سياسة تركية

اعتداءات وحرق ممتلكات تعود لسوريين وسط تركيا.. وأردوغان يعلق (شاهد)

طالبت شخصيات في المعارضة بترحيل جميع اللاجئين السوريين- إكس/ حساب إبراهيم كارا غول
هاجم عشرات المواطنين الأتراك منازل وممتلكات تعود للاجئين سوريين في ولاية قيصري وسط تركيا، وذلك على خلفية انتشار أنباء عن اتهام شاب يحمل الجنسية السورية بالتحرش بطفلة في حي "دانش ميت غازي"، في حين أعلنت السلطات اعتقال 67 شخصا.

وفي تعليقه على أعمال العنف، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه "من غير الممكن تحقيق أي هدف من خلال تأجيج معاداة الأجانب وكراهية اللاجئين في المجتمع"، مشيرا إلى أن "أحد أسباب الأحداث المؤسفة التي ارتكبتها مجموعة صغيرة في ولاية قيصري هو خطاب المعارضة السام".

وأضاف في كلمة له أمام الإدارات المحلية لحزب "العدالة والتنمية"، الاثنين، أنه "من غير المقبول تحميل البعض (المعارضة) اللاجئين فاتورة عدم كفاءتهم"، وشدد على أن "حرق بيوت الناس وإضرام النار في الشوارع أمر مرفوض، بغض النظر عن هوية من يقومون بذلك". 

ومساء الأحد، أظهرت مقاطع مصورة متداولة على منصات التواصل الاجتماعي، لحظات قيام عشرات الأتراك برمي منازل سوريين بالحجارة وإضرام النار في ممتلكاتهم، فضلا عن إحراق مركبات وسط الطرقات.
"عودوا إلى منازلكم"
وجاءت الاعتداءات عقب تداول منصات ادعاءات عن اعتداء شاب سوري على طفلة تركية، قبل أن تقوم ولاية قيصري بإصدار بيان عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، من أجل توضيح ملابسات الحادثة.

وقالت الولاية في البيان، إنه "في 30 حزيران/ يونيو 2024، في منطقة دانشمنت غازي بولايتنا، أقدم شخص سوري على التحرش بطفلة سورية صغيرة. وجرى اعتقال المتهم من قبل وحدات الأمن لدينا، ووضعت الطفلة تحت الحماية من قبل الجهات المختصة".


وأضافت: "نحن نتابع القضية بدقة، وندعو مواطنينا إلى التحلي بالهدوء وعدم الانخراط في أي تصرفات غير تلك التي تعلنها الجهات الرسمية. نشكر المواطنين على تفهمهم واحترامهم لهذه التعليمات".

ومع تواصل أعمال العنف، ناشد قائد شرطة ولاية قيصري، أتانور آيدن، سكان الحي الذي وقعت فيه أعمال الشغب، بالعودة إلى منازلهم.


وقال في تسجيل مصور: "أعدكم بأنه سيتم اتخاذ جميع الإجراءات ضد المتهم، بما في ذلك ترحيله هو عائلته... يرجى أخذ عائلاتكم والعودة إلى دياركم. سنفعل ما هو ضروري".

اعتقال العشرات
من جهته، قال وزير الداخلية علي يرلي كايا في تدوينة عبر حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقا)، إنه "ألقي القبض على مواطن سوري وتم تسليمه إلى قوات الأمن بعد أن تحرش بطفلة سورية قريبة له"، مشيرا إلى أن "السلطات بدأت التحقيق على الفور، لكن تجمع مواطنونا لاحقا في المنطقة، وتصرفوا بشكل غير قانوني وبطريقة لا تتناسب مع قيمنا الإنسانية".


وأضاف أن هؤلاء "المواطنين ألحقوا أضرارا بمنازل وأماكن عمل ومركبات تعود لسوريين"، موضحا أن السلطات "اعتقلت 67 شخصا خلال تدخلها".

