نشرت مجلة "
فورين بوليسي" مقالا، للزميل في معهد الشرق الأوسط، خالد الجندي، جاء فيه أن الرئيس الأمريكي، جو
بايدن، سافر إلى دولة
الاحتلال الإسرائيلي، قبل عام، عقب تاريخ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والتقى برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، لتأكيد دعم إدارته لـ"إسرائيل".
وأوضحت المجلة، خلال المقال الذي ترجمته "عربي21" أن "احتضان بايدن لنتنياهو، كان متجذرا في الاعتقاد بأن الحوافز الإيجابية يمكن أن تكبح جماح تصرفات إسرائيل في
غزة. لكن في الواقع، أسفرت دبلوماسية "الاحتضان الحميم" هذه، عن فشل مدو".
وأضافت: "منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على غزة، سعت إدارة بايدن إلى تحقيق أربعة أهداف سياسية: دعم الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، والمساعدة في تأمين إطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة، ثم التقليل من الأذى للمدنيين الفلسطينيين، ومنع اندلاع حرب شاملة في المنطقة".
"لكن بعد مرور عام، استشهد أكثر من 42 ألف فلسطيني، ودُمرت معظم غزة، فيما يواجه سكانها البالغ عددهم مليوني نسمة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في هذا القرن"، وفق المجلة، فيما أشارت إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي فشلت في تحقيق هدفها المعلن، المتمثل في "القضاء على حماس"، ولا يزال حوالي 100 أسير في غزة.
وفي السياق ذاته، تابع المقال: "فيما كانت الإدارات الأمريكية السابقة، سواء الديمقراطية أو الجمهورية، شديدة الاحترام لإسرائيل، كان بايدن فريدا من نوعه في رفضه المتشدد لاستخدام النفوذ الأمريكي أو ممارسة أي ضغط حقيقي على إسرائيل".
وقد "أدّى هذا إلى سياسة أمريكية غير متماسكة ومنفصلة بشكل صارخ عن الحقائق على الأرض - فضلا عن أهداف سياسة الإدارة نفسها" وفق المقال، مبرزا أنه "مرّ نهج بايدن المتسامح تجاه إسرائيل بتكرارات مختلفة على مدار العام الماضي. ففي الأشهر القليلة الأولى من الحرب، عرضت واشنطن دعما غير مشروط للهجوم الإسرائيلي على غزة، بينما رفضت أي دعوات لوقف إطلاق النار، بما في ذلك استخدام حق النقض ثلاث مرات منفصلة ضد قرار وقف إطلاق النار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
"على الرغم من ارتفاع عدد القتلى وما اعتبره مراقبو حقوق الإنسان "استخفافا صادما بأرواح المدنيين" من قبل القوات الإسرائيلية، فقد أكد البيت الأبيض في عهد بايدن مرارا وتكرارا أن الولايات المتحدة لن ترسم أي "خطوط حمر" عندما يتعلق الأمر بسلوك إسرائيل في غزة" وفقا للمقال نفسه.
وأبرز أنه "حتى عندما حذّر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، إسرائيل، من أن الخسائر المدنية الهائلة تخاطر بتحويل النصر التكتيكي إلى هزيمة استراتيجية، فقد استمرت واشنطن في تسريع توريد الأسلحة إلى إسرائيل. وكانت التجاوزات الإسرائيلية خطيرة لدرجة أن محكمة العدل الدولية قضت بوجود قضية "معقولة" للإبادة الجماعية في غزة".
وقال إنه "بعد شهر واحد من بدء الحرب، عرضت وزارة الخارجية الأمريكية رؤيتها لما بعد الحرب لغزة - لا تهجير قسريا، ولا إعادة احتلال لغزة أو تقليص أراضيها، وإعادة السيطرة إلى السلطة الفلسطينية "المتجددة"؛ بينما تظاهرت بأن كلمات نتنياهو والقنابل الإسرائيلية لم تمنع بالفعل كل هذه الأشياء تقريبا. كان افتقار الإدارة إلى الاستعجال نابعا، جزئيا، من التأكيدات الإسرائيلية أن الحرب ستنتهي بحلول أوائل عام 2024".
