بتاريخ 19 يوليو/ تموز أصدرت محكمة العدل
الدولية رأيا استشاريا على درجة عالية من الأهمية، وذلك جوابا على السؤال الذي
تلقته من الجمعية العامة للأمم المتحدة في دجنبر 2022، وقد كان السؤال الموجه
لمحكمة
العدل الدولية على الشكل التالي:
"ما هي الآثار القانونية الناشئة عن
انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب
الفلسطيني في تقرير المصير، نتيجة احتلالها طويل
الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واستيطانها وضمها لها، بما في ذلك
التدابير الرامية إلى تغيير التركيبة السكانية و التكوين الديمغرافي لمدينة القدس
الشريف وطابعها ووضعها، وعن اعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية في هذا الشأن؟و كيف
تؤثر سياسات إسرائيل وممارساتها المذكورة أعلاه على الوضع القانوني للاحتلال وما
هي الآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة؟"
وهي المرة الثانية التي تطلب فيها الجمعية
العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية، إصدار
رأي استشاري يتعلق بالأراضي
الفلسطينية المحتلة، ففي يوليوز 2004، طلبت الجمعية العامة فتوى قانونية بشأن
الإجراءات التي قامت بها السلطات الإسرائيلية في الأرض المحتلة في دجنبر 2003
والمتعلقة ببناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، بما فيها القدس.
الطرف المعتدي في الحالة الراهنة وهو الاحتلال الإسرائيلي لا يعبر عن أي رغبة في الاحتكام إلى العدالة الدولية لأنه يعرف مسبقا بأن حكمها سيكون ضده، ولذلك تعمل الآلة الدعائية لدولة الاحتلال على التنقيص من قيمة الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وصلت إلى درجة نعت قضاتها بـ "معاداة السامية"
وبعد بضعة أشهر، صرحت المحكمة بأن بناء
الجدار مخالف للقانون الدولي ويجب أن يتوقف، وأنه يجب تفكيك الأجزاء التي بُنيت
منه، وهو الموقف الذي أعادت المحكمة التأكيد عليه من جديد في الرأي الاستشاري
الأخير ، كما لاحظت المحكمة بقلق بالغ بأن سياسة الاستيطان الإسرائيلية آخذة في
التوسع منذ صدور الرأي الاستشاري للمحكمة بشأن الجدار.
وبغض النظر عن مدى إلزامية هذا الرأي
بالنسبة لكيان اعتاد نهج سياسة الاستهتار بالعدالة الدولية والضرب بآرائها عرض الحائط، فإن الرأي
الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية ومضامينه القانونية يكتسي أهمية خاصة
بالنظر لمجموعة من الاعتبارات التي تجعل منه انتصارا تاريخيا للشعب الفلسطيني
وخطوة مهمة في سبيل تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة وإنهاء
الاحتلال، بل إن
المرتكزات التي استند عليها قضاة المحكمة تجعل منها مرتكزات صالحة للجزم بعدم
مشروعية التواجد الإسرائيلي فوق الأراضي المحتلة سنة 1948 نفسها..
الرأي الاستشاري اختبار جديد لأجهزة النظام
الدولي ومدى فعاليتها..
الرأي الاستشاري جاء بطلب من الجمعية العامة
للأمم المتحدة، ويعتبر هذا اللجوء من أعلى جهاز تقريري في الأمم المتحدة إلى محكمة
العدل الدولية باعتبارها من الأجهزة الرئيسية للمنظمة الأممية بمثابة اختبار جديد
لمدى فعالية النظام الدولي الذي استقر بعد الحرب العالمية الثانية، والذي تعتبر
محكمة العدل الدولية من بين أجهزته الرئيسية، ومدى قدرته على حماية الأمن والسلم
الدوليين، فأي نظام للأمن الدولي يحتاج لاكتساب مقبوليته وفعاليته أن تتوفر فيه
القدرة على فض المنازعات الدولية عن طريق الوسائل السلمية والقضائية، وأن يمتلك القدرة
على ضمان أمن وسلامة الفاعلين من أي اعتداء أو عدوان خارجي فضلا عن إنهاء الاحتلال
ونبذ استخدام القوة المسلحة في العلاقات
الدولية، صحيح أن طلب الرأي الاستشاري جاء من الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو
أسمى تعبير عن الإرادة الدولية.
