هل تضحك في سرك على عنوان المقالة؟ لا تُخْفِ ضحكتك، فالكاتب لا يهتم برضاك أو سخطك، كما أن ضحكك لا يستفزه، ليس تعاليا، بل هي مسألة تعوّد ليس أكثر، فقد تعود هذا الكاتب سخرية وضحك الناس في عهود سابقة بَشَّرَ بانتهائها قبل زوالها بسنوات طوال، وكان الجميع يضحكون منه مثلك.
بعد الانقلاب سيأتي صلح، ستتصالح
مصر مع ذاتها، تماما كما حدث في ميدان التحرير في أيامه الأولى، ولكن كم من الدماء سينزف الوطن قبل هذا الصلح؟ الإجابة عند قادة الانقلاب.
حراك الشارع بعد أكثر من ستة شهور يظهر أنه لا آخر له، بل المتوقع أن تنضم فئات مجتمعية أخرى لهذا الحراك خلال الأسابيع القادمة، بعد أن يكتشف مئات الآلاف من الموظفين والعمال أن وعد الحكومة بحد أدنى للأجور ليس أكثر من كلام مدهون بزبد الليل، وها هو نهار الانهيار الاقتصادي يسيح زبد الليل...!
الذين يغمضون أعينهم عن حقيقة تأزم الوضع سيفتحون أعينهم قريبا، والذين يغمضون أعينهم عن حقيقة أن وضعا جديدا على وشك أن يخلق على أرض الواقع بعد استفتاء
الدستور الجديد سيواجهون وضعا صعبا.
الحقيقة أننا أمام أيام فاصلة، لو مر دستور الانقلاب فليس معنى ذلك أن الأمور قد حسمت، فقد مر دستور سابق في مثل هذه الأيام من عام مضى، ورغم ذلك سقط النظام، ووُضِع كثير ممن صاغوه في السجن.
هذا مربط الفرس، السجن، والإعدام...!
هذا هو جوهر المشكلة، الكل خائف من لحظة الحساب، وكلما زاد الخوف، كلما زاد العنف، وكلما زاد العنف، كلما ازداد الدم، وكلما ازداد الدم، يزداد الشارع اشتعالا وتصميما على القصاص، وكل ذلك يدفع من في سدة الحكم إلى مزيد من التمسك بالحكم خوفا من لحظة المحاسبة تلك.
مهما فعل أهل الحكم ستأتي لحظة المحاسبة، ومهما أجلوها فهي قريبة، ومهما اطمأنوا فهم قلقون، ومهما تظاهروا بالقوة فهم ضعفاء.
بالأمس سقط ما يقرب من عشرين شهيدا في عدة محافظات مصرية، في يوم جمعة عادي، وهذا ينبئ بحقيقة صلابة الحراك الموجود في الشارع المصري، إنه ذلك الحراك الشعبي الصامد، الذي لا يخاف الشرطة ولا الجيش ولا
البلطجية ولا قانون التظاهر، إنه ذلك الحراك الذي لن يوقفه إقرار الدستور، ولا تصالح مع الإخوان لأنهم لا يتحكمون فيه، إنه نضال لا يهاب إرهاب المدرعات، ولا ضجيج التلفزيونات، إنه ذلك الحراك الذي لن يقف إلا بمرحلة انتقالية جديدة تؤسس لدولة مدنية يكون المصريون فيها سواسية، لا فضل لعسكري على مدني، ولا لغني على فقير، ولا لمسلم على مسيحي، ولا لرجل على امرأة، ولا لكبير على صغير.
ما زلت تضحك؟
انت حر، ولكن تأكد أن هذا الانقلاب ليس أكثر من جثة، ونحن بصدد استخراج شهادة الوفاة، ولن تكون تلك الوفاة بالتوسل لجنرال آخر بإعلان بيان رقم واحد مرة أخرى...! هذه المرة ستكون الكلمة للشعب.
من الأفضل للجميع أن يفكروا في إجابة هذا السؤال "ماذا بعد الانقلاب؟"، لأننا سنكون مطالبين بإجابة خلال عدة أيام أو أسابيع أو شهور على أقصى تقدير.
ما زلت تضحك؟
اضحك...!
موقع الكتروني : www.arahman.net
بريد الكتروني : arahman@arahman.net