حذرت أوساط إسرائيلية من إصدار المحكمة الجنائية
الدولية في لاهاي، المزيد من
مذكرات الاعتقال ضد المسؤولين والجنود الإسرائيليين، نتيجة
استمرار حرب الإبادة في قطاع غزة منذ أكثر من عام.
وكشف مراسل موقع "
زمن إسرائيل" عومار
شربيط، أنه "قبل أسبوعين قدم جندي يقضي إجازة في قبرص موعد عودته لإسرائيل بعد
تحذير وزارة الخارجية؛ خشية أن تعمل منظمات أجنبية على إصدار مذكرة اعتقال بحقه،
بسبب فيديوهات تفاخر فيها حول تدمير الفلسطينيين في غزة، وأعلنت عزمها طلب اعتقال
ثلاثة إسرائيليين يزورون هولندا بتهمة ارتكاب جرائم حرب، دون معرفة ما إذا كان قد
تم فتح تحقيق في قبرص، أو إصدار مذكرة اعتقال بحقهم في أمستردام".
وأضاف المراسل في تقرير ترجمته "
عربي21"، أن "هاتين الحالتين تذكّران بالخطر المحدق بالجنود الذين ارتكبوا جرائم حرب
في الخارج، حيث يتزايد القلق بعد مذكرات الاعتقال التي أصدرتها محكمة لاهاي ضد
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت، والخشية من وصول المذكرات للرتب المتوسطة والصغرى
في
الجيش، ما يستدعي القلق من خطر إجراء المزيد من التحقيقات في بلدان أخرى".
مخاطر متزايدة
وأشار إلى أن "المخاطر زادت عقب انتشار الوثائق
والفيديوهات على الإنترنت لجنود بعد أن غادروا غزة، وتم وضع علامات على وجوههم
وأسمائهم والوحدات الموجودة التي خدموا فيها، بهدف تجريمهم، خاصة وهم يقومون
بالنهب والإفساد والإساءة للفلسطينيين، أو قراءة كلمات التوراة لمعتقلين معصوبي
الأعين وموثوقي الأيدي، ويصرخون فرحا بنشوة لحظة تفجير المنازل، وحطموا أجهزة
التلفاز والمرايا، وقلبوا خزائن الطعام في غرف المعيشة، وحطموها، وكسروا بوفيهات المطاعم والسوبر ماركت، ورموا منتجات المتاجر بكل مكان".
وأوضح أن "أحد الأفلام الوثائقية المنتشرة على
الإنترنت، تكشف عن صورة جندي يكسر الأطباق كما لو كان بحانة يونانية، ويقتحم آخرون
خزائن الملابس، ويتفاخرون بالأوراق النقدية التي عثروا عليها، ويحرقونها، ويرتدون
ملابس النساء فوق زيهم العسكري، ويتحدثون أمام الكاميرا باللغة الإنجليزية، وبلكنة
بريطانية، فيما يظهر جنود يدوسون على معتقلين فلسطينيين عراة، ومغطين وجوههم،
ويقدم جندي آخر باللغة الفرنسية ظهر أحد المعتقلين وقد تعرض للتعذيب".
وأكد أن "العديد من الجنود يحملون جنسية
مزدوجة، ما يفتح الباب لرفع دعوى قضائية ضدهم في الدول الأخرى، صحيح أن أوامر
الاعتقال الصادرة من لاهاي ليست موجهة ضد الجنود والضباط، لكن لا يمكن استبعاد هذا
السيناريو تماما".
ونقل الموقع عن المحامية يائيل فياس جيبرتزمان،
مديرية عيادة لقانون الجنائي الدولي في جامعة "رايخمان"، من أنه "رغم
أن المحكمة ستلاحق الأسماء الكبيرة، إلا أنه ربما يكون هناك استثناءات، بحال فشلت
في الوصول إلى كبار المسؤولين والجنرالات لاعتبارات سياسية"، على حدّ قوله.
