نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية
تقريرا، تحدثت فيه عن استكمال قائمة المشاركين المحتملين في مجموعة
البريكس، بعد إعلان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان رغبة بلاده بالانضمام إلى المنظمة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مبادرة أنقرة أثارت موجة من الانتقادات، تراوحت بين طعن
الناتو من الخلف وتغيير أنقرة سلم أولوياتها من الاتحاد الأوروبي إلى البريكس.
وتضيف الصحيفة أنه ينبغي لمجموعة البريكس في حال تم أخذها كنموذج أولي لأحد مجالس إدارة عالم متعدد الأقطاب ضم دول من القادة الإقليميين، وتركيا نموذج لذلك، فكما هو الحال بالنسبة لروسيا والهند ومصر وإيران؛ تلعب أنقرة دورا رئيسيا في سياسة الشرق الأوسط والسياسة الأوروبية، وتعمل أيضا بنشاط في القارة الأفريقية.
علاوة على ذلك، لا يتعين على مجموعة البريكس ضم زعيم إقليمي واحد، بل أن تضم العديد من القادة الإقليميين من أجل تحقيق التوازن وحل خلافاتهم دبلوماسيًّا من خلال تواجدهم ضمن نفس المنظمة.
وفي حال كان أحد القادة الإقليميين عضوا في مجموعة البريكس دون غيره، فإن مثل هذا السيناريو يفاقم الصراعات، ليس فقط بين بلدين معنيين، ولكن أيضًا بين هذا البلد ومجموعة البريكس بأكملها.
وفي الوقت الراهن، تضم البريكس ثلاثة من قادة الشرق الأوسط، وهم إيران والسعودية وتركيا، فطهران والرياض موجودتان بالفعل في البريكس.
ومع
انضمام تركيا إلى المنظمة، سيحظى ثلاثي الشرق الأوسط بمنصة فعالة لتنسيق سياساته الإقليمية.
وإضافة إلى ذلك، من بين الدول العشر الأعضاء في البريكس، لا توجد حتى الوقت الراهن دولة واحدة تنتمي إلى الكتلة الغربية، ما يعني غياب اعتراف ولو دولة واحدة تنتمي إلى "الغرب الجماعي" رسميا بأن مجموعة البريكس مؤسسة مساوية للحوكمة العالمية، وأكثر أهمية من تلك التي تحكمها واشنطن.
وأوردت الصحيفة أن تركيا أصبحت المثال الأول، بحيث ستجبر مبادرتها واشنطن وبروكسل على معارضة انضمام أنقرة إلى مجموعة البريكس علنا، وهو ما يؤدي بدوره إلى تشويه سمعة الأمريكيين والأوروبيين في نظر البلدان النامية، ما يعمق الصدع بين الغرب الجماعي والجنوب العالمي.
من ناحية أخرى، فإن للمبادرة التركية عددا من التداعيات السلبية، التي قد تفوق حتى الإيجابية.
وتعدت البريكس منذ فترة طويلة حدودها كمجتمع من الدول ذات السيادة وأضحت نموذج أولي لمجلس إدارة، وأداة لتحويل عالم أحادي القطب إلى عالم متعدد الأقطاب، ولكن من أجل عمل المجلس، ينبغي امتلاك نظام فعال لصنع القرار. تقوم البريكس على أساس الإجماع، مما يعني أنه كلما زاد عدد الدول الأعضاء في مجموعة البريكس، كلما أصبح تحقيق هذا الإجماع أكثر صعوبة.
ووفق الصحيفة؛ يعتبر رجب طيب أردوغان شريكا صعبا للغاية في التفاوض، كونه قادر على إلغاء الاتفاقيات في اللحظة الأخيرة أو تفسيرها بما يراه مناسبا.
ويتجلى ذلك في مثال انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي، فعند توصل الولايات المتحدة إلى اتفاقيات أولية مع تركيا وليّ رجب أردوغان أذرع الجميع لمدة عامـ والحصول على تنازلات بشأن قضايا حقوق الإنسان من هلسنكي وخاصة ستوكهولم، بحسب الصحيفة.
وفي الحقيقة، لا يوجد دليل على أن تركيا، فيما يتعلق بالانضمام إلى البريكس، لا تسترشد بمبدأ "الساموراي ليس له هدف، بل طريق فقط". وعليه فمن المستبعد انضمام أنقرة إلى مجموعة البريكس.
وتقوم سياسة تركيا الخارجية برمتها على التوازن، من وجهك نظر التقرير، ففي حين تفتقر أنقرة إلى موارد طبيعية كثيرة وجيش فائق الكفاءة وموارد طاقة، غير أنها تتمتع بموقع جغرافي، ويحكمها رئيس مغرم جدا بـ"البوكر الدبلوماسي"؛ حيث يحصل أردوغان على الموارد عن طريق الموازنة بين مراكز القوة، وهو العامل الذي من دونه تواجه أنقرة معارضةـ إما من طرف الغرب باعتباره الشريك التجاري الرئيسي أو من طرف الشرق.
وبحسب الصحيفة، فإن إطلاق المبادرة مجرد وسيلة للضغط على الغرب، وهو طريقة لزيادة الأهمية الجيوسياسية لتركيا بالنسبة للولايات المتحدة، والحصول على تنازلات من الأمريكيين بشأن القضايا الفلسطينية والأرمنية والأوكرانية وغيرها.
وفي حال كان هذا هو الحال ينبغي لموسكو ألا تدعم المبادرة؛ لأن تركيا لن تنضم إلى مجموعة البريكس أو ستدخل بوضع شريك صعب يوجد ما يكفي منه في المنظمة.
وفي ختام التقرير، نوهت الصحيفة إلى أن الإيجابيات لن تفوق السلبيات إلا في حال أصبح العالم متعدد الأقطاب، وتحولت العضوية في مجموعة البريكس إلى غاية لأي زعيم إقليمي، وإدراك القادة أنه من أجل الحفاظ على السلام والازدهار الجماعي هناك حاجة إلى التفاوض وليس إلى لعب البوكر الدبلوماسي.