كتاب عربي 21

الثغرات الأمنية في حزب الله

"ثغرات أمنية جسيمة لدى الحزب" وصلت إلى اغتيال نصر الله- إكس
كشف تعدد عمليات اغتيال عدد من كبار القادة العسكريين لدى تنظيم حزب الله اللبناني خلال شهر أيلول/ سبتمبر الحالي، عن ثغرات أمنية جسيمة لدى الحزب، تمكن جيش الاحتلال من خلالها من تنفيذ تفجير أجهزة البيجر لدى مقاتلي حزب الله في السابع عشر من الشهر، ثم تفجير أجهزة اللاسلكي لديهم في اليوم التالي، مما أسفر عن وفاة 27 شخصا وجرح ما يقرب من الثلاثة آلاف أو أكثر والذين تحول بعضهم الى معاقين، ثم كان اغتيال إبراهيم عقيل، قائد قوة الرضوان التي تمثل النخبة في الحزب، ومعه القائد أحمد وهبي وعدد من المقاتلين، في العشرين من الشهر.

وفي الرابع والعشرين اغتيل القائد إبراهيم قبيسي، وفي السادس والعشرين اغتيل القائد محمد حسين سرور، وفي السابع والعشرين اغتيل الأمين العام للحزب حسن نصر الله ومعه القائد على كركي، ومعهما العميد الإيراني عباس نيلفروشان، مسؤول ملف لبنان في فليق القدس، وربما تكشف الأيام المقبلة عن آخرين كانوا في الاجتماع الذي حضره نصر الله وتم قصفه من خلال قنابل خارقة للتحصينات.

وبرحيل نصر الله انقسم الرأي بين من يتوقعون استمرار نضال حزب الله ضد إسرائيل حسبما جاء في بيان الحزب لإعلان اغتيال أمينه العام، وبين من ابتهجوا باغتيال نصر الله ورأوا فيه انتكاسة وانكسارا للحزب. ويدلل أنصار حزب الله على تفاؤلهم باستمرار النضال، بأن الحزب لم يتأثر كثيرا باغتيال أمينه العام الثاني عباس الموسوي في شباط/ فبراير 1992، بعد توليه بحوالي عشرة أشهر، بواسطة مروحيات إسرائيلية قتلت معه أسرته ومرافقيه، كما يستند هؤلاء الى ما حدث من اغتيال مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين في آذار/ مارس 2004، وبعده بأقل من شهر اغتيال خلفه الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، ومع ذلك فقد استمرت مسيرة حماس وأصبحت أقوى مما كانت عليه حينذاك.

اغتيالات تاريخية لم توقف المسيرة
المهمة الرئيسية للحزب هي علاج تلك الخروقات الاستخباراتية، وترتيب الأوضاع العسكرية قبل مواصلة المواجهة مع إسرائيل، والتي ربما تسعى بشكل متعجل للغزو البري للاستفادة من حالة الارتباك التي يعشيها الحزب، والاستفادة أيضا من العناصر التي جندتها وسط صفوف الحزب ولم يتم كشفها بعد، خاصة وأنه يبدو أنها وصلت إلى المتابعة اللصيقة لأعلى الصفوف من كوادر الحزب

كما يذكرون كذلك اغتيال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور فتحي الشقاقي عام 1995، واستمرار تنظيم سرايا القدس التابع للجهاد في نشاطه حتى الآن، وهو ما تكرر مع اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري في كانون الثاني/ يناير الماضي، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في نهاية تموز/ يوليو الماضي، واستمرار نشاط الحركة رغم ذلك حتى الآن. إلا أن كل تلك النماذج من استمرار النضال رغم عمليات الاغتيال، لم يكن لديها هذا الانكشاف الاستخباراتي الواسع الموجود حاليا لدى حزب الله، والذي لم تتم علاج بعض علاماته المبكرة التي ظهرت منذ بداية العام الحالي؛ مع اغتيال صالح العاروري في بيروت، والقيادي في الحزب وسام حسن طويل (الحاج جواد) في كانون الثاني/ يناير الماضي، ثم اغتيال القيادي في الحزب سامي طالب عبد الله (الحاج أبو طالب) في حزيران/ يونيو الماضي، وما تلاه من اغتيال القيادي محمد ناصر في تموز/ يوليو الماضي، واغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر في نفس الشهر.

