في مساء الجمعة 16 آب/ أغسطس 2024،
أُعلن عن توقف
المفاوضات التي توقع كثر نجاحها، بالرغم من إصرار
نتنياهو على عدم
الوصول إلى اتفاقية هدنة، تُجري تبادلا للأسرى، وتوقف إطلاق النار، ولو تدريجيا،
علما بأن نتنياهو ما زال مستمرا على موقفه لإفشال المفاوضات، كما في كل مرة على
مدى الأشهر العشرة الماضية.
الذين تفاءلوا، ولو بحذر، بنوا
احتمال نجاح المفاوضات هذه المرة على محاولة تلافي الردّ المتوقع من إيران وحزب
الله على اغتيال الشهيدين القائدين اسماعيل هنية في طهران، والسيد فؤاد شكر في
الضاحية/ بيروت.
وكانت كل من إدارة
بايدن، والحكومات
الأوروبية، أظهرت رغبة في عدم الدفع في الصراع إلى حرب إقليمية، وقد انفرد نتنياهو
بالسعي إلى دفع الأمور إليها. فمن هنا بُني تفاؤل البعض على هذه الرغبة، من حيث
تجنب أمريكا وأوروبا التورط في حرب إقليمية لا تريدانها.
هذه النتيجة، جاءت ضربة لجهود أمريكا وأوروبا، كما جاءت خضوعا ذليلا لما يريد نتنياهو، الأمر الذي جعل بايدن رئيسا أمريكيا ضعيفا، بل الأضعف من بين رؤساء أمريكا، في عدم فرض السياسة الأمريكية على الكيان الصهيوني، وليس العكس
ولكن مع ذلك فشلت المفاوضات، وفشل
أيضا ما كان بايدن قد عبّر عنه من توقع نجاحها، علما أنه كعادته كان هذه المرة،
أيضا، هو المسؤول الأول عن فشلها، وذلك عندما خضع كعادته لنتنياهو، وأضاف إلى
مسودة الاتفاقية بنودا جديدة أملاها نتنياهو عليه، مما جعل التوصل إلى اتفاق، مع
هذه الشروط الجديدة، مرفوضا من جانب
حماس ومن ثم جعل الاتفاق غير ممكن.
ولكن هذه النتيجة، جاءت ضربة لجهود
أمريكا وأوروبا، كما جاءت خضوعا ذليلا لما يريد نتنياهو، الأمر الذي جعل بايدن
رئيسا أمريكيا ضعيفا، بل الأضعف من بين رؤساء أمريكا، في عدم فرض السياسة
الأمريكية على الكيان الصهيوني، وليس العكس. وذلك مفهوم انطلاقا من حقيقة ما
لأمريكا من "فضل" في حماية الكيان الصهيوني ودعمه، كما من حيث كونها
الدولة الكبرى الأولى في العالم.
أما الدليل، فما حدث مع الرئيس
الأمريكي أيزنهاور، حين فرض على الكيان الصهيوني الانسحاب من كل سيناء عام 1956،
أو كما حدث مع الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، حين فرض على الكيان الصهيوني
المشاركة في مفاوضات مدريد 1991، بالرغم من رفض شامير.
كان فشل المفاوضات هذه المرة، وبسبب خضوع بايدن، بتبني شروط نتنياهو الجديدة، مثيرا لجدل أمريكي- أمريكي بالضرورة، أو هو في كل الأحوال فشل وفضيحة لأمريكا
من هنا كيف يصح أن يخضع بايدن
لنتنياهو، في كل خلاف حدث بينهما طوال الأشهر العشرة الماضية، من الحرب في قطاع
غزة. وذلك بدلا من العكس.. علما أن بايدن في خلافه مع نتنياهو كان يراعي مصلحة
"إسرائيل" أكثر منه، وذلك مع تغطيته للحرب البرية، ولحرب الإبادة
الإجرامية؟
لهذا كان فشل المفاوضات هذه المرة،
وبسبب خضوع بايدن، بتبني شروط نتنياهو الجديدة، مثيرا لجدل أمريكي- أمريكي
بالضرورة، أو هو في كل الأحوال فشل وفضيحة لأمريكا، الأمر الذي يفسّر العودة
السريعة لاستئناف المفاوضات منذ اليوم في 18 آب/ أغسطس من خلال تحركات أمريكية
مستعجلة لجولة مفاوضات جديدة، وذلك لتجنب المزيد من التأزيم باتجاه الحرب
الإقليمية التي يسعى لها نتنياهو.
إن خضوع السياسة الأمريكية للسياسة
الصهيونية، يضرب عرض الحائط بكل منطق سياسي، أو عُرف، أو قانون حاكم في السياسة.