صحافة إسرائيلية

أين ستذهب أصوات الإسرائيليين الأمريكيين في الانتخابات الرئاسية؟

هناك ما يقرب من نصف مليون إسرائيلي أمريكي لديهم حق التصويت- الأناضول
ليس غريبا أن تبدو الانتخابات الرئاسية الأمريكية شأنا إسرائيليا داخليا، في ضوء التبعات المتوقعة لانتخاب أي من المرشحين لدخول البيت الأبيض على دولة الاحتلال، ومع بدء العد التنازلي لذهاب الأمريكيين لصناديق الاقتراع، يزداد الحديث الإسرائيلي سخونة عن الرئيس أو الرئيسة القادمة للحليفة الأكبر على مستوى العالم.

إيلانا توتلاند، مراسلة صحيفة "معاريف" العبرية للشؤون الدولية، أجرت مقابلات ترجمتها "عربي21" مع عدد من قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي المقيمين في دولة الاحتلال، واستمعت لآرائهم حول من تفضل الأخيرة رئيسا قادما لأمريكا.

المحامي مارك زيل، رئيس الحزب الجمهوري في "إسرائيل"، والمستشار القانوني للحزب الجمهوري خارج حدود الولايات المتحدة، قال: "أتوقع فوز دونالد ترامب، ولدينا أمل بأن نعود للسلطة ليس في البيت الأبيض فحسب، بل في الكونغرس أيضا، لا أعرف ما إذا كان ذلك سيحدث بالفعل، لكن يتعين علينا الآن إيصال أكبر عدد ممكن من الناخبين إلى صناديق الاقتراع، لأنه إذا كان هناك تهاون، فستكون نهايتنا".

أما إيتان كوشنير، رئيس "الديمقراطيين الأمريكيين في إسرائيل"، فقال: "لست على استعداد للمراهنة، يمكنك أن تفهم من أريد أن يكون في البيت الأبيض، ولكن في الوقت الحالي، من الناحية الإحصائية، هناك تعادل، وفي النهاية فإن الولايات المتأرجحة ستحسم الأمر، وأعتقد أن الأمر سيستغرق أسبوعا على الأقل لمعرفة النتائج النهائية".

تقول المراسلة، إن "العامل الرئيسي في تحديد الرئيس القادم هو نسبة التصويت، حتى في ما يتعلق بعدد من يحق لهم التصويت في الانتخابات الموجودين في دولة الاحتلال"، ففيما يعتقد زيل أن "هناك نصف مليون إسرائيلي أمريكي لديهم حق التصويت، فقد كنا على اتصال مع 300 ألف منهم، وبحسب ما أفهم، فإن معظمهم صوتوا بالفعل، مع العلم أنه، خاصة بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر، سيصوت أكثر من 90% لصالح ترامب، أما كوشنير فيزعم أنه بناءً على بيانات الكونغرس، فإن عدد الناخبين المؤهلين في إسرائيل يتراوح بين 120 ألفًا و200 ألف".

يرى كوشنير أن "الهدف هو تشجيع الناخب الأمريكي الذي يعيش في إسرائيل على التصويت في الانتخابات، لمواصلة التأثير، حتى لو لم يكن يعيش في الولايات المتحدة، فالعلاقة الخاصة بين الدولتين، تجعلنا نجد أنفسنا نشرح، خاصة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، كيف أن سياسة الولايات المتحدة في ظل الحزب الديمقراطي ليست سيئة لإسرائيل".

واستدرك بالقول إن "إقناع الإسرائيليين بذلك ليس مهمة سهلة، بسبب عدة تصريحات للمرشحة كامالا هاريس، لكني لا أعتقد أنهم يجب أن يخشوا للحظة واحدة من استمرارية الإدارة الديمقراطية في البيت الأبيض، ومحاولة تصوير هاريس بأنها مناهضة لها محاولة غير صحيحة ومتحيزة للغاية، لأنها تقول باستمرار، وفي كل منتدى إنها تؤيد حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، وتريد عودة المختطفين من غزة، رغم أن الحديث المتكرر بشأن وقف لإطلاق النار وإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة، لا ينسجم مع بعض آذان الإسرائيليين".

ويرى زيل أن "طبيعة ترامب لا يمكن التنبؤ بها، لكننا نعرف ما فعله لإسرائيل، رغم أنه يستخدم سياسته لمصالحه الخاصة كرجل أعمال، وللتذكير فقط ففي ولايته السابقة كرئيس للولايات المتحدة، لم تندلع حرب واحدة في العالم".

تشير المراسلة أنه "رغم أن الجمهور الإسرائيلي يولي أهمية كبيرة لتأثير الانتخابات الأمريكية عليهم، إلا أن كوشنير وزيل يشيران إلى أن القضية الإسرائيلية ليست، على أقل تقدير، في قمة اهتمامات الناخب الأمريكي، فالقضايا الثلاث الأكثر أهمية بالنسبة له: الحدود الجنوبية، والهجرة غير الشرعية، وموجة الجريمة والتضخم".

يرى كوشنير أن "الناخب الأمريكي يذهب لصناديق الاقتراع بشأن السياسة الداخلية، في ضوء الاستقطاب الذي تعيشه الولايات المتحدة، والانقسام بين مجموعاتها العرقية، والمساواة في الحقوق.. إن السياسة الخارجية، بشكل عام، لا تهم الناخب الأمريكي، بما في ذلك إسرائيل، ولا يهتم بذلك سوى الجماعات ذات المصلحة الذاتية، مثل اليهود والمسلمين".

ويضيف أنه "بعد هجوم حماس في أكتوبر، فقد مرت الجالية اليهودية الأمريكية بعملية تغيير جذري، أكثر من 75% منهم يصوّتون باستمرار للحزب الديمقراطي، فهو جمهور ليبرالي، ويهتم بقضايا حقوق المرأة، ولكن بعد ذلك الهجوم بدأت العديد من المنظمات اليسارية بمهاجمة اليهود لأنهم يهود، وليس بالضرورة لأنهم من أنصار إسرائيل، ما أدى إلى إعادة التفكير لدى بعضهم في مسألة ماذا سيفعلون بهذه الانتخابات، صحيح أن بعض اليهود سيصوتون لترامب بزعم أنه أفضل لإسرائيل، لكني أقدر أنه إذا كان هناك تراجع في الأصوات اليهودية لصالح هاريس، فسيكون طفيفًا بنسب قليلة".

زيل من جهته يرى أن "الناخبين اليهود لا يشعرون بالأمان من الحزب الديمقراطي، ما قد يؤدي إلى تحويل نسبة كبيرة من أصواتهم لصالح الجمهوريين، مما سيضرّهم، أنا لا أقول إنهم سيصوتون لترامب، لكن الكثير منهم قد لا يصوتون لهاريس بسبب كل ما فعلته مع جو بايدن وباراك أوباما".

أما عند الحديث عن أصوات الناخبين المسلمين، فيقول كوشنير إنهم "قصة مثيرة للاهتمام للغاية، ويرون أنفسهم في مشكلة، فهم يرون هاريس داعمة لدولة الاحتلال، لكن ترامب يدعمها أيضًا"، أما زيل فيرى أنه في إسرائيل "يوجد ناخبون أمريكيون من عرب ولاية ميتشيغان، كانوا على اتصال معنا، وكل من تحدثوا معي قالوا إنهم سيصوتون لترامب، وفي ميتشيغان نفسها، التي تضم تجمعا كبيرا من العرب الأمريكيين، تظهر استطلاعات الرأي أن معظمهم لا يريدون دعم هاريس، رغم أنهم يكرهون ترامب، فإما سيصوتون للحزب الثالث، حزب الخضر بقيادة جيل ستاين، أو إنهم لن يصوتوا على الإطلاق".

يختم كوشنير حديثه بالقول، إن "إسرائيل تعتمد على الولايات المتحدة، وستستمر في الاعتماد عليها، على مر السنين، وبغض النظر عن الإدارة الموجودة في البيت الأبيض، فإنهما كانا دائماً على علاقات ثنائية جيدة جداً، حتى لو كانت هناك خلافات في الرأي هنا وهناك.. الجمهور الإسرائيلي يفتقد رؤية تتضمن أنشطة رؤساء ديمقراطيين في العصر الحديث: أوباما الذي جلب أكبر حزمة مساعدات على الإطلاق للاحتلال، وبايدن الذي جلب أكبر حزمة مساعدات بعد السابع من أكتوبر، ولذلك، فإنه إذا تم انتخاب هاريس، فلا أتوقع تغييرا في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل".