أكد اقتصاديون أنه لا جدّوى لأية مشاريع
استثمارية فى
غزة، ما لم يتم إنهاء
الحصار الإسرائيلى وتفكيك قيوده التي تكبل القطاع وتخنق أرقام نمّوه للعام السابع على التوالي، وتزيد من معدلات الفقر والبطالة.
وعبّر هؤلاء الخبراء فى أحاديث لوكالة "الأناضول" عن استنكارهم من الدعوات الدوليّة المطالبة بتوجيه المانحين للاستثمار في غزة، وعدم تركها خارج مشاريع التنمية، مؤكدين أن هذه الدعوات ستبقى منقوصة وغير منطقية دون رفع الحصار، وانتشال القطاع من عزلته الاقتصادية.
وكان المدير التنفيذى للبنك الدولى يورغ فريدن، قد طالب الاثنين الماضى، وبعد نشر سلسلة من التقارير عن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، ببناء استراتيجية تنموية بعيدة المدى، ودعا البنك الدولى المانحين لتوجيه التنمية والاستثمار إلى غزة، لبناء اقتصاد قوى، وتفعيل الشراكات الدولية للقطاع الخاص.
وأوصت تقارير البنك الدولى بضرورة دعم القطاع، وإحياء كافة الأنشطة الاقتصادية والزراعية من خلال المشاريع التنموية.
وقال فريدن إن ترك غزة بعيداً عن مشاريع التنمية، قد يشعل المنطقة، ويصبح مثل من يصب النار على الزيت.
ويتساءل أستاذ الاقتصاد فى جامعة الأزهر بغزة "معين رجب" عن جدوى هذا الطرح فى ظل ما وصفه بـ"احتضار الاقتصاد" فى القطاع، ووصوله لمنحنى خطير من البؤس والهاوية.
وقال رجب: إن الدعوات الدولية التي تطالب بالاستثمار والتنمية في غـزة، تبدو غير منطقيّة ومنقوصة ما لم يتم رفع الحصار وبشكل كامل ونهائي.
وتابع: "من غير المقبول أن تتجاوز الأمنيات الواقع الذى يعيشه القطاع في الوقت الراهن، فالكوارث الإنسانية والاقتصادية تتوالى، والحصار يشتد أكثر فأكثر، وعلى المجتمع الدولى أن يحشد طاقاته من أجل إنقاذ غزة".
وأضاف رجب أن اقتصاد القطاع يحتاج لعملية إنعاش، وإحياء من جديد عبر فتح المعابر التجارية، وإدخال مواد البناء لإعادة إعمار ما تم تخريبه وتدميره طيلة الأعوام السابقة من الحصار والعدوان الإسرائيلى المتكرر.
وسيكون الحديث عن التنمية والاستثمار، وتوجيه المانحين لضخ أفكارهم وأموالهم فى القطاع المحاصر أشبه بالحديث عن الحُلم كما يرى خبير الاقتصاد الفلسطينى "نصر عبد الكريم"، والذي قال إن كافة الرؤى والحلول التى يتم تقديمها من أجل تحسين الاقتصاد الفلسطينى، وبشكل خاص فى غزة سيبقى حبراً على الورق ولا قيمه له دون الرفع الكامل للحصار، والضغط على
إسرائيل بإنهائه.
وأضاف عبد الكريم أن المجتمع الدولى مُطالب اليوم بتحسين الواقع المعيشى فى غزة، والعمل بشكل جاد وفعّال على أن يتعافى الاقتصاد من الخسائر المتراكمة يوما بعد يوم على كافة القطاعات والأنشطة التجارية.
ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي خانق ومشدد منذ منتصف يونيو 2007 بعد سيطرة حركة "حماس" على القطاع. وقامت بإغلاق معابر القطاع التجارية، واعتمدت "كرم أبو سالم" جنوب شرق مدينة رفح، معبراً وحيدا لا يلبى المتطلبات الاقتصادية للقطاع، والذي يحتاج من 700 إلى 900 شاحنة يومياً، ولا يتم إدخال سوى 300 شاحنة بما لا يتجاوز 30% من احتياجاتهم.
كما قيدت
مصر حركة الفلسطينيين والبضائع عبر معبر رفح مع قطاع غزة، ولا يفتح المعبر الآن إلا لفترات قصيرة. وبالتزامن مع ذلك، قام الجيش المصري بتدمير غالبية الأنفاق التي كانت السبيل الرئيسي لأهالي غزة للحصول على احتياجاتهم من مصر.
ولكى تنمو أرقام غزة الاقتصادية فهى تحتاج إلى خارطة جديدة من البناء يكون هدفها الأول رفع الحصار والسماح بحرية الاستيراد والتصدير، كما يؤكد الكاتب الفلسطينى والمحلل الاقتصادى "محسن أبو رمضان"، والذى تمنى من الأصوات الدولية أن تساهم فى إنشاء مناخ اقتصادى سليم فى قطاع غزة يمّهد لإقامة المشاريع التنموية.
وأضاف أبو رمضان أن رفـع الحصـار بشكل كامل ونهائى بالتوازى مع إنهاء الانقسام الفلسطينى، وإعادة اللحمة السياسية والتجارية بين غزة والضفة، ووجود بيئة سياسية مستقرة سيجعل من هذه الأفكار والمشاريع الاقتصادية واقعا ملموسا على الأرض.
ويُطـالب أستاذ الاقتصاد بالجامعة الإسلامية بغزة "محمد مقداد" المجتمع الدولى، بأن يُسارع لإنقاذ البنية التحتية للقطاع، ومد قرابة المليونى مواطن بالشروط الأساسية للحياة.
وتوقفت عشرات المشاريع الدولية عن العمل مع استمرار المنع الإسرائيلى لإدخال مواد البناء للقطاع الخاص لليوم الـ25 على التوالى.
وحذرت وزارة الاقتصاد المقالة مؤخراً، ووفقا للمعطيات الراهنة من وصول معدل البطالة إلى 43%، مرشحة للارتفاع فى حال استمر تردى الوضع الإنسانى والاقتصادى بغزة.