لكن الطرف المعتدي في الحالة الراهنة وهو الاحتلال
الإسرائيلي لا يعبر عن أي رغبة في الاحتكام إلى العدالة الدولية لأنه يعرف مسبقا
بأن حكمها سيكون ضده، ولذلك تعمل الآلة الدعائية لدولة الاحتلال على التنقيص من
قيمة الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وصلت إلى درجة نعت قضاتها بـ "معاداة
السامية"، وهو نفس الرأي الذي اعتمدته الإدارة الأمريكية اتجاه الرأي الأخير للمحكمة، حينما اعتبرت بأن قول المحكمة
بـ"عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967
وضرورة إنهاء الاستيطان سيعقد الجهود المبذولة لحل الصراع"، وقد كان هذا
الموقف امتدادا للدفوعات الكثيرة التي توصلت بها المحكمة من الطرف الإسرائيلي
وحلفائه الذين بذلوا جهودا حثيثة من أجل الحيلولة دون إصدار هذا الرأي، وتقدموا
بالعديد من المذكرات القانونية التي تضمنت سيلا من الدفوعات التي تشكك في الولاية
القضائية للمحكمة..
الاختصاص القضائي والرد على الادعاءات
الأمريكية والإسرائيلية..
ردت المحكمة على الدفوعات الإسرائيلية
والأمريكية باقتدار كبير، حيث اعتبرت بأن القضية الفلسطينية ظلت معروضة على
الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 1947 واتخذت
قرارات بشأنها كل سنة تقريبا،
وبالتالي، اعتبرت المحكمة بأنه لا يجوز لها، في إطار ممارسة سلطتها التقديرية،
أن ترفض إعطاء الرأي المطلوب بحجة التحايل على مبدأ الموافقة على التسوية،
وحول ما إذا كانت فتوى المحكمة قد تقوض عملية التفاوض بين إسرائيل وفلسطين وقد
تعرقل جهود مجلس الأمن كما تدفع بذلك الإدارة الأمريكية رأت المحكمة أن هذا
السؤال، في الظروف الحالية، هو مسألة تخمين.. ولذلك لا يمكن للمحكمة أن تعتبر
هذا العامل سببا مقنعا لرفض الاستجابة لطلب الجمعية العامة.
وحول ما إذا كانت لدى المحكمة معلومات كافية
لتمكينها من إصدار فتوى أشارت المحكمة إلى أن أكثر من 50 دولة ومنظمة دولية تقدمت
بمعلومات ذات صلة بالإجابة عن الأسئلة التي طرحتها الجمعية العامة على المحكمة،
كما أشارت إلى أنها قامت بدراسة ملف ضخم
قدمه الأمين العام للأمم المتحدة، والذي يحتوي على معلومات مستفيضة عن الوضع في
الأراضي الفلسطينية المحتلة، ورأت المحكمة أنها تتوفر في هذه القضية على معلومات
كافية للبت في المسائل القانونية بطريقة تنسجم مع وظيفتها القضائية. وعليه، فلا
يوجد سبب قاهر للامتناع عن إبداء الرأي المطلوب على هذا الأساس، وحول ما إذا
كانت الأسئلة قد صيغت بطريقة متحيزة أجابت المحكمة على أنها تتمتع بسلطة التفسير،
عند الضرورة، لإعادة صياغة الأسئلة المطروحة عليها.
ولذلك فإن الأمر متروك
للمحكمة لتقدير وتقييم مدى ملاءمة صياغة الأسئلة، كما نبهت المحكمة إلى أنه يجوز
لها، عندالضرورة، أن تحدد بنفسها نطاق ومعنى الأسئلة المطروحة عليها، وبالتالي،
لا يجوز للمحكمة، في إطار ممارسة سلطتها التقديرية، أن ترفض إبداء فتواها على
أساس أن الأسئلة المطروحة عليها متحيزة أو غير متوازنة، ورأت المحكمة أن
الأسئلة المقدمة من طرف الجمعية العامة هي أسئلة قانونية، وخلصت إلى أن الطلب
قد تم تقديمه وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي للمحكمة، وبالتالي
فإن لها الاختصاص لإصدار الرأي المطلوب.
أهمية التوقيت يصب في مصلحة المقاومة
الفلسطينية ومشروعية كفاحها ضد الاحتلال..
رغم تأكيد محكمة العدل الدولية أن
حيثيات إصدار هذا الرأي الاستشاري سابقة
على أحداث السابع من أكتوبر، ولكن التوقيت الذي صدر فيه والحمولة القانونية القوية
لمضامينه تجعل منه قرارا يصب في مصلحة المقاومة الفلسطينية ويؤكد مشروعية كفاحها
ضد الاحتلال.
