انطلقت اليوم الخميس، في مدينة جينيف
السويسرية، فعاليات
المحكمة العالمية لفلسطين، بمشاركة منظمات مجتمع مدني سويسرية
ومحامين وقضاة حول العالم؛ بهدف ضمان متابعة قادة الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبتهم
على الجرائم المرتكبة بحق
الفلسطينيين.
المحكمة العالميّة لفلسطين، فكرة بدأت في
التبلور منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من تشرين أول (أكتوبر)
الماضي، حيث استضافت مدينة جينيف السويسرية مؤتمرًا أول في ١٤ من كانون أول
(ديسمبر) الماضي بعنوان "المنتدى العالمي الأول من أجل فلسطين"، ثم في
آذار (مارس) الماضي، تم تنظيم الندوة الثانية لمناقشة إنشاء مرصد دائم يسمى
"مراقبة المحاكم"، وفيه تم طرح موضوع تشكيل محكمة من نمط جديد تستفيد من
نقاط الضعف في التجارب السابقة.
وجاءت فكرة إنشاء هذه المحكمة الدولية
بمبادرة من خمس منظمات حقوقية غير حكومية مقرها جنيف هي: المعهد الإسكندنافي لحقوق
الإنسان، الاتحاد الدولي للحقوقيين ـ جينيف، مركز جنيف للديمقراطية وحقوق الإنسان،
العدالة الواحدة، والمعهد الدولي للسلام والعدالة وحقوق الإنسان، بدعم وإسناد من
التحالف القانوني العالمي من أجل فلسطين وعشرات المنظمات الحقوقية الدولية.
وأوضح هيثم مناع، رئيس المعهد الإسكندنافي
لحقوق الإنسان، في حديث مع "عربي٢١"، أن المقصود بالمحكمة الدولية هو أن
تكون منبرا دائما لكسر حاجز الصمت بشأن الإبادة الجماعية ونظام الفصل العنصري، وأن
تكون منصة مفتوحة للضحايا، وأيضا لجميع الباحثين والمحققين والقانونيين في قضايا
الإبادة الجماعية ونظام الفصل العنصري من كل الأجيال، أو كما نقول: من عمر ٢٩ إلى
عمر ٢٩ للتشبيك والتنسيق بين كبار المفكرين والمناضلين والجيل الصاعد الذي سيحمل
راية النضال للدفاع عن الحقوق الفلسطينية. ومنبر وصوت يلجأ له الضحايا لتوفير ما
يحتاجون من إيصال صوتهم للمحاكم الدولية والإقليمية والوطنية، وأن يكون من أهم
مهماتها مراقبة المحاكم Tribunals
Watch؛ عبر متابعة القضايا المرفوعة أمام جميع
المحاكم الدائمة، وتقديم الشكاوى الموثقة إليها على المستوى الوطني والإقليمي
والدولي، وتقييم أداء القضاة وأعضاء النيابة العامة ومعيار النزاهة والاستقلال
والعدالة في المحاكم... إلخ.
وأشار مناع إلى أن التسمية الأكثر دقة
للمحكمة العالمية من أجل فلسطين هي "مبادرة راسل اليوم "، في إشارة إلى
أن هذا المسعى يستفيد من محكمة الضمير (محكمة راسل) التي نشأت في أعقاب حرب فيتنام
والحراك الطلابيّ في العام ١٩٦٨..
وقال "إن الإبادة الجماعية التي
نشهدها للفلسطينيين تمثل نهاية حقبة، ولا بد من رؤية جيل جديد يستعيد إضاءات أحداث
1968 للمشاركة في بناء معالم مستقبل آخر".
وأضاف: "مبادرة راسل جمعت فلاسفة
ومؤرخين ومحامين وأكاديميين وقانونيين من أجل السلام والعدالة، ومبادرتنا اليوم
تضم إلى ذلك نخبة من القضاة والمحامين والمقررين الخاصين للأمم المتحدة، ومشاركين
في بعثات تحقيق لغزة والأراضي الفلسطينية المحتلة"، وفق تعبيره.
واعتبر الدكتور محمد شتية، أستاذ القانون
الدولي في الجامعات الفلسطينية بالضفة، في حديث مع "عربي21"، أن أهمية
المحكمة العالمية تكمن ليس فقط في دعم جهود محكمتي العدل الدولية والجنائية
الدولية، وإنما في خلق وعي سياسي جديد بالقضية الفلسطينية لدى مؤسسات المجتمع
الدولي المعنية بتطبيق العدالة الدولية ولدى النخب العالمية، الذين انحازوا
للقانون الدولي وللعدالة الدولية وليس لمنطق القوة الذي تسعى دولة الاحتلال بدعم
أمريكي لفرضه على العالم، وفق قوله.
ويناقش المشاركون في المؤتمر الذي يستمر
ثلاثة أيام ملف الإبادة الجماعية في غزة، والعواقب المباشرة وغير المباشرة على
الفئات الضعيفة: النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، بما في ذلك الجرحى
والمعوقون، وانتهاكات قوات الاحتلال الجسيمة للسلامة العقلية والجسدية وممارسات
الخطف والاحتجاز الجماعي.
كما سيناقش المشاركون دور وسائل الإعلام
والأكاديميين والعاملين في المجال الطبي كمجموعات يحميها القانون الإنساني الدولي.
كما يبحث المشاركون أيضا ما إذا كانت
المحاكم الدولية ستقوم بدورها في مواجهة الإبادة الجماعية، وتحديدا محكمة العدل
الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، وأخيرا وليس تقديم تقييم موضوعي لأداء منظمات
الأمم المتحدة تجاه حرب الإبادة في غزة وسياسة الاحتلال تجاهها..
ويشارك في هذه المحكمة شخصيات دولية معروفة، مثل المقرر السابق لفلسطين البروفيسور ريتشارد فولك، ونائبة الأمين العام للأمم
المتحدة سابقا الدكتورة ريما خلف، والمحامية الإيطالية مايكلا أريكاد، ممثلة عن
تحالف محامين من إيطاليا، والنرويجي بنت أندرسن، والمحامي شل بريغفيلد، والصحفي جاك
ماري بورجيه من باريس، والمحامي بابلو أريا زكارياس من التشيلي، ورئيس هيئة القضاة
السابق في غزة القاضي أشرف نصرالله، وأكثر من 20 أستاذا في القانون الدولي الجنائي، وأطباء وصحفيون وحقوقيون عملوا في غزة ويعرفون ما وقع لزملائهم من قتل واعتقال
وتعذيب.
وتتجاهل إسرائيل طلب مدعي عام المحكمة
الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزرائها بنيامين
نتنياهو، ووزير دفاعها يوآف غالانت؛ لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب"
و"جرائم ضد الإنسانية" بغزة.
وتواصل إسرائيل حربها على غزة رغم أوامر من
محكمة العدل الدولية بوقف الهجوم البري على مدينة رفح (جنوبا) فورا، واتخاذ تدابير
مؤقتة لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع
الإنساني المزري بالقطاع.
اقرأ أيضا: قضاة ومحامون ونشطاء حول العالم يناقشون في جينيف سبل محاكمة الاحتلال