صحافة دولية

WP: اغتيال السنوار "انتصار تكتيكي فارغ" بدون خطة لليوم التالي للحرب

تشكيك بسهولة الوصول لاتفاق بعد اغتيال السنوار - جيتي
رأت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها، أن مقتل زعيم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "‏حماس"، يحيى السنوار، يفتح الباب أمام وقف دائم لإطلاق ‏النار والإفراج عن الأسرى.

وقالت؛ إن السنوار قتل مع ‏مرافقيه في اشتباك فوق الأرض، وخلافا ‏لبعض التقارير، لم يكن محاطا بالأسرى في أنفاق حماس.

ومع قتل إسرائيل لقادة حماس، فإن مقتل ‏السنوار يحقق واحدا من أهداف الحرب المعلنة،  وقد يكون ‏نقطة تحول في الحرب. لكن ما لا يعرف، إن كان رحيله ‏سيعجل بنهاية الصراع.




ومع ذلك، فإن مقتل السنوار يمكن أن يخلق ‏فرصة لتجديد المحادثات حول اتفاق وقف إطلاق النار ‏وإطلاق سراح الأسرى، لأن السنوار كان متعنتا، بحسب ‏وصف مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، الخميس، ‏وأنه "عقبة هائلة" أمام أي اتفاق من هذا القبيل. إنها فرصة ‏يجب على نتنياهو أن يسعى إليها، وأن يقاوم ميوله ‏الانتصارية والنصائح التي يتلقاها من أعضاء اليمين ‏المتطرف في حكومته، بحسب الصحيفة.

وقالت الصحيفة؛ إن اتفاقا يتم فيه ‏الإفراج عن الأسرى وتدخل فيه مساعدات إنسانية هائلة إلى ‏القطاع ويتوقف فيه القتال، يظل أفضل رهان لتخفيف ‏المعاناة على جميع الأطراف، وبخاصة معاناة الفلسطينيين ‏الذين يعيشون في غزة المدمرة إلى حد كبير، بما في ذلك ‏من تهيئة الظروف لوقف دائم للحرب.

وتقول الصحيفة؛ إن على الرئيس جو بايدن ‏الضغط من أجل تحقيق هذه الصفقة، وردع إسرائيل عن ‏الحرب الصاروخية مع إيران.

وفي الحقيقة، باتت حججه ‏الآن أقوى بعد مقتل السنوار. والحجة الأقوى، هي إقناع ‏إسرائيل بالتوقف عن تأجيل الخطة الاستراتيجية لقطاع غزة ‏ما بعد حماس وما بعد الحرب. مشيرة لما قاله نتنياهو يوم ‏الخميس؛ إن "هذه هي بداية اليوم بعد حماس".

إن ‏الانتصارات العسكرية التكتيكية التي حققتها إسرائيل لا ‏يمكن إنكارها، ومن دون فكرة واضحة عما ‏يجب فعله في اليوم التالي لانتهاء الحرب، فإن تلك ‏الانتصارات بما في ذلك اغتيال السنوار يمكن أن ‏تكون جوفاء.

كما جاء في تقرير للصحفيين كارين ‏دي يونغ، لوفداي موريس ومايكل بيرنباوم في الصحيفة ذاتها، أن بايدن قال في أعقاب تأكيد مقتل السنوار على يد ‏القوات الإسرائيلية يوم الخميس؛ إن موت زعيم حماس هو فرصة لـ "اليوم التالي" في غزة، وتسوية ‏سياسية للحرب، و"مستقبل أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين ‏على حد سواء".‏



وبينما احتفل بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس بوفاة ‏السنوار، فقد أعربا أيضا عن أملهما في أن تمكن هذه اللحظة ‏رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من إعلان النصر ‏في غزة، وإنهاء العمليات الإسرائيلية هناك، وإفساح الطريق ‏أخيرا أمام صفقة الرهائن.

لكن المسؤولين والخبراء الأمريكيين والإسرائيليين والعرب ‏الذين لديهم معرفة وثيقة باستراتيجية الحرب الإسرائيلية، ‏والجهود التي تقودها الولايات المتحدة منذ شهور للتوصل ‏إلى وقف إطلاق النار، قالوا؛ إنه في حين أن اغتيال السنوار ‏كان موضع ترحيب، فإن القضاء عليه ربما خلق عقبات ‏جديدة.‏

وأهمها ما إذا كان هناك بديل عملي كزعيم لحماس مستعد ‏وقادر على التفاوض على وقف إطلاق النار، وما إذا كان ‏نتنياهو يقرر اغتنام الفرصة لبدء إنهاء الحرب، أو يختار ‏مضاعفة الجهود والسعي إلى تحقيق نصر أوسع في غزة.‏

إن الإجابات عن هذه الأسئلة، ستحدد مدى جدوى ما قاله ‏مسؤولو إدارة بايدن عن آمال إحياء خطة أعلن عنها بايدن ‏في أيار/ مايو الماضي، من أجل هدنة دائمة.  ‏

