نشرت
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا، استعرضت فيه مساهمة
الولايات المتحدة مع جيش
الاحتلال في البحث عن أسراه في
غزة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي أعده مراسلها للشؤون الأمنية، شين هاريس: "منذ هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كثفت
الولايات المتحدة جمع المعلومات الاستخبارية عن حماس في غزة، وشاركت
كمية غير عادية من لقطات مسيّرات التجسس، وصور الأقمار الصناعية، واعتراضات
الاتصالات، وتحليل البيانات باستخدام برامج متقدمة، بعضها مدعوم ببرامج الذكاء
الاصطناعي المتقدمة".
وقال هاريس؛ إنه استند في تقريره إلى "مقابلات مع أكثر
من عشرة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين حاليين وسابقين في واشنطن وتل أبيب والقدس، تحدث
معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم".
وبحسب التقرير، قال مسؤولون "إسرائيليون" في مقابلات؛ "إنهم ممتنون للمساعدة الأمريكية، التي منحت الإسرائيليين في بعض الحالات قدرات
فريدة، كانوا يفتقرون إليها قبل هجمات حماس المفاجئة عبر الحدود، لكنهم دافعوا أيضا
عن براعتهم التجسسية، وأصروا على أن الولايات المتحدة، في معظم الأحيان، لا تمنحهم
أي شيء لا يمكنهم الحصول عليه بأنفسهم".
وأشار هاريس إلى "أن الشراكة بين الولايات المتحدة
وإسرائيل متوترة في بعض الأحيان، حيث يشعر بعض المسؤولين الأمريكيين بالإحباط؛ بسبب
طلب إسرائيل المزيد من المعلومات الاستخباراتية، حيث يفترض الإسرائيليون أن
الولايات المتحدة ربما تحجب عنهم بعض المعلومات".
وفي مؤتمر صحفي في البيت الأبيض الشهر الماضي، قال
مستشار الأمن القومي جيك سوليفان؛ إن واشنطن "قدمت مجموعة مكثفة من الأصول
والقدرات والخبرات"، وأن المعلومات الاستخباراتية: "ليست مقيدة أو
مشروطة بأي شيء آخر.. نحن لا نمنع أي شيء"، بحسب التقرير.
وأكد هاريس، "أن إدارة بايدن منعت إسرائيل من استخدام
أي معلومات استخباراتية تقدمها الولايات المتحدة لاستهداف مقاتلي حماس النظاميين
في العمليات العسكرية. وأنه سيتم استخدام المعلومات الاستخبارية فقط لتحديد مكان
الرهائن، ثمانية منهم يحملون الجنسية الأمريكية، بالإضافة إلى القيادة العليا
لحماس، بما في ذلك يحيى السنوار ومحمد ضيف".
وصنفت وزارة الخارجية الرجلين في عام
2015 على أنهما "إرهابيان" وفق التقرير.
وتأكد مقتل ثلاثة من
الأسرى الأمريكيين الثمانية، وما
زالت جثثهم محتجزة في غزة، وفقا لمسؤولين إسرائيليين.
وقال هاريس؛ "إن الولايات المتحدة قدمت بعض المعلومات
الاستخبارية التي استخدمت لتحديد مكان أربع رهائن إسرائيليين، وإنقاذهم في نهاية
المطاف الأسبوع الماضي، بحسب تقرير لواشنطن بوست. ويبدو أن المعلومات التي تضمنت
صورا علوية، كانت ثانوية مقارنة بما جمعته إسرائيل بنفسها قبل العملية، التي أسفرت
عن مقتل أكثر من 270 فلسطينيا، وفقا لمسؤولي الصحة في غزة، مما يجعلها واحدة من
أكثر الأحداث دموية. في الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر".
