تشهد الساحة السياسية في
مصر ارتفاع الأصوات المعارضة للسلطة الحالية من جانب قوى وأحزاب كانت منذ أسابيع قليلة تقف متوحدة في خندق واحد ضد جماعة الإخوان المسلمين.
وحتى القوى المشاركة فيما سمي "تنسيقية 30 يونيو" والتي يظهر من اسمها تأييدها للانقلاب، بدأت في الانتقاد القوي للحكومة، وشاركت في عدة احتجاجات ضد
قانون التظاهر والممارسات القمعية للشرطة، انتهت باعتقال عشرات النشطاء السياسيين من أعضاء تلك القوى.
تنسيقية 30 يونيو تحتج
وقال بيان للتنسيقية - التي يشارك فيها الحزب المصري الديمقراطي والمصريين الأحرار والحزب العربي الناصري وحزب الجبهة الديمقراطي وحركة كفاية - تعليقا على قانون التظاهر: "لا يمكن أن يؤيد هذا القانون الا مستبد أو كاره للتغيير أو ملتصق بالسلطة، فلا مبرر ولا داعي له إلا اذا كان المطلوب هو وقف حركة الشعب المصري ومطالبه العادلة فى التغيير".
واعتبرت أن الحكومة تحيد عن مسار الثورة، وأنها تتبع "منهج الغباء" الذى أسقط الحكومات السابقة، من اعتداء على النشطاء وممارسة العنف، كما انتقدت اعتقال النشطاء وقالت إنه يعطي مؤشرات قوية على نية إعادة الدولة البوليسية القمعية، محذرة من أن الحكومة ستدفع الثمن كما دفعته الأنظمة السابقة إن لم تتراجع عن هذا القانون.
ويوم الاثنين الماضي اعتقلت الشرطة ثلاثة نشطاء من تنسيقية 30 يونيو بتهمة رسم جرافيتي، وأعلنت التنسيقية عن أسفها من الوضع الذى وصلت إليه الحياة السياسية فى مصر ومصادرة الحق فى التعبير والذى يستخدم ضد كل من يمارس العمل السياسى حتى أولئك الذين شكلوا جزءا من حلف 30 يونيو.
وقالت التنسيقية في بيان لها إن الممارسات الاستبدادية طالت الكوادر الحزبية والشبابية من مختلف الاتجاهات حتى المعروف موقفها الرافض لحكم الإخوان والداعية إلى مظاهرات 30 يونيو، وإن تلك الممارسات سوف تعيد تقسيم الشعب مرة أخرى وسوف تدفع كتل ثورية لمواجهة النظام من جديد، مشيرة إلى أن "الفاشية العسكرية ستقف عائق أمام أي تطور سياسى وتعيد رسم التحالفات السياسية من جديد ضد السلطة الحالية".
شروخ 30 يونيو تتسع
وقال عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة الشروق، إن الجبهة العريضة من القوى السياسية التي شاركت في عزل الرئيس محمد مرسي آخذة في التفكك، بعد التحاق الحركات الثورية بالمعارضة، وحتى حركة تمرد التى كانت الداعي الرئيس لمظاهرات 30 يونيو أعلنت فروعها في عدة محافظات حل نفسها والعودة لصفوف الثوار، اعتراضا على ابتعاد الحكومة عن نهج الثورة.
وأشار إلى أنه لم يتبقَ في معسكر 30 يونيو سوى فلول نظام مبارك والجيش والشرطة اللذين يلعبان دور رأس الحربة فى التصدى للإخوان وأنصارهم، لكن بعض ممارساتهما تجعل مؤيدوهما في الداخل والخارج يشعرون بالإحراج ويدفعون ثمنا سياسيا كبيرا بسبب ممارساتهما القمعية.
من جانبه، أكد عبد الله السناوي القيادي الناصري أن الشروخ بين حلفاء "خريطة الطريق" تتسع، وقد تؤدي لانهيار التحالف بأكمله إذا ارتفعت درجة الإحباط الذي تسجله استطلاعات الرأى العام، فيما لا زالت جماعة الإخوان المسلمين تتمتع بظهير شعبي يساندها فيما تسعى إليه من تقويض الحكومة الحالية.
وطالب السناوي السلطات بوقف التنكيل بالنشطاء السياسيين السلميين حتى لا تفقد الرضا الشعبى النسبي الذي حازته بعد 30 يونيو، مشيرا إلى أن الممارسات القمعية يثير شكوكا حول عودة الشرطة إلى صورتها القديمة التى استدعت الثورة عليها فى 25 يناير.
على نهج الديكتاتور
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن نسبة المعارضة للحكومة المؤقتة في مصر ولوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي باتت في تزايد مستمر، حتى هؤلاء الذين فوضوه للتصدي لجماعة الإخوان المسلمين، أصبحوا معترضين وبشدة على السياسة القمعية الحالية.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها إنه بعد اعتقال عدد من النشطاء السياسيين الذين لا ينتمون للإخوان بات الهدف واضحا، وهو السير على نهج الديكتاتور مبارك وإخراس أي معارضة.
وفيما اعتبره البعض خطوة تصعيدية من السلطة الانتقالية في مصر ضد نشطاء سياسيين محسوبين على ثورة يناير، تم حبس مؤسس حركة "6 إبريل" أحمد ماهر وعلاء عبد الفتاح وأحمد دومة ومحمد عادل لاتهامهما بخرق قانون التظاهر والتعدي على رجال الشرطة.
وقالت وكالة آكي الايطالية للأنباء إن مشاعر القلق في دوائر صنع القرار الأوروبية تتزايد بسبب التجاهل الواضح لحقوق الإنسان والحريات في مصر، وأن الاتحاد الأوروبي تابع ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية من أحكام على فتيات بتهمة التظاهر والتحريض وملاحقة الناشطين وإصدار قانون التظاهر.
وقالت إنه أصبح لافتا للنظر أن أحزابا والمنظمات المدنية التي وفقت ضد الإخوان المسلمين خلال فترة حكمهم العام الماضي وطالبت
الجيش بالتدخل لإبعاد الجماعة عن السلطة، تتعرض حاليا لملاحقات من قبل الجيش.