تقترب
السعودية من الإعلان النهائي عن ميزانيتها السنوية للعام الحالي بفوائض مالية محققة، من المتوقع ألا تنخفض عن مستويات الـ220 مليار ريال (58.6 مليار دولار) كحد أدنى، وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط خلال العام الحالي في متوسطاتها النهائية لأعلى من مستويات الـ100 دولار للبرميل الواحد.
وقدرت السعودية العام الماضي فوائضها المالية المتوقعة من العام الحالي بنحو تسعة مليارات ريال (2.4 مليار دولار)، إلا أن هذه التوقعات كانت تُبنى على متوسطات لأسعار النفط تقترب من مستويات الـ80 دولارا، وهي سياسة طبيعية متحفظة، تنتهجها السعودية في موازناتها السنوية.
وذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" أن السعودية حققت خلال السنوات العشر الماضية فوائض مالية ضخمة نجحت خلالها في دعم ملفات التنمية التي تتطلع إلى تحقيقها حكومة البلاد؛ حيث تم تخصيص نحو 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار) لإيفاء طلبات الإسكان، وذلك في الوقت الذي يتطلع فيه الراغبون في تملك المساكن من المواطنين إلى خطوات فعلية من المتوقع أن تخطوها وزارة الإسكان في البلاد لإنهاء هذا الملف خلال الفترة القريبة المقبلة.
وأنفقت السعودية خلال العام الحالي نحو 820 مليار ريال (218.6 مليار دولار) على العديد من ملفات التنمية والتطوير، ويعد قطاعا التعليم والصحة من أكثر القطاعات التي حظيت بحجم كبير من هذا الإنفاق، وسط توقعات بأن تواصل البلاد خلال العام المقبل 2014 إنفاقها الضخم على المشروعات الحيوية والملفات التنموية.
ومن المتوقع أن تواصل السعودية سياستها المتحفظة في تقديراتها الجديدة لموازنة عام 2014، خصوصا أن أسواق النفط العالمية قد تشهد خلال هذا العام عودة إيران إلى التصدير من جديد، عقب توصلها مؤخرا إلى اتفاق مع الدول العظمى في جنيف حول ملفها النووي من جهة، وإمكانية عودة ليبيا إلى التصدير بشكل أكبر للأسواق الخارجية من جهة أخرى في حال استقرار أوضاع البلاد.
وفي هذا السياق، أكد فضل البوعينين، الخبير الاقتصادي والمالي، أن السعودية على مقربة من الإعلان عن ثاني أضخم ميزانياتها للعام المالي المقبل 2014، وذلك بحجم إنفاق من المتوقع أن يقترب من الإنفاق الحالي في 2013.
وقال “الفائض المحقق لهذا العام من الأجدى أن يتم تحويل جزء كبير منه لزيادة الإنفاق على المشروعات الحيوية والصناعات المختلفة، ولتحقيق ذلك ولكي نتفادى عمليات التعثر في إنجاز المشروعات يجب أن تتم الاستفادة من الشركات العالمية، بعيدا عن الاعتماد على الشركات المحلية فقط”.
ولفت البوعينين إلى أن سياسة تحويل الفوائض المالية من الميزانية إلى الاحتياطات في السنوات الماضية كانت سياسة موفقة، إلا أنه استدرك قائلا “مع ارتفاع حجم هذه الاحتياطات يجب أن نبدأ مرحلة جديدة من زيادة الإنفاق على ملفات عدة مهمة هي: استكمال مشروعات الطاقة والبنى التحتية، زيادة الدعم المالي لصندوق التنمية العقاري لحل جزء من طلبات الإسكان، وتنفيذ مشروعات جديدة لحماية المدن من السيول، بالإضافة إلى أهمية تطوير المطارات والموانئ، بما يحولها إلى روافد اقتصادية تسهم في الناتج المحلي الإجمالي”.
وأكد البوعينين خلال حديثه على أهمية استثمار جزء من فوائض الميزانية العامة للدولة عبر التوسع في قطاعات الإنتاج، وهو الأمر الذي سيقود إلى نتائج اقتصادية مهمة جدا، بالإضافة إلى خلق مزيد من فرص العمل أمام السعوديين.
وحول ملف الرعاية الصحية في البلاد، قال البوعينين “التحول نحو التأمين يعد الحل الأنسب خلال الفترة الحالية من خلال تقديم الرعاية الصحية منفردة من قبل الحكومة؛ لكن هذا ليس المطلق، فيمكن الجمع بين الجانبين، وأتمنى في هذا الجانب أن نتقدم في تجهيز البنى التحتية لتطبيق هذا الملف الذي يخضع للدراسة خلال الفترة الحالية من قبل وزارة الصحة في البلاد، ومن المهم إنشاء شركات تأمين قوية”.
من جهة أخرى، تقترب السعودية خلال السنوات القليلة المقبلة من إنهاء الدين العام الذي يبلغ - حاليا - نحو 98.8 مليار ريال (26.3 مليار دولار). يأتي ذلك وسط نهضة تنموية كبرى عاشتها البلاد خلال السنوات الماضية، في ظل الإنفاق الحكومي الذي يعد الأكبر على مستوى المنطقة.
وفي هذا السياق، توقع فيصل العقاب، الخبير الاقتصادي، ألا تنخفض فوائض الميزانية السعودية للعام الحالي 2013 عن مستويات الـ220 مليار ريال (58.6 مليار دولار) كحد أدنى، مرجعا ذلك إلى ارتفاع متوسطات أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل الواحد خلال هذه الفترة.
وقد خصصت السعودية نحو 820 مليار ريال (218.6 مليار دولار) من إيراداتها المتوقعة للعام الحالي البالغة 829 مليارا (221 مليار دولار)، كأعلى ميزانية في تاريخها، أي بفائض مقدر للعام المقبل يبلغ تسعة مليارات ريال (2.4 مليار دولار)، وهذه ثاني ميزانية على التوالي تتضمن تقديراتها تسجيل فائض منذ عام 2008، ويبقى قطاعا التعليم والرعاية الصحية يمثلان أهم بنود الإنفاق الحكومي في الميزانية الجديدة؛ حيث شكلت مخصصاتهما نحو 37 في المائة من إجمالي الإنفاق، فيما خصص للإنفاق الاستثماري 285 مليار ريال (76 مليار دولار).
وبينما قدرت السعودية فائضا في حدود تسعة مليارات ريال (2.4 مليار دولار) في موازنة 2013، فإنه سيكون حال تحققه الفائض العاشر في ميزانيات السعودية في آخر 31 عاما منذ عام 1983، ذلك بعد أن سجلت الميزانية لعام 2012 فائضا في حدود 386.5 مليار ريال (103 مليارات دولار)، لتحقق بذلك الفائض التاسع في ميزانياتها فعليا منذ عام 1983، وثاني أعلى فائض في تاريخها.
وبعد الفائض المحقق عام 2012، يصل إجمالي فوائض المملكة في آخر عشر سنوات إلى 2.08 تريليون ريال (554 مليار دولار)، وذلك بفضل إيرادات الدولة الضخمة جراء ارتفاع مستويات أسعار النفط خلال هذه الفترة.