أثار قرار السلطات البريطانية بتسليم
الجزائري رفيق
عبد المؤمن خليفة المتهم الرئيس فيما يعرف بالجزائر بـ"
فضيحة القرن"، ردود فعل "مشيدة" بالقرار وان تباينت مواقف المحامين الذين كانت لهم مرافعات في القضية، وفقا لجلسات المحاكمة التي تمت العام 2007 في غياب المتهم الرئيسي.
وكان وزير العدل الجزائري الطيب لوح قد أعلن الثلاثاء أن الحكومة الجزائرية ستتسلم المتهم الرئيسي في "فضيحة القرن" أو "قضية عبد المؤمن خليفة" صاحب "
بنك الخليفة" سابقا، بعد قرار السلطات يوم الأحد بترحيله إلى الجزائر.
وصرح الطيب لوح على هامش مصادقة نواب البرلمان على تعديلات قانون العقوبات، ان " كل طرق الطعن بالنسبة لإجراءات التسليم استنفذت بالنسبة لقانون الداخلي لمملكة المتحدة، و كان آخر طعن قد رفض بتاريخ 3 كانون الأول/ ديسمبر من العام الجاري".
وأضاف لوح انه "من المفروض أن يقع التسليم وفقا للإجراءت القانونية قبل آخر هذا الشهر، أي 31 كانون الأول/ ديسمبر، إذا لم يكن هناك طعن أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" كما أكد "حينذاك سنضمن للمتهم محاكمة عادلة، وفقا لما هو منصوص عليه في القانون".
وكان رفيق عبد المؤمن خليفة مالك "بنك آل خليفة" فر إلى
بريطانيا في آذار/ مارس 2003، مباشرة بعد قرار الحكومة الجزائرية القيام بتحقيقات معمقة في عمليات اختلاس وتبديد أموال عمومية، بلغت قيمتها مليار ونصف مليار دولار.
واعتقلت الشرطة البريطانية عبد المؤمن خليفة عام 2006 بناء على طلب الحكومة الجزائرية وطلب آخر تقدمت به وزارة العدل الفرنسية، باعتبار أن عمليات الاختلاس كانت مرتبطة أيضا بشخصيات وبنوك فرنسية.
وحكمت محكمة البليدة، جنوب العاصمة الحزائرية، في نيسان/ ابريل 2007، بالسجن المؤبد في حق عبد المؤمن خليفة بتهمة تبديد المال العام و الاختلاس. كما أدانت المحافظ السابق للبنك المركزي عبد الوهاب كرمان، المتواجد حاليا في فرنسا، بالسجن 20 سنة.
ومثل العديد من المسؤولين في تلك المحاكمة أمام القاضي، لكن الأحكام طالت في النهاية وفي مجملها المسؤولين الصغار في شتى المؤسسات العمومية التي أودعت أموالها في "بنك الخليفة"، بتهمة التواطؤ في تبديد المال العام.
وقال المحامي خالد برغل، أحد ممثلي هيئة الدفاع في محاكمة الخليفة عام 2007، لـ"عربي21" إن قرار بريطانيا بتسليمه "تتويج لمسار قام به فريق من وزارة العدل"، وأضاف قائلا: "إن القضاء البريطاني توصل إلى هذا القرار بعد التأكد بأن عبد المؤمن متهم في قضية جنائية لا علاقة لها بالسياسة، وليس متهما من أجل الرأي".
وتسود شكوك في الأوساط الحقوقية بأن أطرافا يفترض أنها متورطة مع المتهم ستعمل على عدم ترحيل المعني إلى الجزائر خوفا من فضيحة أثناء محاكمته بالجزائر، لكن برغل استبعد هذه الفرضية. وقال إن "الجزائر بسلطاتها القضائية بأمسّ الحاجة إلى هذا الشخص لتثبت للرأي العام الوطني و الدولي انه ليس لديها ما تخفيه".
وقال أيضا: "إن كان هناك اعتقاد بأن المتهم سيفضح مسؤولين يفترض تورطهم معه في قضايا فساد، فأقول إن المعني كانت له الفرصة ليقوم بذلك، ويقحم في التحقيقات أسماء شركاء لهم، لكنه لم يفعل وأعتقد انه لا يوجد أسماء في الملف سواء في الضبطية القضائية أو في ملف البنك الجزائري، وبالتالي لا يوجد دليل على تورط مسؤول معين، ولكن ما حدث أنه كانت هناك إخلالات إدارية في الرقابة وتدابير وقائية لم تراع".
في السياق ذاته، قال فاروق قسنطيني، محامي المتهم الرئيسي في الفضيحة عبد المؤمن خليفة، لـ"عربي21" إن " قرار السلطات البريطانية بترحيل المتهم إلى الجزائر يدل على أن العدالة البريطانية أصبحت لها ثقة في العدالة الجزائرية، وإن لم تكن لها ثقة لما قررت ترحيله".
وتابع قسنطيني: "من حق عبد المؤمن خليفة الدفاع عن نفسه أمام العدالة الجزائرية، كما أنه يتمتع بالحق في قرينة البراءة"، وقال: "الأمور ستسير بصفة عادية، وبهذا يمكننا التخلص من ملف عمر سبع سنوات وصار عبء على كاهل الدولة والقضاء والرأي العام، وسيوضع حدا لتعليقات لم تنته".
ويرى نور الدين بن يسعد، رئيس "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان"، أن قرار السلطات البريطانية "قد يكون سببا في تأجيل جلسات المحاكمة التي كان يفترض بدؤها بمحكمة الجنايات بالبليدة شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، دون ذكر التاريخ المحدد ودون ذكر الأسباب". أما بشأن ما إذا كان للمتابعة القضائية الفرنسية الموازية ضد عبد المؤمن خليفة تأثير على تسليمه للجزائر، أفاد بن يسعد لـ"عربي 21" أن " الدولة التي تقدمت بطلب التسليم أولا هي من تستلمه"، واعتبر ان " القضاء البريطاني ينظر كذلك إلى الدولة التي لا تطبق عقوبة الإعدام وكذلك تنظر إلى العدالة إن كانت مستقلة أو غير مستقلة".