وقال مسؤولون أمريكيون؛ إن المفاوضات بشأن الاقتراح ‏تعثرت قبل حوالي شهر، بعد أن قدمت كل من إسرائيل ‏وحماس مطالب لا يمكن التوفيق بينها، وانسحبت حماس في ‏النهاية من الطاولة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ‏ماثيو ميلر للصحفيين يوم الخميس: "سنحاول دفع هذا ‏الاقتراح إلى الأمام ... نعتقد أنه فرصة لمحاولة إنهاء هذه ‏الحرب، ونحن مصممون على محاولة اغتنام هذه الفرصة".‏

وقال مسؤول عربي قريب من المفاوضات: "بصراحة ليس ‏لدينا إجابة" عن ما إذا كانت الخطة لا تزال حية. "من جانب ‏حماس، إنها حقا علامة استفهام؛ لأن الأمر كله يعود إلى ‏السنوار" وهيكل صنع القرار المركزي للغاية في المنظمة.

‏ومع مقتل قادة حماس الآخرين في الأشهر الأخيرة، "لا يوجد ‏سوى القليل من الوضوح بشأن ما تبقى من حماس. لا أحد ‏يعرف من هو التالي في الصف".‏

وقال العميد المتقاعد في القوات الإسرائيلية يوسي ‏كوبرواسر؛ إنه "من غير الواضح ما إذا كان الأمر أكثر ‏تعقيدا أم أقل"، مع خروج السنوار من الصورة: "من سيتخذ ‏القرارات؟‎"‎.

كان آخرون أكثر تفاؤلا. قال مايكل ميلستين، المستشار ‏السابق للجيش الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية: "نحن ‏بحاجة إلى أن نكون واقعيين بشأن بعض الأشياء"، هذه ليست ‏نهاية حماس، إنها ليست نهاية اللعبة".




لكن "هناك الآن ‏فرصة للترويج لصفقة. كان السنوار متشددا... أعتقد أن ‏الموقف الأساسي لحماس سيصبح أكثر مرونة بعد اليوم"، بحسب ميلستين‏.

وقالت شيرا إيفرون، وهي جندية احتياطية سابقة في الجيش ‏الإسرائيلي ومديرة أبحاث السياسات في منتدى السياسة ‏الإسرائيلي؛ إن هناك الآن "مسارين أساسيين يمكن لإسرائيل ‏أن تسلكهما... الأول هو في الأساس، هذه فرصة لانتزاع ‏الفوز. هذا هو الفوز النهائي، السلم الذي كنا بحاجة إلى ‏النزول منه وإنهاء الحرب، واستعادة الرهائن"، والتوصل إلى ‏اتفاق مع "من تبقى في قيادة حماس".‏

وقالت إيفرون؛ إن الخيار الآخر لنتنياهو وائتلافه الحاكم ‏اليميني، "هو القول إن حماس على وشك" الدمار الكامل، ‏‏"وعلينا أن نواصل الهجوم".‏

وقال دبلوماسي عربي كبير تربط بلاده علاقات دبلوماسية ‏بإسرائيل؛ إن هناك القليل من التوقعات بين الدول العربية بأن ‏وفاة السنوار ستشكل نقطة تحول للهدوء في الحرب.
وقال ‏الدبلوماسي؛ إن إسرائيل تنظر إلى الفترة التي تسبق ‏الانتخابات الأمريكية على أنها "نافذة فرصة" لن يمارس ‏خلالها بايدن نفوذا كبيرا أو يعاقب إسرائيل على أفعالها، ‏خشية أن تتدخل في فرص الديمقراطيين في النجاح في ‏السباق الرئاسي الصعب.‏

‏ وقال الدبلوماسي: "لا أحد يريد اتخاذ أي إجراء حاسم قد ‏يؤثر على نتيجة الانتخابات".

وقد لاحظ هذا الدبلوماسي ‏وآخرون، أن الرسالة شديدة اللهجة التي أرسلها وزير ‏الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن إلى ‏نتنياهو هذا الأسبوع، والتي طالبا فيها بتحسينات حادة في ‏تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، قد حددت مهلة ثلاثين ‏يوما، وهو ما يعني تأجيل أي إجراء محتمل إلى ما بعد ‏التصويت الأمريكي في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر.‏

ويقول آرون ديفيد ميلر، وهو مفاوض كبير في الشرق ‏الأوسط على مدار عدة إدارات أمريكية، ويعمل الآن في ‏مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي؛ "إن نتنياهو لديه خيار إما ‏أن يضاعف جهوده في حرب غزة الجارية، أو أن يبدأ بطريقة ‏أو بأخرى في تغيير الطريقة التي نظر بها إلى الخيارات ‏السياسية التي قد تنجم عن هذا".‏

ويضيف ميلر؛ "إنه لا يزال يرأس الحكومة الأكثر يمينية في ‏تاريخ إسرائيل"، مع القيود السياسية التي تمنعه من التعامل ‏مع السلطة الفلسطينية، الحكومة الحاكمة في الضفة الغربية ‏التي اقترحت الإدارة الأمريكية أن تتولى زمام الأمور في ‏غزة بعد الحرب. "أما الحديث عن الدولتين والانسحاب من ‏غزة، فأعتقد أن هذه الأمور لا تزال محظورة عليه". ‏