واستطرد: "مع استمرار الحرب، وتدهور الظروف الإنسانية في غزة بشكل كبير، كان على إدارة بايدن إعادة التكيّف. وبحلول شباط/ فبراير الماضي، تحولت الولايات المتحدة بعيدا عن معارضتها الصريحة لأي وقف لإطلاق النار إلى تبني صفقة محدودة لوقف إطلاق النار مقابل الأسرى".
"في الوقت نفسه، أصبح المسؤولون الأمريكيون أكثر صراحة في إحباطهم من سلوك إسرائيل، محذرين أحيانا من العواقب الضمنية، وإن كان ذلك دون أي متابعة جادة" بحسب المجلة.
وأوضحت أنه "حين ناشد المسؤولون الأمريكيون، إسرائيل، بذل المزيد من الجهود، لحماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات إلى سكان غزة المنكوبين، خلصت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش وإنقاذ الطفولة٬ إلى أن إسرائيل تستخدم المجاعة كسلاح حرب".
وتابعت: "لتجاوز القيود الإسرائيلية، لجأت الولايات المتحدة إلى تدابير استثنائية، بما في ذلك إسقاط المساعدات جوا وبناء رصيف عائم بقيمة 230 مليون دولار ــ ولكن تم التخلي عن كليهما في نهاية المطاف".
إلى ذلك، أكدت المجلة، أنه "في أوائل نيسان/ أبريل، عقب الغارات الإسرائيلية على قافلة وورلد سنترال كيتشن التي أسفرت عن مقتل سبعة عمال إغاثة دوليين، بما في ذلك مواطن أمريكي، أصدرت إدارة بايدن إنذارا قاسيا بشكل غير عادي ــ إذا لم تر الولايات المتحدة تغييرات في سلوك إسرائيل، فسوف يحدث تغيير في السياسة الأمريكية. ولكن باستثناء زيادة وجيزة في المساعدات، لم يتغير سوى القليل جدا".
وبحسب المجلة، فقد "أكدت لحظتان حاسمتان أن حكومة الولايات المتحدة لم تكن جادة أبدا بخصوص العواقب على إسرائيل. وكان العامل الأول هو تقرير الإدارة بشأن مذكّرة الأمن القومي رقم 20، التي طالبت بخفض المساعدات العسكرية للدول التي تستخدم أسلحة أمريكية الصنع في انتهاك للقانون الإنساني الدولي والقانون الأمريكي".
وتابعت: "على الرغم من الأدلة على الانتهاكات الإسرائيلية الواسعة النطاق والفظيعة للقانون الدولي، بما في ذلك حجب المساعدات الإنسانية، فإن التقرير تجنب التطرق إلى القضية بقوله إنه من الصعب للغاية إجراء "تقييمات نهائية" بشأن امتثال إسرائيل".
وأشارت إلى أنه "بعد أسبوع، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أنه سوف يسعى إلى إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، بالإضافة إلى ثلاثة من قادة حماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب".
كذلك، "كان العامل الحاسم الثاني هو الحملة الهجومية الإسرائيلية على رفح، المدينة الحدودية في جنوب غزة حيث صدرت الأوامر لمعظم سكان القطاع بالانتقال، في أعقاب تدمير مدينة غزة وخانيونس" كما أكدت المجلة.
ومضت بالقول: "خوفا من كارثة إنسانية، أعلن بايدن أن الهجوم على رفح سيتجاوز "الخط الأحمر" وحذر من العواقب إذا مضت إسرائيل قدما في الغزو. عندما دخلت الدبابات الإسرائيلية رفح في أوائل أيار/ مايو الماضي، أعلنت الإدارة أنها تحتجز آلاف القنابل التي يبلغ وزنها 2000 و500 رطل والتي حولت معظم البنية التحتية في غزة إلى أنقاض".
