول العالم وسط إقبال ضعيف على المشاركة في
الاستفتاء على الوثيقة
الدستورية التي أعدتها لجنة الخمسين المعينة من العسكر، فيما اعتبره مراقبون تطورًا ينعش آمال رافض الانقلاب.
وبينما أقر مسئولون رسميون بقلة نسب المشاركة، وارتبكوا في تقديم تفسير لذلك، قال معارضون إن الانقلاب تلقى صفعة قوية من المصريين بالخارج، وخسر الرهان الأول على مشاركتهم في الاستفتاء، بينما نظم مصريون احتجاجات أمام سفارات عدة بعواصم أوروبا، والولايات المتحدة، ودول أخرى.
أرقام ومؤشرات
وأكد السفير حمدى لوزة نائب وزير الخارجية، خلال مؤتمر عقدته اللجنة العليا للانتخابات حول الترتيبات الأخيرة للاستفتاء على الدستور الإثنين، أن عدد المصريين الذين صوتوا فى الخارج بلغ 103 آلاف.
ومن جانبه قال السفير بدر عبد العاطى المتحدث باسم وزارة الخارجية، فى مداخلة تليفزيونية الإثنين، إن عدد المصريين المقيمين بالخارج، الذين أدلوا بأصواتهم فى استفتاء "الدستور الجديد"، يفوق من صوتوا فى عام 2012، لكنه لم يعط أي أرقام تعضد تصريحاته حول تزايد هذا الإقبال.
ورد عليه موقع "الحرية والعدالة" بتأكيد أن 14% فقط من المصريين المسجلين في جداول القيد بالخارج شاركوا في الاستفتاء مقارنة بنسبة 42% صوتت على دستور 2012.
واعتبر الموقع أن الانخفاض الشديد في نسب المشاركة، أربك قادة الإنقلاب، واضطرهم إلى الإسراع بالظهور المكثف إعلاميًا في محاولة يائسة لإنقاذ المشهد، وهو ما يؤكد نجاح حملات المقاطعة بالخارج، والمتوقع نجاحها داخل مصر، بحسب "الحرية والعدالة".
وأعلن عدد من السفارات المصرية نتائج الاستفتاء، واقتربت النسبة العامة لمن قالوا "نعم" حتى الآن من 95%، إذ تراوحت نسبة الموافقة على التعديلات الدستور بين 92% و100%.
وأقر عفيفي عبد الوهاب، سفير مصر في السعودية، بأن نسبة التصويت لم تتجاوز 14% من عدد المصرين المسموح لهم بالتصويت بالسعودية، فيما بلغت نسبة تصويت المصريين على الدستور في قطر نحو 17%، وفي السودان 16%، وفي روسيا 18%.
استفتاء الخارج سقط
وقال "التحالف الوطني لدعم الشرعية" -في بيان أصدره الإثنين- إن الانقلابيين خسروا جولة جديدة أمام الشعب وثورته المتصاعدة، بسقوط مدوٍ لـ "وثيقته السوداء الباطلة" تحت أقدام المصريين بالخارج، مضيفًا أن "صدمة الهزيمة المبكرة" أخرجت زعيم الانقلابيين -في إشارة للسيسي- من مخبئه في مشهد سينمائي جديد، وسط تدابير قمعية للانتقام من الشعب المصري.
وكان وزير الدفاع، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، دعا الشعب المصري للمشاركة في الاستفتاء على الدستور بكثافة، وإبهار العالم، مؤكدًا -في لقاء جمعه يوم السبت بضباط الجيش، وبحضور سياسيين وإعلاميين وفنانيين- "إن العالم يترقب هذا الاستفتاء ليرى حجم مشاركة المصريين فيه".
وأكد التحالف، في بيانه، أنه رصد استجابة عالية للمقاطعة في ربوع مصر، وأنه يعتبرها بشارة خير، ودعمًا لعزم الثوار للمضي قدمًا في طريق الثورة حتى النصر الكامل".
ووجه البيان رسالة للمصريين في الداخل بالقول: "حان دوركم في الداخل لاستكمال مشهد إسقاط "استفتاء الدم"، بحشود حضارية سلمية، ومقاطعة مهيبة يشهد لها العالم"، مشيرًا إلى وجود نية لتزوير الاستفتاء بطريقة ممنهجة".
ودعا البيان الثوار إلى تنظيم المظاهرات بعيدًا عن لجان الاقتراع، لتفويت الفرصة على الانقلابيين الذين يجهزون لمذبحة جديدة تطوال الجميع لاستكمال سرقة الوطن"، بحسب تعبيره.
الخارجية تراوغ
وأكد وزير الخارجية نبيل فهمى، أن نسبة المشاركة فى الدول غير العربية جاءت على مستوى ما كان يحدث فى الماضى نفسه، أو أكثر من ذلك، على الرغم من إلغاء التصويت البريدى، وهو ما يعد إنجازًا فى حد ذاته.
وقال إنه بالنسبة للدول العربية فإن النسب متفاوتة نتيجة لعدم وجود تصويت بريدى. لكن الوزير لم يذكر أن نصف عدد المصريين فى الخارج يتواجدون في السعودية فقط، كما أن دول الخليج تضم 83% من إجمالي من يحق لهم التصويت في الخارج.
وقلل المتحدث باسم وزارة الخارجية من أهمية تلك المؤشرات قائلا إن انخفاض التصويت في الخارج لا يقلقنا لأنه ليس مؤشرا على التصويت في الداخل".
وقال إيهاب حمودة، سفير مصر بالإمارات، إن نسبة التصويت أقل من الاستفتاء الماضي بنحو ألفي صوت بسبب إلغاء التصويت بالبريد، فيما أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية أنه تم إلغاء التصويت بالبريد لضمان عدم الطعن على نزاهة الاستفتاء.
وشارك نحو 42% من الناخبين المصريين المسجلين في الخارج في التصويت على استفتاء 2012، حيث أدلى أكثر من 246 ألفًا بأصواتهم من بين نحو 587 ألفًا كانوا مسجلين في قواعد بيانات الناخبين آنذاك.
مشاهد مطلوبة
ويقول مراقبون إن وسائل الإعلام المصرية المؤيدة للانقلاب تركز في تغطيتها لتصويت المصريين في الخارج على نسبة الموافقة على الوثيقة دستورية التي تراوحت بين 80% و100% مع إغفال واضح لذكر أعداد المصوتين، ونسب المشاركة؛ لتجنب مقارنتها بما شهده دستور 2012.
ونقل موقع "الحرية والعدالة" عن شيماء بهاء الدين الباحثة في العلوم السياسية، قولها إن الإقبال المتدني للمصريين بالخارج على الاستفتاء سيتكرر عند التصويت في الداخل إذا لم تلجأ سلطات الانقلاب إلى التزوير، باعتبار استفتاء الخارج بمثابة عينة عشوائية من استفتاء الداخل.
وقالت نرمين عبد السلام المدرس في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، إن نتائج الاستفتاء ونسب المشاركة فيه، مُعدة سلفًا، لكن سلطة الانقلاب، تحتاج إلى مشاهد طوابير الناخبين لتصويرها، والإدعاء بأن الشعب المصري يؤيد الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي.