طالب عشرات
الأطباء والمسعفون الأمريكيون الذين تطوعوا في قطاع
غزة، بوقف تصدير السلاح إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأرسل عشرات المسعفين
رسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، وعقيلته جيل بايدن، يطالبونهما فيها بحظر تصدير الأسلحة إلى جيش الاحتلال.
وبحسب ما نقلت صحيفة "
الغارديان"، فإن الأطباء والممرضين الذين تطوعوا للخدمة في غزة، يطالبون بحظر تصدير السلاح إلى إسرائيل، بسبب ما تمارسه من "قسوة لا تحتمل".
وكتب العشرات من الأطباء والممرضين الذين عملوا في غزة إلى جو بايدن يقولون؛ إن حصيلة الموتى الحقيقية من هجوم الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ شهور طويلة، أعلى بكثير مما نشر سابقا.
ورجح الأطباء أن تكون حصيلة الشهداء الحقيقة تتجاوز حاجز 92 ألفا.
وطالبوا
الولايات المتحدة بسحب دعمها الدبلوماسي والعسكري لإسرائيل إلى أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وجاء في الخطاب المكون من ثمان صفحات، الذي تم تسليمه يوم الخميس موجها إلى بايدن، وإلى السيدة الأولى جيل بايدن، وإلى نائب الرئيس كاميلا هاريس، إن المسعفين رأوا بأنفسهم دليلا على انتهاكات واسعة للقوانين التي تحكم استخدام الأسلحة، التي تزود بها الولايات المتحدة إسرائيل، وانتهاكات واسعة للقوانين الدولية.
وقع على الخطاب خمسة وأربعون جراحا وطبيبا وممرضا ممن يعملن في أقسام الطوارئ، وكانوا قد تطوعوا للخدمة في العديد من المستشفيات في قطاع غزة خلال الشهور الأخيرة، وقد تحدث هؤلاء في خطابهم عما وصفوه "بحصيلة الموت الهائلة التي يسببها هجوم إسرائيل على غزة، وخاصة بين النساء والأطفال.".
وقال المسعفون: "لا يمكننا أن ننسى مشاهد القسوة التي لا تحتمل، والموجهة ضد النساء والأطفال، كما رأينا ذلك بأعيننا".
وأضافوا: "كل واحد من الموقعين على هذا الخطاب، عالج أطفالا في غزة عانوا من العنف الذي كان بلا ريب موجها ضدهم عن عمد وسابق إصرار. وبشكل خاص، عالج كلّ منا، بشكل يومي، أطفالا دون سن المراهقة، أصيبوا بأعيرة نارية في الرأس.".
وكان العديد من الموقعين على الخطاب قد صرحوا مسبقا لصحيفة ذي غارديان، بأنهم يعتقدون أن القناصة الإسرائيليين يستهدفون الأطفال، وتحدثوا عن الأثر المدمر على المدنيين للأسلحة التي تم تصميمها، بحيث تسبب انتشار مستويات مرتفعة من الشظايا.
وقال المسعفون، الذين تطوعوا عبر منظمة الصحة العالمية وغيرها من المؤسسات الإغاثية، مخاطبين الرئيس الأمريكي، بأن الحصيلة الحقيقية للموتى أعلى بكثير من الرقم الذي نشرته وزارة الصحة
الفلسطينية عن عدد المصابين، والذي قالت إنه تجاوز 39 ألفا من القتلى، جلهم من النساء والأطفال.
وجاء في خطاب المسعفين: "من المحتمل أن تكون حصيلة الموتى الناجمة عن هذا الصراع قد وصلت حتى الآن إلى أكثر من 92 ألفا، أي ما نسبته 4.2 بالمائة من سكان قطاع غزة".
وأضاف المسعفون، أنه لا يكاد ينجو أحد في غزة من تداعيات الهجوم الإسرائيلي.
وقالوا: "فيما عدا استثناءات بسيطة جدا، الجميع في غزة يعاني من المرض أو من الإصابة أو من كليهما معا. وهذا يشمل كل واحد ممن يعملون محليا في مجال الإغاثة، وكل واحد من المتطوعين الدوليين، وربما كل واحد من الرهائن الإسرائيليين: كل رجل، وكل امرأة، وكل طفل".
وحذر الخطاب من أن "الجوائح آخذة في الانتشار في غزة"، ووصف ما تقوم به إسرائيل مرارا وتكرارا من تهجير متعمد للسكان المدنيين، الذين يعانون من سوء التغذية ومن المرض، وحملهم على النزوح إلى مناطق بلا مياه نظيفة ولا مراحيض، لأمر "صادم بحق".
نفي الاتهامات
في مطلع الخطاب، نفى المسعفون الاتهامات بالتعاطف مع عملية حماس يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وقال المسعفون في خطابهم: "لا يوجد من بيننا من يؤيد الفظائع التي تم ارتكابها على أيدي مجموعات أو عناصر مسلحة فلسطينية يوم السابع من أكتوبر داخل إسرائيل".
إلا أن الموقعين قالوا؛ إن "النكبة" التي حلت بغزة بعد ذلك، تستدعي من الولايات المتحدة سحب الدعم المادي لإسرائيل.
وكتب المسعفون يقولون: "أيها الرئيس بايدن ونائب الرئيس هاريس، إن أي حل لهذه المشكلة، ينبغي أن يبدأ بوقف مباشر ودائم لإطلاق النار، ولذلك فإننا نهيب بكما تعليق الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي الممنوح لدولة إسرائيل، والمشاركة في فرض حظر دولي على تصدير السلاح لإسرائيل وللمجموعات الفلسطينية معا، إلى أن يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإلى أن يتم بسلامة نية الدخول في مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، تفضي إلى حل دائم للصراع".
تجارب مريرة
يفصل الخطاب في سرد التجارب الفردية لبعض الموقعين، بما في ذلك الجراحون، وأطباء الأطفال، والممرضون المتخصصون في علاج الصدمات، وأطباء التخدير، الذين كان بعضهم قد عمل في أوكرانيا في أثناء الغزو الروسي، وكان بعضهم قد خدم من قبل في صفوف الجيش الأمريكي.
كتب جراح العظام مارك بيرلماتر يقول: "كانت غزة أول مكان أحمل فيه بيدي بدماغ طفل رضيع. كانت المرة الأولى هناك، وهناك ما لبثت أن تكررت مرات عديدة".
ويقول فيروز سيذوا، جراح العناية الفائقة للمصابين بالصدمات؛ إنه لم يشهد "أبدا من قبل مثل هذه الإصابات المروعة، وبهذا الحجم الهائل، في شحّ شديد من الموارد والإمكانيات".
أما أسماء طه، ممرضة العناية بالأطفال، فتحدثت عن التحديات في مجال العناية في قسم الولادة، قائلة في الخطاب: "ما من يوم قضيته هناك، إلا شهدت فيه موت أطفال رضع، كانوا عند ولادتهم في صحة جيدة، إلا أن أمهاتهم كن يعانين من سوء تغذية شديد، فلم يتمكن من إرضاعهم، ولم يتوفر لدينا مسحوق حليب جاف، ولا مياه نظيفة لتغذيتهم، فقضوا نحبهم جوعا".
وقال المسعفون؛ إن الذين عملوا في العناية بالنساء الحوامل بشكل منتظم، شهدوا تكرار الولادات المبكرة ووفاة الأمهات في أثناء الولادة، رغم أنه يمكن في الظروف العادية تفادي ذلك بسهولة.
وكتبوا يقولون: "لقد خضعت النساء لعمليات جراحية قيصرية دون تخدير، ولم يعط لهن شيء بعد الجراحة سوى تايلينول، لعدم توفر الأدوية المسكنة الأخرى".
وجاء في الخطاب؛ إن "إسرائيل تستهدف بشكل مباشر النظام الصحي بأسره في قطاع غزة، وتتعمد تدميره".
ووصف المسعفون زملاءهم الفلسطينيين بأنهم "من بين أكثر الناس معاناة وتعرضا للصدمة في غزة، بل وربما في العالم بأسره"، فقد استمروا في العمل على الرغم من فقدهم لأفراد عائلاتهم ولبيوتهم، وكثيرون منهم يعانون من سوء التغذية، بينما يعملون ساعات طويلة مضنية دون مقابل.
وقال الخطاب؛ إن العمل في تقديم العناية الصحية خاصية يتميز بها الفلسطينيون. وكتب المسعفون يقولون: "لقد استهدفت إسرائيل زملاءنا في غزة بالقتل، والإخفاء القسري والتعذيب. لا ريب أن هذه الممارسات الجائرة تشكل انتهاكا سافرا للقانون الأمريكي، وللقيم الأمريكية، وللقانون الإنساني الدولي".
ناشد المسعفون بايدن بشكل مباشر قائلين:
"أيها الرئيس بايدن، أيتها الدكتورة بايدن، كنا نتمنى لو أنكم ترون الكوابيس التي بات كثيرون منا يعانون منها منذ أن عدنا: مشاهد الأطفال الذين بأسلحتنا يجرحون ويمثل بهم، ومشاهد أمهاتهم اللواتي لا عزاء لهن، إذ يناشدننا إنقاذ فلذات أكبادهن".
"كنا نتمنى لو أنكم تتمكنون من سماع الصيحات والصرخات التي تحول ضمائرنا دون أن ننساها. لا يمكننا أن نصدق بأن أحدا بوسعه، بعد أن يشاهد ما شاهدنا، أن يستمر في تسليح بلد يتعمد قتل هؤلاء الأطفال".