"لقد زال خطر
إيران"، هذا ما يعتقده الكاتب الاسرائيلي باروخ لشيم.
ويضيف لشيم في مقال نشرته صحيفة "يديعوت ارحنوت" الاربعاء أن "التجربة التاريخية تلعمنا أن دولا كانت تُرى غير عقلانية كالصين وكوريا الشمالية أصبحت عقلانية بعد أن حصلت على سلاح ذري. فمنذ اللحظة التي انضمت فيها الى توازن الرعب فضلت أن تحل نزاعاتها مع دول اخرى بوسائل سياسية. ويبدو أن ذلك يصح على ايران ايضا.
وفيما يلي نص المقال:
عُدّ البروفيسور روبرت أوبنهايمر، الفيزيائي الأمريكي – اليهودي، أبا القنبلة الذرية التي استُعملت في 1945 في هيروشيما وناغازاكي، وقد بدأ بعد أن تلقى تقارير عن قوة الدمار والقتل البشري اللذين حدثا في المدينتين اليابانيتين، بدأ نشاطا لإخراج القنبلة خارج القانون، مُبينا ذلك بقوله: "إذا أُضيفت القنابل الذرية إلى ترسانة عالم في ذروة حرب أو ترسانة أمم تستعد لحرب، فسيأتي يوم يلعن فيه الجنس البشري اسمي لوس ألاموس وهيروشيما".
مر منذ ذلك الحين نحو من 70 سنة ولم تُستعمل بعد ذلك قنبلة ذرية. فقد عُرف الصراع بين القوتين العظميين، الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، بأنه حرب باردة لأنه لم يخطر ببال أحد أن يضغط الزر الذري. وقد قال ونستون تشرتشل في هذا الشأن: "كلما أصبح الوضع أسوأ، تحسن". فبخلاف خشية أوبنهايمر أفضت القنبلة الذرية خصوصا إلى أن انقضى عصر الحروب العالمية بلا عودة كما يبدو.
إن تحذيرات
نتنياهو من أن إيران تبني صواريخ يمكن أن تصل إلى تل أبيب، يمكن أن تُسلي الأمريكيين فقط. لأن قدرة الردع الأمريكية ومنظومتها الدفاعية أيضا المضادة للصواريخ وقدرتها على الضربة المضادة، تضمن ألا تتجرأ أي دولة على الهجوم عليها لا بسلاح تقليدي ولا بقنبلة ذرية. ويُقال الشيء نفسه في حليفات الولايات المتحدة كإسرائيل التي لها قدرات دفاعية أيضا وضربة ثانية قد تُخرب إيران في حال الهجوم عليها.
تعلمنا التجربة التاريخية أن دولا كانت تُرى غير عقلانية كالصين وكوريا الشمالية أصبحت عقلانية بعد أن حصلت على سلاح ذري. فمنذ اللحظة التي انضمت فيها الى توازن الرعب فضلت أن تحل نزاعاتها مع دول اخرى بوسائل سياسية. ويبدو أن ذلك يصح على ايران ايضا. فمنذ اللحظة التي أصبحت فيها دولة على حافة القدرة الذرية، أي تستطيع انتاج قنابل ذرية في مدة غير طويلة، فضلت اجراء تفاوض من موقع قوة ما.
إن الاتفاق الجزئي للولايات المتحدة ودول اوروبا في جنيف على عدم تمكين ايران من تجاوز الحافة الذرية لم ينبع من خشيتها أن تستعمل ايران هذا السلاح للهجوم. فالدول المنتحرة هي موضوع جيد لخطب الانتخابات لا للحياة الحقيقية. فالتقديرات هي استراتيجية سياسية بقدر أكبر، وترمي الى منع دولة كانت عدوا للولايات المتحدة أن تصبح ذات تأثير أكبر في منطقتها.
إن أنباء الايام الاخيرة التي قالت إن شركات غربية بدأت بعد الاسقاط الجزئي للعقوبات تفحص عن زيادة استثماراتها في ايران يجب أن تشجع اسرائيل خاصة. فكلما أصبحت ايران دولة يرتفع مستوى عيش مواطنيها سيقل ميلها الى مغامرات عسكرية. وإن تعلقها الاقتصادي المتزايد بالدول الغربية سيضمن أن تفضل الانضمام الى الحرب العالمية الاقتصادية التي تجري اليوم على بدء حرب عالمية ذرية تُدمرها.
في المرحلة التي استقر فيها رأي ايران على ترك صورة الدولة المجنونة وبدء اجراء تفاوض مع الشيطان الامريكي، زال التهديد الايراني لاسرائيل بالفعل. ستبقى ايران دولة عدوا لاسرائيل كما ستبقى مصر عدوا لنا برغم اتفاق السلام بيننا. وبرغم ذلك لن تبدأ مصر حربا علينا بسبب علاقاتها بالولايات المتحدة. وسينطبق ذلك على ايران ايضا.
إن رسالة اسرائيل بأنها تواجه تدميرا أصبحت قديمة بعد الاتفاق في جنيف مع ايران؛ فسيضطر نتنياهو الى انشاء رسائل ايجابية في الشأن الفلسطيني وإلا سيُرى مُهيج الحرب الوحيد الباقي في الشرق الاوسط.