وأردفت بأنه "بعد أشهر من التوتر بشأن غزة، أصبح المسرح مهيأ الآن لمواجهة كبرى بين بايدن ونتنياهو - أو هكذا بدا الأمر. وبعد أسبوعين فقط من العملية، انهارت الإدارة. وأصرّ البيت الأبيض على أن غزو رفح لم يكن في الواقع غزوا، بل عملية "أكثر استهدافا ومحدودية" - وإن كانت عملية دمرت ما يقرب من نصف جميع الهياكل".
وتابعت: "بعد أن نجح في تحدّي بايدن بشأن رفح وتحدي الرئيس الأمريكي مرارا وتكرارا دون عقاب، أدرك نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة أنهما سيكونان الآن حرين في متابعة الحرب وحتى تصعيدها كما يرون مناسبا؛ فيما يسعى إلى إطالة أمد الحرب وحتى توسيعها من أجل الحفاظ على قبضته على السلطة - بما في ذلك السماح باغتيال رئيس حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، بالإضافة إلى إضافة مطالب جديدة إلى صفقة محتملة".
ويقول الكاتب٬ إن "توسيع إسرائيل للحرب إلى لبنان طوال الصيف وخاصة في الأسابيع القليلة الماضية هو أحدث مثال على نهج بايدن الذي يقوّض نفسه. فقد حذر بايدن إسرائيل مرارا وتكرارا من غزو شامل للبنان، والذي قد يجر المنطقة إلى صراع كارثي".
وأضاف: "في الوقت نفسه، أكد المسؤولون الأمريكيون للقادة الإسرائيليين أنهم سيستمرون في دعم إسرائيل مهما حدث. وكانت هذه الرسالة المشوشة بمثابة هبة من السماء لنتنياهو، الذي تجاهل باستمرار التحذير واستمتع بالدعم".
واسترسل: "منذ منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، استمرت العمليات الإسرائيلية في لبنان، بما في ذلك هجوم أجهزة النداء المتفجرة، والغارات الجوية، التي اغتالت زعيم حزب الله، حسن نصر الله، وخلفت أكثر من 2100 شهيدا ونحو مليون نازح".
وتابع: "عندما جاء الرد الإيراني، بإطلاق نحو 180 صاروخا على أهداف مختلفة في مختلف أنحاء إسرائيل، رد المسؤولون الأمريكيون بالغضب والاستخفاف، ووصفوا الهجوم بأنه غير فعال في حين انضموا إلى إسرائيل في الوعد بعواقب وخيمة".
وأكد: "أصبحت إدارة بايدن، الآن، مشاركا نشطا في النتيجة ذاتها التي أمضت شهورا في التحذير منها والعمل على منعها. ففي حين كانت تعمل قبل أسابيع فقط بشكل محموم على التفاوض على وقف إطلاق النار في لبنان، فقد تبنت الإدارة الآن علنا حملة قصف وغزو إسرائيليين حذرت منهما ذات يوم".
وأضاف: "ربما كانت هذه النتيجة حتمية. إن الدافع الطاغي لدى بايدن لمواءمة أهداف الولايات المتحدة مع أهداف إسرائيل، حتى عندما كان من الواضح أن الاثنين متباعدان، أدّى دائما إلى سياسة أميركية غير متماسكة وفاشلة".
"من خلال العمل على ضمان إفلات إسرائيل من العقاب، حتى عندما تصرفت بطرق عارضتها الولايات المتحدة بشدة، عملت الإدارة باستمرار على تقويض دبلوماسية وقف إطلاق النار الخاصة بها بينما سمحت لنتنياهو بتوسيع الحرب"، بحسب المقال نفسه.
واختتم المقال بالقول: "بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، فسوف تحتاج واشنطن إلى استخدام النفوذ الهائل الذي تتمتع به بالفعل، خاصة لربط نقل الأسلحة وغير ذلك من المساعدات العسكرية لإسرائيل بامتثالها للمبادئ الأساسية للقانون الدولي كما يقتضي القانون الأمريكي".