كما أن استعراض السياق المتعلق بالسؤالين
المعروضين على المحكمة انطلاقا من الصراع المسلح الذي اندلع سنة 1967 المعروف
ب"حرب الأيام الستة" بين
إسرائيل والدول المجاورة مصر وسوريا والأردن، وما تبعها من احتلال إسرائيلي لجميع
الأراضي الفلسطينية الواقعة تحت الانتداب البريطاني خارج الخط الأخضر، يساعد على
تركيب الأحداث والوقائع التي تؤكد حقيقة الاحتلال، ففي 22 نونبر 1967 اعتمد مجلس
الأمن بالإجماع القرار 242 الذي "أكد على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي
بالحرب "ودعا إلى"انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي المحتلة
في السنوات الأخيرة".
رغم تأكيد محكمة العدل الدولية أن حيثيات إصدار هذا الرأي الاستشاري سابقة على أحداث السابع من أكتوبر، ولكن التوقيت الذي صدر فيه والحمولة القانونية القوية لمضامينه تجعل منه قرارا يصب في مصلحة المقاومة الفلسطينية ويؤكد مشروعية كفاحها ضد الاحتلال.
وتذكر المحكمة بأن إسرائيل بدأت منذ عام 1967 في إنشاء أو
دعم المستوطنات في الأراضي التي احتلتها، وبحلول عام 2023، سيقيم حوالي 465,000
مستوطن في الضفة الغربية، موزعين على حوالي 300 مستوطنة وبؤرة استيطانية، بينما
يقيم حوالي 230,000 مستوطن في القدس الشرقية، وسكان المستوطنات و"البؤر
الاستيطانية" في الأرض الفلسطينية المحتلة، كما توقفت المحكمة عند وضعية
القدس التي اتخذت فيها قوات الاحتلال عددا من الإجراءات الهادفة إلى تغيير وضعها،
مما دفع مجلس الأمن في عدد من المناسبات إلى التذكير ب"مبدأ عدم جواز
الاستيلاء على الأراضي عن طريق الغزو العسكري"، وقد أدان تلك التدابير،
وأكد بموجب قراره 298 المؤرخ في شتنبر
1971 أن "جميع الإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل لتغيير
وضع مدينة القدس، بما في ذلك مصادرة الأراضي والممتلكات، ونقل السكان، والتشريعات
التي تهدف إلى ضم القسم المحتل، هي باطلة تماما ولا يمكنها تغيير هذا الوضع" .
جواب المحكمة: وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة
غير قانوني
توصلت المحكمة إلى أن استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض
الفلسطينية المحتلة غير قانوني؛ وبأن دولة إسرائيل مُلزَمة بإنهاء وجودها غير
القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت ممكن؛ وبأنها مُلزَمة بأن توقف
فوراً جميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة، وبإخلاء جميع المستوطنين من الأرض
الفلسطينية المحتلة؛ وترى أن دولة الاحتلال مُلزَمة بدفع تعويضات عن الأضرار التي
لحِقت بجميع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين المعنيين في الأرض الفلسطينية
المحتلة؛ وعلى إسرائيل أيضا الالتزام بإلغاء جميع التشريعات والتدابير التي
تخلق أو تحافظ على الوضع غير القانوني، بما في ذلك تلك التي تميز ضد الشعب
الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك جميع التدابير التي تهدف إلى
تعديل التركيبة السكانية لأي جزء من الأرض.
يشمل الاسترداد التزام إسرائيل بإعادة
الأراضي والممتلكات غير المنقولة الأخرى، وكذلك جميع الأصول التي استولت عليها من
أي شخص طبيعي أو اعتباري منذ بدء احتلالها عام 1967، وجميع الممتلكات الثقافية
والأصول المأخوذة من الفلسطينيين والمؤسسات الفلسطينية، بما في ذلك المحفوظات
والوثائق. كما يتطلب الأمر إخلاء كافة المستوطنين من المستوطنات القائمة وتفكيك
أجزاء الجدار الذي بنته إسرائيل والواقعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة
بالإضافة إلى السماح لجميع الفلسطينيين الذين نزحوا خلال فترة الاحتلال بالعودة
إلى أماكن إقامتهم الأصلية.
كما ترى أن جميع الدول مُلزَمة بعدم
الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأرض
الفلسطينية المحتلة وبعدم تقديم المعونة أو المساعدة في الحفاظ على الوضع الناشئ
عن الوجود المستمر لدولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة؛ وترى أن المنظمات
الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، مُلزَمة بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن
الوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة؛ كما ترى أنه
يتعيّن على الأمم المتحدة، وخاصةً الجمعية العامة، التي طلبت هذه الفتوى، ومجلس
الأمن، أن ينظروا في الطرائق المحددة والإجراءات الإضافية اللازمة لوضع حدّ في
أسرع وقت مُمكِن للوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة.
