لطالما وُضعت مواقف اللاعبين العرب في
أوروبا تحت المجهر لا سيما حين يتعلق
الأمر بقضايا الأمة الرئيسية وأولها طبعا قضية
فلسطين. ورغم أن السابع من تشرين
الأول/ أكتوبر كشف الوجه الحقيقي للبعض وأماط اللثام عن معدنهم الأصلي، حيث فشلوا
في الاختبار وانهارت أمام محبيهم تلك الصورة الخيالية عنهم، إلا أن قربنا من شخصيات
أخرى يمكن أخذ تصورات خاطئة عنها بالاعتماد على الشكل والمظهر الخارجي فقط.
ولعل المثال الأهم يتجلى في النجم المغربي حكيم زياش الذي رفع السقف لدرجة
غير مسبوقة حين هاجم الكيان الصهيوني بشكل واضح وصريح، وبعيدا عن الكلام المعلب
الذي تعودنا مطالعته بين الفينة والأخرى من الأسماء العربية المشهورة المصرة على
الإمساك بالعصا من المنتصف؛ كي لا تتضرر مصالحها الشخصية وأيضا كي لا تخسر جمهورها
العريض الذي فرض القطيعة مع لغة الخشب بعد أن ضاق ذرعا بالمجازر التي تُرتكب نهارا
جهارا في حق أشقائه بفلسطين.
المثال الأهم يتجلى في النجم المغربي حكيم زياش الذي رفع السقف لدرجة غير مسبوقة حين هاجم الكيان الصهيوني بشكل واضح وصريح، وبعيدا عن الكلام المعلب الذي تعودنا مطالعته بين الفينة والأخرى من الأسماء العربية المشهورة المصرة على الإمساك بالعصا من المنتصف
قبل أن نتعمق في مواقف حكيم زياش لا بد أن ننصف شهامة اللاعب الهولندي من أصول
مغربية أنور الغازي وما تكبده من ظلم وإجحاف من لدن فريقه السابق "ماينز"
الألماني، والذي نجح في كسب الرهان معه قضائيا وتبرع بكل التعويضات التي حصل عليها
للأطفال في غزة الصامدة الأبية، دون إغفال الهجوم اللاذع الذي تعرض له المغربي
نصير مزراوي حين كان لاعبا في بايرن ميونيخ قبل أن يغادر هذا الصيف نحو العملاق الإنجليزي
مانشستر يونايتد؛ ولنصير أمام مواقف مميزة تجاه القضية الفلسطينية منذ أن كان
لاعبا يافعا في أياكس الهولندي المعروف بصلته الوطيدة مع الكيان الغاصب، ولطالما عاينّا
العلم الإسرائيلي بين المدرجات سواء في مباريات الدوري المحلي أو مشاركاته الأوروبية؛
دون إغفال الحقائق التاريخية التي تصب في هذا الاتجاه على غرار أنه قبل الحرب العالمية
الثانية كان يعيش أكثر من 80 ألف يهودي في أمستردام والأغلبية تشجع أياكس، بالإضافة
إلى أنه ولغاية سنة 1990 ظل هذا الفريق يستقبل مبارياته على أرضية ملعب "ديمير"
الموجود في شرق المدينة التي تعتبر المعقل الرئيسي لليهود، هناك وترأس "أياكس"
العديد من منهم بل وحمل قميصه كذلك لاعبون يهود كثر.
أيضا لا يمكن تجاهل مواقف التونسي عيسى العيدوني حين كان لاعبا في فريق
يونيون برلين والثلاثي العربي في إنترخت فرانكفورت؛ المصري عمر مرموش والجزائري
فارس شعيبي والتونسي الياس السخيري، هناك نموذج آخر مُغيب في اللاعب العربي ويتعلق
الأمر بالتونسي الأصل أنيس بن حتيرة الذي تعرض لمضايقات واتهامات بمجرد تبرعه لأهالي
غزة بالمياه ومشاريع تحليتها لتنقلب حياته رأسا على عقب منذ تلك اللحظة؛ بالإضافة
إلى مواقف الجزائري يوسف عطال حين كان في نيس الفرنسي ووصلت حد إيداعه السجن
ومحاكمته.
كل هذه الأسماء وغيرها كُتبت بمداد الفخر ووقفت بجانب أشقائها دون اكتراث
للعواقب، لا سيما أنها تلعب في ظل دول تتباهى بدعم ورعاية الكيان الغاصب، لكن
وبالموازاة مع ما سبق ذكره يصنف موقف زياش في خانة مختلفة وجديرة بالتوقف عندها
مليا، حيث أنه وفي لحظة شعور بالعجز والغضب لم يستثن أحدا من المسؤولية ووضع حكومة
بلده أيضا في موقف المساءلة، كما كل من يقف متفرجا في هذا العالم وهو يشاهد
الفظاعات ترتكب دون حسيب ولا رقيب.
خطوة لاعب غلطة سراي تنطوي على شجاعة قل نظيرها وتعكس الحس الإنساني العالي
لهذا اللاعب الذي يتهمه الكثيرون بالغرور؛ وكل المقربين منه يدحضون هذه التهمة
مرددين نفس الإجابة تقريبا بأن الحكم على المظهر الخارجي ظالم والجوهر هو الفيصل
فكفاكم إجحافا.
ما لا يعرفه الكثيرون أن حكيم عاش طفولة معقدة للغاية بعد فقدان والده في
سن مبكرة وكان على وشك الانحراف لولا شخصية مغربية معروفة بهولندا واسمها
"عزيز ذو الفقار"؛ أصرت على أن الفتى موهوب ومسكون بحب الساحرة
المستديرة وأنه جدير بالرعاية والاهتمام وسيكون له شأن كبير في المستقبل، ليكسب
الرهان وتصبح اليسرى الساحرة لزياش حديث بلاد الطواحين وتصل المغرب أيضا، ويتهافت البلدان
على كسب ود الجوهرة الصاعدة التي أنصتت لصوت القلب واختارت أُسود الأطلس رغم كل
مغريات الهولنديين؛ حكيم زياش الذي يسمي الأشياء بمسمياتها ويضع النقاط على الحروف،
ولا يجيد التمثيل واختيار الكلمات المنمقة وهذا ما يضعه دائما بفوهة براكين الإعلام
المحلي والعالمي.
من هذا المنطلق أنصت لصوت القلب مجددا وصدح بأعلى صوت غير مكترث بالباقي
بأن فلسطين بحاجة إلى كل أحرار العالم بجانبها؛ وهذا ما أجج غضب البعض ضده لتبدأ
سلسلة من الحملات الممنهجة ضده، في ظل تعالي الأصوات "الجديدة" التي
تحمل شعار "الصهاينة العرب" للنيل منه عبر اختلاق الأكاذيب؛ نذكر منها
على سبيل المثال لا الحصر انتشار شائعة تخلي ناديه التركي عنه وحذف اسمه من لوائح كل
المسابقات سواء الدوري التركي واليوربا ليغ، مع العلم أنه كان يعاني فقط من إصابة
منعته من المشاركة، وأيضا خبر حذفه لكل صوره بقميص المنتخب المغربي من حساباته على
مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الشائعات المتلاحقة حوله؛ وهنا نتساءل: من
يستهدف حكيم زياش ويصر على الإساءة له والنيل منه؟
ختاما، لا بد من التذكير وتوجيه النصيحة لعشاق الشائعات والحملات بأن نجم
تشيلسي السابق لا يجيد ولا يتحدث اللغة العربية من الأساس..