ولهذا تصبح المهمة الرئيسية للحزب هي علاج تلك الخروقات الاستخباراتية، وترتيب الأوضاع العسكرية قبل مواصلة المواجهة مع إسرائيل، والتي ربما تسعى بشكل متعجل للغزو البري للاستفادة من حالة الارتباك التي يعشيها الحزب، والاستفادة أيضا من العناصر التي جندتها وسط صفوف الحزب ولم يتم كشفها بعد، خاصة وأنه يبدو أنها وصلت إلى المتابعة اللصيقة لأعلى الصفوف من كوادر الحزب.

الاغتيال وفرصة تجديد دماء الحزب

بعد سد تلك الثغرات الأمنية فإن استمرار المد الإيراني للحزب بالمال والسلاح أمر مضمون، وكذلك تسهيل وصول السلاح إليه عبر الحدود مع سوريا، وتواصله مع المقاومة في اليمن والعراق مضمون، وكذلك حصوله على المتطوعين، وهنا ربما يمكن أن يتم تحويل اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله من أزمة إلى فرصة لتجديد دماء الحزب، بعد 32 عاما قضاها نصر الله في منصب أمين عام الحزب ومعه الكثير من القادة التاريخيين،
تبدو أهمية الاستمرار في دعم سكان غزة المُحاصرين والضفة الغربية وكذلك سكان جنوب لبنان الذين تركوا منازلهم وهاجروا لمناطق أخرى في لبنان، والذين ستسعى دولة الاحتلال لمقايضتهم بعودة مستوطني الشمال إلى مستوطناتهم، حيث تسعى القيادة الإسرائيلية بكل قوة لسرعة حسم الموقف في كل من لبنان وغزة، واستخدام القوة المفرطة والغارات المكثفة قبل حلول موعد مرور عام على طوفان الأقصى
بما يعطى المجال لأجيال شابة أكثر إلماما بفنون الحرب الحديثة وخاصة الحرب الإلكترونية التي ظهر ضعف الحزب فيها مع تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي، والاختراق من خلال توريد أجهزة من شركة صورية.

وتزداد الحاجة إلى سرعة إعادة حزب الله ترتيب أموره وتعافيه من قبل كل المناصرين للقضية الفلسطينية، بعد أن أصبحت حركات المقاومة سواء في لبنان أو غزة أو اليمن أو العراق هي الملاذ الباقي لإحياء القضية، بعد أن انكشف الموقف الحقيقي لقادة الدول الأنظمة العربية والإسلامية، الذين توزعت أدوارهم ما بين منسق مع إسرائيل والولايات المتحدة والدول الغربية لاجتثاث المقاومة، أو متخاذل لا يود إغضاب الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما من الدول الغربية، ويدير وجهه عن القضية الفلسطينية، وهناك الذين يسعون من خلال وسائل إعلامهم تشتيت الرأي العام العربي والإسلامي في قضايا وفتن وأكاذيب وإشاعات فرعية وطائفية، للوقيعة بين تلك الشعوب وقوى المقاومة.

كذلك تبدو أهمية الاستمرار في دعم سكان غزة المُحاصرين والضفة الغربية وكذلك سكان جنوب لبنان الذين تركوا منازلهم وهاجروا لمناطق أخرى في لبنان، والذين ستسعى دولة الاحتلال لمقايضتهم بعودة مستوطني الشمال إلى مستوطناتهم، حيث تسعى القيادة الإسرائيلية بكل قوة لسرعة حسم الموقف في كل من لبنان وغزة، واستخدام القوة المفرطة والغارات المكثفة قبل حلول موعد مرور عام على طوفان الأقصى بعد أيام قليلة، حتى تكون لديها الجاهزية للرد على سؤال الشارع الإسرائيلي وحلفائها الغربيين؟ ماذا فعلتم في الأهداف التي وضعتموها للحرب في غزة وللحرب مع حزب الله بعد مرور عام عليهما؟

x.com/mamdouh_alwaly