سياق 1967 وحقيقة الاحتلال الذي بدأ في سنة
1948..
مع التسليم بأن اللجوء إلى القضاء كأسلوب
لفض النزاعات لم يعد، كما لم يكن في السابق، أسلوبا فعالا لحسم الصراع في
العلاقات الدولية وإنصاف الضحايا، ولكن قيمة الرأي القانوني لمحكمة العدل الدولية
تكمن، فضلا عن حجيته وشرعيته القانونية، في قوته الأخلاقية التي تبرز الجانب الذي
يوجد فيه الحق والعدالة، كما تكمن في قيمته التاريخية أيضا، بحيث إن نفس الحيثيات
التي اعتمدت عليها المحكمة لإبراز عدم قانونية الاحتلال على الأراضي الفلسطينية
المحتلة سنة 1967، يمكن البناء عليها لإعادة قراءة نكبة 1948 والجزم بعدم شرعية
التواجد الإسرائيلي فوق الأراضي التي احتلتها سنة 1948, بما فيها قرار التقسيم
الظالم في حق الشعب الفلسطيني.
مع التسليم بأن اللجوء إلى القضاء كأسلوب لفض النزاعات لم يعد، كما لم يكن في السابق، أسلوبا فعالا لحسم الصراع في العلاقات الدولية وإنصاف الضحايا، ولكن قيمة الرأي القانوني لمحكمة العدل الدولية تكمن، فضلا عن حجيته وشرعيته القانونية، في قوته الأخلاقية التي تبرز الجانب الذي يوجد فيه الحق والعدالة
ففي 1947 كان عدد الدول الأعضاء في الأمم
المتحدة 57 دولة فقط، وكانت الدول المنهزمة في الحرب العالمية الثانية (ألمانيا،
اليابان) وحلفائها ـ خاضعة لسلطات الاحتلال أو ممنوعة من الانضمام إلى المنظمة
الدولية، أما أغلبية دول القارة الإفريقية وآسيا الجنوبية الشرقية فكانت خاضعة
للسلطات الاستعمارية ولم تكن مستقلة، وقد شارك في التصويت 56 دولة، أي جميع الدول
الأعضاء باستثناء دولة واحدة هي مملكة سيام (تايلاند حالياً)، وقد وافقت الدول
العظمى في ذلك الحين ـ الاتحاد السوفياتي،
الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا ـ على خطة التقسيم، باستثناء بريطانيا التي
كانت بمثابة سلطة انتداب والتي فضلت الامتناع، ومن بين الدول المعارضة للخطة كانت
جميع الدول العربية والإسلامية المستقلة آنذاك وكذلك اليونان والهند وكوبا.
وفي مساء يوم 29 نونبر 1947 جرى التصويت
فكان ثلاثة وثلاثون صوتا إلى جانب التقسيم، وثلاثة عشر صوتا ضدّه وامتنعت عشر دول
عن التصويت، وغابت دولة واحدة.
والخلاصة..
إن إعادة قراءة القرار 181 المتعلق بتقسيم
فلسطين الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1947، قراءة موضوعية
انطلاقا من مقتضيات القانون الدولي وقوانين الاحتلال وقوانين الأمم المتحدة نفسها،
تجعلنا أمام قرار ظالم ومتعسف، ذلك أن فلسطين كانت دولة عربية تحت الانتداب
البريطاني منذ سنة 1923 إلى سنة 1948، وبعد انتهاء الانتداب البريطاني قرر
الانتداب تسليم فلسطين للصهاينة، وهو ما لا يجوز حسب القوانين العالمية للاحتلال
لاسيما اتفاقيات جنيف، بل لا يجوز للأشخاص المحميين أنفسهم التنازل عن حقوقهم
(المادة 8 من الاتفاقية الرابعة). وبحسب القوانين والتشريعات المتعارف عليها
عالميا فإنه بعد انتهاء الانتداب كان يجب إعادة تسليم البلاد إلى أصحابها
الحقيقيين.
ولأن التجربة أثبتت أن مقتضيات القانون الدولي لا يمكن أن تثبت
فعاليتها إلا انطلاقا من موازين القوة على الأرض، فيمكن القول أن الإرهاصات
الملموسة لرجوع الحق إلى أصحابه بدأت تظهر ملامحها مع الطريق الذي فتحته المقاومة
المشروعة لدولة الاحتلال بعد السابع من أكتوبر .