وأضافت أن "الاتهامات الموجهة لإسرائيل تتركز
في تقييدها للوسائل الأساسية لبقاء أهالي غزة على قيد الحياة، خاصة الماء والطعام
والأدوية والمستلزمات الطبية والوقود والكهرباء، ما أدى لمعاناة كبيرة، وإجراء
العمليات الجراحية دون تخدير، ما يجعل من جوهر الأوامر الصادرة عن نتنياهو وغالانت
بأنها تركز على سياسة التجويع، كوسيلة من وسائل الحرب باعتبارها "جريمة
حرب"، وكذلك الاضطهاد والأعمال اللاإنسانية الموصوفة بـ"جريمة ضد
الإنسانية".
استهداف الرتب العليا
واستدركت بالقول؛ إن "خطر محاكمة الجنود والضباط
أمام محكمة لاهاي ضئيل للغاية، لكنهم مكشوفون في بلدان ثالثة منخرطة في صراع الشرق
الأوسط، وفيما يتعلق باتهام التجويع المتعمد للفلسطينيين، فإذا كان "الرأس هو
المسؤول"، فإن "الأيدي والأرجل" مسؤولة أيضا؛ لأنه من بين
الاتهامات الصادرة هي إساءة معاملة المعتقلين الفلسطينيين".
ولفت الرئيس السابق لقسم القانون الدولي في الجيش
الإسرائيلي ليرون ليبمان، إلى أن "المحكمة تستهدف الرتب العليا في الجيش
والحكومة، لكننا لا نعرف إذا ما صدرت أوامر سرية منها ضد ضباط وجنود أقل رتبة".
وتابع قائلا: "الخطر من جانب المحكمة يتركز على
دول ثالثة للعمل ضد صغار الجنود؛ لأنها عادة تستهدف كبار المسؤولين، وهي لا تبحث
عن جندي أو ضابط ذي رتبة متوسطة، لكن يمكن أن تبدأ الملاحقة لكبار الضباط ممن
لديهم رتبة مقدم وما فوق".
وحذر أن "التهديدات على جنود وضباط الجيش لا
تقتصر على المحكمة
الجنائية الدولية، فهناك العديد من البلدان التي تتولى الولاية
القضائية الجنائية العالمية، حتى فيما يتعلق بالأحداث التي ليس لها صلة مباشرة
بها، وهذا يختلف من بلد لآخر، هناك دول يعتمد فيها القرار على الآلية الحكومية
القانونية، وأخرى يمكن لبعض المنظمات تقديم طلب لقاضي مبتدئ لاعتقال أي إسرائيلي
على أراضيها".
وأكد أنه "كلما زاد عدد الضباط والجنود
الإسرائيليين الحاملين لجنسيات أجنبية، فإنه يفتح بابا آخر للمحاكم الأجنبية، وكلما
ارتفعت رتبتهم العسكرية، تم النظر لنشاطهم العدواني بأنه إشكالي، ومن ثم المشكلة أكبر، ويعتقد جيش
الاحتلال أنه ينبغي زيادة الانضباط في نشر مقاطع الفيديو
على شبكات التواصل، أعلم أن هناك أوامر بشأن الموضوع، لكن هناك مشكلة في التنفيذ،
وهذا أمر مثير للقلق؛ لأنه قد يشير إلى مشكلة تأديبية لدى الجنود".
المحامي يوفال كابلينسكي الذي عينه غالانت للترافع
عنه، أكد أن "استمرار حرب غزة سيؤدي لتعميق التحقيقات الدولية، والمحكمة
ستعمل بإلحاح متزايد، ومن ثم فقد تكون هناك طلبات لأوامر اعتقال إضافية، خاصة مع
تدهور الوضع الإنساني في غزة، وصدور المزيد من التقارير القاسية من شمال القطاع،
حيث ينظر إليها العالم على أنها تهجير وتجويع".
وختم بالقول؛ إن "كل ذلك قد يؤدي إلى صدور
أوامر اعتقال إضافية، من المرجح أن تشمل مستويات عسكرية أدنى، في ضوء ما أثبته
الجيش من عدم انضباط في هذه الحرب، ومن ثم فشل كبير لقيادته، وقد أصبح مشهورا في العالم بأنه غير أخلاقي".