بعد
إعلانات متكررة من النظام
المصري ونظم حليفة عبر المنابر السياسية والأمنية
والإعلامية بانتهاء جماعة
الإخوان تماما، عقب انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013
وما تبعه من مجازر مروعة، إذ بهذه المنابر تعود مجددا لاستدعاء فزاعة الإخوان، فتطلق
برامج تلفزيونية وإذاعية مختصة بتشويه الإخوان، وتدبج المقالات الصحفية، وتستدعي
شخصيات مناوئة للإخوان، ولها ثأر بايت معهم ليدلوا بدلوهم في هذا المهرجان
الخطابي.
ما
هذا؟ ألم تقولوا إن الإخوان ماتوا وشبعوا موتا؟ ألم تقولوا إن استئصالهم تم من الجذور،
ولن تقوم لهم قائمة مجددا؟! وإذا كنتم تعتبرون أن ذلك كلام موجه للجمهور العام لطي
صفحة الجماعة بالنسبة له، فهل تعتقدون أن حملتكم الجديدة على الإخوان ستنطلي على
هذا الجمهور مجددا؟!
الحقيقة
أن نظام السيسي ومعه أنظمة الثورة المضادة يدركون جيدا أن الإخوان لم يغيبوا حتى
يعودوا للظهور، نعم هم تعرضوا لضربات قوية، لو وُجهت لغيرهم لكانت كفيلة بالإجهاز
التام عليه، لكنها لم تصل إلى النتيجة ذاتها مع الإخوان، لسببين أولهما أن الإخوان
تعرضوا لضربات متعددة من قبل أكسبتهم مناعة في مواجهة الضربات الجديدة حتى لو كانت
كبيرة، وثانيا لأن من يوجهون تلك الضربات أصبحوا مكشوفين ومفضوحين تماما أمام
الشعوب العربية، فهم داخليا إما فاشلون وفاسدون في إدارتهم لحكم بلادهم، وإما عائلات
مهيمنة على الحكم رغم أنف شعوبها، وهم خارجيا ذيول وأتباع للصهيونية والقوى
العالمية.. وقد ظهر فسادهم وفشلهم وعمالتهم بشكل واضح للشعوب، وظهرت أكاذيبهم بحق
الإخوان أيضا أمام هذه الشعوب.
نظام السيسي ومعه أنظمة الثورة المضادة يدركون جيدا أن الإخوان لم يغيبوا حتى يعودوا للظهور، نعم هم تعرضوا لضربات قوية، لو وُجهت لغيرهم لكانت كفيلة بالإجهاز التام عليه، لكنها لم تصل إلى النتيجة ذاتها مع الإخوان، لسببين أولهما أن الإخوان تعرضوا لضربات متعددة من قبل أكسبتهم مناعة في مواجهة الضربات الجديدة حتى لو كانت كبيرة، وثانيا لأن من يوجهون تلك الضربات أصبحوا مكشوفين ومفضوحين تماما أمام الشعوب العربية
ما
جدد الحملة ضد الإخوان هي معركة طوفان الأقصى، وفشل العدو الصهيوني المدعوم سرا أو
علنا من حلف التطبيع والثورة المضادة في تحقيق أهدافه المعلنة بسحق حماس (المحسوبة
على الإخوان) وتصفية وجودها العسكري والسياسي، وتحرير أسراه، هذا الفشل يُحتسب
بطريقة مقابلة انتصارا للمقاومة التي لم ترفع الراية البيضاء، والتي ظلت توجع
العدو حتى الآن رغم الحصار الذي تتعرض له.. وليس سرا أن عدة حكومات عربية تبذل حتى
الآن كل جهدها لحرمان المقاومة من تحقيق انتصار واضح خشية ارتداد ذلك عليهم في
أقطارهم.
في
الانتخابات الفرنسية الأخيرة استخدمت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان فزاعة
الإخوان لدغدغة مشاعر الناخبين، وتوعدت بغلق مساجد الإخوان والسلفيين في فرنسا حال
فوزها (تلقت هزيمة جديدة). وبعد اندلاع معركة طوفان الأقصى كتبت صحيفة معاريف "الآن
جاء دور إسرائيل للقضاء على الإخوان"، وترددت كلمات مشابهة على ألسنة قادة
وساسة صهاينة بعد ذلك.
وفي
الإمارات، بدأت جولة جديدة ضد الإخوان بإصدار أحكام مغلظة فيما عرف بقضية الإمارات
84 التي ضمت عددا كبيرا من رموز وقادة الإخوان المسلمين، والذين سبق الحكم عليهم
بالحبس منذ 2013، وقد أنهوا فترات حبسهم، لكن السلطات أعادت تدويرهم على قضية جديدة
-على الطريقة المصرية- وأصدرت محكمة أبو ظبي يوم الأربعاء الماضي حكما جديدا
بحبسهم.. هذه الفوبيا لا تقتصر على الإمارات وإنما انتقلت إلى دول خليجية أخرى.
وفي
مصر تم تدشين حملة مكثفة متعددة المنصات ضد الإخوان، سواء في إعلام النظام المصري
أو في إعلام الإمارات، وسواء عبر قنوات أو إذاعات أو صحف أو مواقع الكترونية، فالقنوات
التابعة للشركة المتحدة التابعة للمخابرات المصرية خصصت العديد من البرامج لهذه
المهمة، وقناة العربية خصصت برنامجا عن الإخوان باسم "مراجعات"، يديره
رئيس الحوار الوطني ورئيس المجلس الأعلى للإعلام ضياء رشوان، وهو الذي دافع كثيرا
عن الإخوان في عهد مبارك قبل أن ينقلب ضدهم بعد ثورة يناير.
المهم هو إعادة شحن قطاعات من المصريين ضد الإخوان، وصرفهم عن الأزمات الكبرى، وأحدثها أزمة انقطاع الكهرباء. لكن لسوء حظ النظام أن هذه الفزاعة التي استخدمت من قبل وسجلت بعض النجاحات لم تعد تنطلي على أحد اليوم، مع ارتفاع مستويات الوعي، وإدراك حقيقة مسئولية النظام المباشرة عن هذه الأزمات وليس طرفا غيره. ولعل المتابع لصفحات التواصل الاجتماعي يستطيع رصد ردود الأفعال الغاضبة من المصريين على بعض الأخبار التي تحاول استدعاء الإخوان لتحميلهم المسئولية
عادت
إذن فزاعة الإخوان لتبرير
الأزمات التي صنعها النظام المصري، ولإثارة مخاوف الشعب
من عودة الإخوان للحكم والانتقام، وهي فزاعة لا تحتاج إلى تكلفة عالية بالنسبة
للنظام، حيث أنها تقتصر على نشر الأكاذيب، وفبركة وقائع، ثم استدعاء شخصيات انفصلت
عن الإخوان لسبب أو لآخر لترديد تلك الأكاذيب والفبركات، المهم هو إعادة شحن
قطاعات من المصريين ضد الإخوان، وصرفهم عن الأزمات الكبرى، وأحدثها أزمة انقطاع
الكهرباء. لكن لسوء حظ النظام أن هذه الفزاعة التي استخدمت من قبل وسجلت بعض
النجاحات لم تعد تنطلي على أحد اليوم، مع ارتفاع مستويات الوعي، وإدراك حقيقة
مسئولية النظام المباشرة عن هذه الأزمات وليس طرفا غيره. ولعل المتابع لصفحات
التواصل الاجتماعي يستطيع رصد ردود الأفعال الغاضبة من المصريين على بعض الأخبار
التي تحاول استدعاء الإخوان لتحميلهم المسئولية.
ضمن
من تم استدعاؤهم لإعادة طرح فزاعة الإخوان مؤخرا البابا تواضروس، رأس الكنيسة
الأرثوذكسية، ويونس مخيون، رئيس حزب النور السلفي السابق وأحد قادة الدعوة السلفية
بالإسكندرية، حيث تبارى كلاهما في استحضار أكاذيب وشائعات تم ترويجها خلال فترى
الرئيس مرسي، مثل التكويش على السلطة والأخونة، والتنازل عن سيناء للفلسطينيين
وحلايب للسودان، والادعاء بدعم الأمريكان للإخوان، ومحاولتهم (الأمريكان) جر حزب
النور للمشاركة في اعتصام رابعة!!.. إلخ.
استحضار
فزاعة الإخوان مجددا يعني بكل وضوح أن الجماعة رغم ما تعرضت له من ضربات قاسية،
ورغم ما تعانيه من مشكلات داخلية، إلا أنها لا تزال تمثل كابوسا للنظام الذي يدرك
جيدا أنه لم يستطع القضاء عليها، وبالتالي فإن بقاء جزء ولو قليل منها سيظل شبحا
مخيفا له، خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي، وتهاوي الأكاذيب التي تم إلصاقها بالإخوان
من قبل، والتي أصبح النظام الحالي يرتكبها بصورة عملية؛ ومن ذلك تنازله عن جزيرتي
تيران وصنافير، والتفريط في مياه النيل، وتصفية أصول مصر، والسعي لبيع قناة
السويس، وتكبيل الشعب بديون ضخمة خارجية وداخلية.
x.com/kotbelaraby