ونَقل عن مسؤولين حاليين وسابقين قولهم؛ إنه قبل هجمات
7 تشرين الأول/ أكتوبر، لم يكن مجتمع الاستخبارات الأمريكي يعد حماس هدفا ذا
أولوية، لكن تغير ذلك على الفور تقريبا بعد هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي,
وبيّن أن "أفرادا من قيادة العمليات الخاصة المشتركة
للجيش الأمريكي (JSOC)، بدؤوا
العمل جنبا إلى جنب مع ضباط وكالة المخابرات المركزية في محطة الوكالة في إسرائيل"،
وفقا لمسؤولين أمريكيين.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين؛ إن أفرادا من وكالة
الاستخبارات الدفاعية بدؤوا الاجتماع مع نظرائهم في البلاد "بشكل يومي".
وأشار إلى أن وزارة الخارجية أرسلت مبعوثا خاصا للأسرى، التقى علنا بالمسؤول الإسرائيلي الرئيسي الذي يشرف على جهود إنقاذهم، كما أن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي يعملون أيضا في إسرائيل للتحقيق في
هجمات حماس على المواطنين الأمريكيين، والمساعدة في جهود استعادة المحتجزين.
وذكر التقرير أن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين حاليين
وسابقين قالوا؛ إنه في الأسابيع الأولى من الحرب، طلب المسؤولون الإسرائيليون المكلفون
بتحديد مكان الرهائن في قطاع غزة المكتظ بالسكان، معلومات محددة من الولايات
المتحدة للمساعدة في سد الفجوات فيما عرفوه من مصادرهم الخاصة.
وتضمن ذلك
معلومات محددة، بالإضافة إلى تقنيات وخبرات لتحليل كميات كبيرة من الصور، وإضافة
تحديثات لإنشاء صور أكثر تفصيلا، بما في ذلك صور ثلاثية الأبعاد، للتضاريس في غزة.
ونقل التقرير عن أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين
قوله؛ إنهم قدموا لنا بعض "القدرات التي لم تكن لدينا قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر".
وعن مسؤول إسرائيلي كبير آخر قوله؛ إن الولايات المتحدة قدمت صورا فضائية مفصلة
للغاية تفتقر إليها إسرائيل.
وبحسب التقرير، فقد أكد سوليفان، مستشار الأمن القومي
بالبيت الأبيض، أن القوات الأمريكية لم تشارك في مهمة تحرير الأسرى الأربعة، حيث قال:
"لم تكن هناك قوات أمريكية، ولم تكن هناك قوات أمريكية على الأرض تشارك في
هذه العملية".
وقال سوليفان لبرنامج "حالة الاتحاد" على شبكة سي إن
إن يوم الأحد: "لم نشارك عسكريا في هذه العملية". وأشار إلى أننا
"قدمنا الدعم بشكل عام لقوات الدفاع الإسرائيلية حتى نتمكن من محاولة إعادة
جميع الرهائن إلى الوطن، بما في ذلك الرهائن الأمريكيون الذين ما زالوا محتجزين".
وأضاف هاريس، أنه بالإضافة إلى المعلومات
الاستخباراتية، كان هذا الدعم يتألف من أعضاء قيادة العمليات الخاصة المشتركة (JSOC)، وهي قوة عمليات خاصة تتمتع بخبرة عميقة في
عمليات إنقاذ الرهائن.
وقال مسؤولون أمريكيون؛ إن أعضاء المجموعة يعملون في
إسرائيل، بالشراكة مع ضباط المخابرات الأمريكية، بعد وقت قصير من بدء الحرب.
وأوضح أن قوات قيادة العمليات الخاصة المشتركة (JSOC) كانت في تشرين الأول/ أكتوبر في
المنطقة مستعدة للانتشار في غزة، لإنقاذ المواطنين الأمريكيين الذين تحتجزهم حماس،
حسبما قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون، مطلعون على التخطيط لما كان يمكن أن
يكون مهمة خطيرة للغاية.
ونقل عن أحد المسؤولين قوله: "إذا تمكنا من
الحصول من جانب واحد على معلومات، يمكننا التصرف بناء عليها، واعتقدنا أنه يمكننا
بالفعل إخراج مواطنين أمريكيين أحياء، فيمكننا أن نتحرك، لكن لم يكن هناك سوى القليل
جدا من المعلومات على وجه التحديد حول الرهائن الأمريكيين".
وأشار إلى أن عملية إنقاذ الأسرى الأسبوع الماضي، اعتمدت على معلومات دقيقة حول موقع الأسرى، وهذا المستوى من المعلومات
الاستخباراتية "القابلة للتنفيذ"، هو شيء افتقرت إليه إسرائيل لسنوات في
غزة، بسبب الاعتماد المفرط على التكنولوجيا، والفشل في بناء شبكة من الجواسيس على
الأرض.
وقال مسؤولون حاليون وسابقون؛ إن ندرة الاستخبارات البشرية كانت
مسؤولة جزئيا عن فشل إسرائيل في اكتشاف وفهم تخطيط حماس لهجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وقد سلطت الجهود الأخيرة لتحديد مكان الأسرى الضوء
على أهمية المعلومات البشرية.
وزعم التقرير، أن الاحتلال استعاد الشهر الماضي رفات بعض الأسرى بعد استجواب أحد مقاتلي حماس، بحسب مسؤولين أمنيين في دولة الاحتلال.
وذكر هاريس، أن محللي المخابرات الإسرائيلية عثروا أيضا
على معلومات استخباراتية مفيدة بين الخوادم وأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الوثائق التي تم العثور عليها من مخابئ حماس
أو مراكز القيادة، بحسب المسؤولين الذين أشاروا إلى أن المحللين الأمريكيين ساعدوا
في التنقيب في هذه المصادر عن أدلة حول مكان وجود الأسرى.
وقال أحد كبار
المسؤولين الإسرائيليين؛ إن دمج المعلومات التي تم الحصول عليها من السجلات
الإلكترونية والمادية، مع مصادر استخباراتية أخرى، ساعد إسرائيل في تحديد موقع الأسرى خلال عمليتي الإنقاذ اللتين سبقتا العملية الأسبوع الماضي.
كما نقل عن مسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين قولهم؛ إن جهاز المخابرات أصبح يعتمد بشكل مفرط
على التكنولوجيا لجمع المعلومات الاستخبارية، في حين ضمر التحليل، كما أن دور الوحدة
8200 العسكرية التي حظيت بشهرة كبيرة، كان تاريخيا جمع المعلومات ومشاركتها مع
عناصر أخرى في مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي.
وتابع، ولكن تغير هذا في السنوات
الأخيرة، بحسب عضو سابق شغل منصبا قياديا، وأصبحت الوحدة 8200 تقرر من يتلقى
أي جزء من المعلومات.
وقال المسؤول السابق؛ إنها الآن جعلت من أولوياتها تطوير
تكنولوجيا جديدة والمساهمة بمعلوماتها الاستخبارية في ما يعرف باسم
"المجمع"، وهو مستودع يمكن لعناصر الاستخبارات الأخرى أن تأخذ منه
المعلومات.
وردد مسؤولون حاليون وسابقون آخرون هذا النقد، قائلين؛ إن جواسيس إسرائيل الإلكترونيين نسوا كيفية القيام بوظائف الاستخبارات الأساسية. حيث كان المجتمع غارقا في البيانات، لكنه كان يفتقر إلى تحليلها. وقال العضو السابق: "لقد
أصبح النظام فاسدا"، بحسب تقرير واشنطن بوست.
وأشار التقرير إلى أن متحدثا باسم الجيش الإسرائيلي وصف
هذه الانتقادات بأنها "كاذبة" في بيان له، وقال؛ إنها "تضر بالمجهود
الحربي لأفراد الخدمة، الذين عملوا طوال الأشهر [الثمانية] الماضية، في الساحتين
القريبة والبعيدة، لمساعدة القوات في البر والجو والبحر ولحماية شعب إسرائيل".
و"ما أدى إلى تفاقم المشكلة، أن المسؤولين
الإسرائيليين تمسكوا بمفهوم أساسي، مفاده أن حماس كانت مهتمة بالثراء وحكم غزة أكثر
من مهاجمة إسرائيل"، وفق التقرير.
كما ذكر أن مسؤولا استخباراتيا كبيرا سابقا قال:
"اعتقدنا أن حماس لن تجرؤ على الهجوم". لقد حطمت هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر
هذه الفكرة، وجعلت حماس أولوية قصوى بالنسبة لإسرائيل، وكذلك لشركائها في الولايات
المتحدة، بحسب التقرير.
ونقل عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قولهم؛ إن أي
معلومات استخباراتية تقدمها الولايات المتحدة، أو تتيح لإسرائيل الوصول إليها بشكل
مباشر، ستستخدم فقط في جهود تحديد مكان الأسرى وتعقب قيادة حماس. وأنه يُحظر على
إسرائيل استخدام أي معلومات أمريكية لاستهداف أعضاء حماس النظاميين في أي عمليات
عسكرية، بما في ذلك الغارات الجوية.
وقد تم توضيح القواعد الخاصة بكيفية تقديم المعلومات
الاستخبارية، واستخدامها في ترتيبات رسمية طويلة الأمد، يتم فحصها من المحامين
في مجتمع الاستخبارات الأمريكي، بالإضافة إلى التوجيهات الجديدة من البيت الأبيض، في أعقاب هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بحسب تقرير الصحيفة.
وأشار إلى أنه من الناحية العملية، فإن الأمر يعود
لأمانة إسرائيل بعدم استخدام المعلومات الاستخباراتية التي تقدمها الولايات
المتحدة لأغراض محظورة، كما قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون مطلعون على علاقة
تبادل المعلومات الاستخبارية.
وأوضح أن النائب جيسون كرو (ديمقراطي عن كولورادو)، عضو
لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، تساءل كيف يمكن لمسؤولي الإدارة، التأكد من أن
إسرائيل لا تستخدم المعلومات الاستخبارية التي تتلقاها كجزء من حملتها العسكرية ضد
حماس، والتي أسفرت عن عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين؟
وشارك كرو، وهو من قدامى المحاربين في الجيش، في
صياغة تشريع صدر العام الماضي، يلزم مدير المخابرات الوطنية بإخطار الكونغرس إذا
أدت المعلومات الاستخبارية التي تقدمها الولايات المتحدة لدولة أخرى إلى سقوط
ضحايا من المدنيين.
وقال كرو في بيان لصحيفة واشنطن بوست: "رئيس
الوزراء [بنيامين] نتنياهو يتبع استراتيجية فاشلة في غزة. إن
الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين، والمجاعة، والافتقار إلى استراتيجية متماسكة
تثير قلقا عميقا. سأواصل إجراء رقابة قوية لضمان أن تبادل المعلومات الاستخبارية
يتماشى مع المصالح الأمريكية".
وأشار بعض المسؤولين إلى أن المعلومات المتعلقة
بمواقع الرهائن المحتملة، يمكن أن يكون لها أيضا غرض مزدوج: سيتم تطويق الرهائن من
قبل مقاتلي حماس، الذين يحرسونهم ويستخدمونهم كدروع بشرية. ويشعر بعض المسؤولين
بالقلق من أن الولايات المتحدة، لا تملك رقابة كافية لضمان عدم استخدام إسرائيل
لمعلومات الرهائن كمعلومات استهداف فعلية لأعضاء حماس من المستوى الأدنى.
وقال أحد الأعضاء العاملين في الوحدة 8200؛ إن الوكالات الإسرائيلية "حريصة للغاية
على عدم استخدام ما تقدمه لها الولايات المتحدة عمليا إذا لم يكن ذلك مسموحا به.
إن تبادل المعلومات الاستخبارية مع الولايات المتحدة أمر جيد للغاية. هناك علاقات
مباشرة على مستوى العمل، ومن المهم الحفاظ عليها".