حذر
الأمير تشارلز (ولي عهد
بريطانيا) من أن الجسور بين
المسيحية والإسلام يتم هدمها وسط تنامي التهديد والاتهام والقمع.
ففي مداخلة ركزت على معاناة مسيحيي الشرق الأوسط قال الأمير تشارلز إن العلاقة بين
الأديان في أزمة ودعا إلى نهاية "للجهل وسوء الفهم"، والذي قال إنه قضى عقودا يحاول تبديده.
وقال الأمير تشارلز، بحسب تقرير في صحيفة التايمز: "من الواضح لدي أننا لا يمكن أن نهمل واقع المسيحيين في الشرق الأوسط، والذين يهاجمهم الأصوليون الإسلاميون المتطرفون بشكل متزايد(..) فالمسيحية ولدت في الشرق الأوسط، وعلينا ألا ننسى إخواننا وأخواتنا في المسيح هناك".
وتبرز أهمية تصريحات الأمير تشارلز من زاوية أنه كان المسؤول الغربي الأكثر تسامحا مع المسلمين، والأكثر تعبيرا عن الإعجاب بالإسلام؛ إلى درجة سريان شائعات بين حين وآخر حول إسلامه. كما تشير من زاوية أخرى إلى مدى تأثره بالدعاية التي تأتي من أوساط مسيحية مشرقية، بما فيها الدعاية الروسية، التي تتحدث عن استهداف للمسيحيين، الأمر الذي يبدو كما يرى قادة إسلاميون مبالغا فيه من جهة، لكن بعضه يأتي نتاج موقف سلبي من طرفهم حيال الربيع العربي بشكل عام، وحيال ثورة سورية بشكل خاص، وهو ما يفسره الإسلاميون بهواجس طائفية نتيجة صعود الإسلاميين خلال الثورات وبعدها.
وتنقل التايمز عن الأمير قوله خلال المداخلة "إنني حاولت بناء الجسور بين الإسلام والمسيحية على مدى عشرين عاما وتبديد الجهل وسوء الفهم، لكن المهم أننا وصلنا الآن إلى أزمة، حيث بدأ هدم الجسور بشكل متعمد بأيدي من لهم مصالح في ذلك، ويتم هذا بالتهديد والتهم المزورة والقمع المنظم للمجتمعات المسيحية، ومن ضمنها التي تعيش في الشرق الأوسط في الوقت الحاضر".
وكان الأمير يتحدث بحضور القيادات الدينية الشرق أوسطية مع رئيس أساقفة كانتربري وأسقف لندن في كليرنس هاوس (سكنه الرسمي في لندن)، وذلك بعد يوم من لقائه المجتمع القبطي والسوري الارثوذكسي في هارتفوردشاير ولندن.
وقال إنه، ولفترة يعاني من القلق الشديد بسبب المشاكل المتنامية التي تعاني منها المجتمعات المسيحية في المنطقة. فبالرغم من كونها مهد المسيحية فإن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يحتويان على أقل نسبة من المسيحيين في العالم حيث لا يزيدون عن 4 في المائة.
وأراد الأمير الذي طالما دافع عن المسلمين في بريطانيا أن يلفت الإنتباه الى معاناة المسيحيين في الخارج.
بدوره أقر الأمير غازي بن محمد، مستشار الملك عبدالله الثاني ملك الأردن للشؤون الثقافية ومبعوثه الخاص، بسجل الأمير تشارلز في الدفاع عن المسلمين وقال: "بما أن المسلمين بشكل عام يستطيعون العيش بكرامة في الدول ذات الأكثرية المسيحية، فيجب عليهم أن يناصروا حق المسيحيين في العيش بكرامة في الدول ذات الأكثرية المسلمة". وأضاف أنه وعلى مدى العشرة أعوام الأخيرة وقع المسيحيون في الشرق الأوسط تحت نوع جديد من التهديد. ففي الفترة التي أعقبت حرب 2003 على العراق حيث ربطت الجماعات الأصولية كالقاعدة بين المسحيين العراقيين والغزو والإحتلال الغربي.
وفي سورية يتعرض المسيحيون للتهديد والإضطهاد من الجماعات نفسها، والتي تحارب نظام الأسد حيث كانت الكنائس ورجال الدين هدفا لهم. كما وقعت إعتداءات خطيرة على المسيحيين في مصر.
بدوره قال الأسقف أنجيلوس، أسقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في لندن، والتي زارها الأمير: "بينما نقترب من عيد الميلاد يجب علينا أن نتذكر أن الكثير من الناس في الشرق الأوسط يعانون بسبب الحروب والنزاعات، ولكن، وكما قال الأمير اليوم إن مسيحيي المنطقة يتحلون بالإيمان وقدرة التحمل رغم المحن التي تواجههم".
يذكر أن الأمير تشارلز معروف بعمله على بناء الجسور بين الإسلام والغرب ففي خطاب في جامعة الأزهر بالقاهرة عام 2006 قال: "قد نعاني من ضعف إنساني يجعلنا ننتقد ونتنافس مع بعضنا البعض. ولكن ما يجمعنا كأصحاب ديانة يدعونا لتجاوز هذا (الضعف) إلى الإحترام المتبادل والتفاهم".