ولفت الوزير التركي، إلى أنه "من غير المقبول أن يقوم شعبنا بالإضرار بالبيئة من دون مراعاة النظام العام والأمن وحقوق الإنسان"، مشددا على أن بلاده "لا يمكنها السماح بكراهية الأجانب، التي ليس في عقيدتنا ولا في قيمنا الحضارية"، حسب تعبيره.

المعارضة تطالب بترحيل اللاجئين
على الصعيد السياسي، جددت شخصيات من المعارضة مطالبها بترحيل جميع اللاجئين السوريين إلى بلادهم بسبب ما تسببه "قضية اللاجئين من تهديد وجودي للأمن القومي ومستقبل تركيا".

وقال زعيم حزب "الجيد" اليميني المعارض، مساوات درويش أوغلو: "قلنا إن قضية اللاجئين تشكل تهديدا وجوديا للأمن القومي لمستقبل تركيا والأمة التركية"، مضيفا أن "هذه القضية التي تجاوزت الآن الاحتلال الصامت والمخفي، على وشك أن تتحول إلى تدمير شامل"، بحسب زعمه.


وأضاف في بيان نشره عبر حسابه على منصة "إكس" تعليقا على أحداث الشغب في قيصري: "أنادي أولئك الذين تجاهلوا تحذيراتنا وتعمدوا جلب ملايين اللاجئين عبر حدودنا"، مردفا بالقول: "من الواضح أنكم قمتم بسحب تركيا إلى الهاوية، والآن لا تشاهدونها وهي تسقط من هذا الهاوية من مقاعدكم المريحة".

من جهته، قال رئيس بلدية ولاية بولو، تانجو أوزجان، إن "النضال الذي أخوضه منذ سنوات أدى إلى نتائج في بولو. ومع ذلك فإن الإرادة التي تحكم بلادنا لم تتوقف عن إرسال اللاجئين إلي".


وأضاف المسؤول المعروف بسياساته المناهضة لوجود اللاجئين، في بيان عبر منصة "إكس": "اتهموني بالعنصرية، اتهموني بالفاشية! لكن لفترة طويلة، لم يرغب أحد في رؤية أنني وطني أحاول منع مثل هذه الأحداث".

في السياق ذاته، قال مرشح الرئاسة التركية السابق سنان أوغان، إن "الحادثة أظهرت مرة أخرى أن أحداثا مماثلة يمكن أن تحدث في أي وقت في بلدنا حيث يوجد الكثير من اللاجئين".

وأضاف أن "إعادة ما يقرب من 900 ألف لاجئ منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة أمر مهم ولكنه غير كاف. ومن الضروري أن يتم توسيع نطاق عملية عمليات الترحيل وتسريعها".

في المقابل، قال الكاتب والمحلل السياسي  فاتح تيزجان: "يتم حرق جميع متاجر السوريين في قيصري. والسبب هو أن منحرفا سوريا تحرش بطفلة سورية، لو ارتكب تركي هذا العار فهل ستحرق جميع محال الأتراك؟".

وعلق الناشط السوري خالد عبدو على صورة تظهر إحراق إحدى المركبات خلال الاعتداءات، قائلا: "رجل سوري أحرقت سيارته في قيصري يقول: لقد أمضيت حياتي لشراء هذه السيارة. والآن أحرقوها. جريمتنا الوحيدة هي أننا سوريون!".


وخلال الأسابيع الأخيرة، شهد المشهد السياسي التركي عودة قضية اللاجئين السوريين إلى الواجهة بعدما أعلن قادة من المعارضة عزمهم على إنهاء ما وصفوه بالأزمة، مطالبين بالتطبيع مع رئيس النظام السوري بشار الأسد وإعادة اللاجئين إلى بلدهم.

وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، أوزغور أوزيل، إنه سيلتقي بنفسه خلال الأشهر القادمة مع بشار الأسد وسيقدم محفزات لعودة اللاجئين، معتبرا أن ذلك "أفضل من أن يبلغ عدد السوريين في تركيا 25 مليونا في المستقبل".