رغم العدوان
الدموي الذي ينفذه جيش
الاحتلال في مدينة
رفح، لكن القناعة الإسرائيلية المتزايدة
مع مرور الوقت أنه لن يؤدي لتحقيق أهداف الحرب، بل إلى تكرار عودة جيش الاحتلال
إلى الأماكن التي غزاها بالفعل سابقاً، طالما أن المستوى السياسي لا يرغب في
مناقشة "اليوم التالي"، فإن الحكم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة
سيتلقى مزيدا من الضربات والاستنزافات من قبل قوى المقاومة المتصاعدة.
آفي يسسخاروف
محرر الشئون العربية في الإذاعة الإسرائيلية، زعم أنه "إذا لم تكن هناك
تطورات مفاجئة في اللحظة الأخيرة، ففي غضون بضعة أسابيع، سيكمل جيش الاحتلال
الاستيلاء على منطقة رفح، وتفكيك كتائب
حماس التي تقاتل هناك بالفعل، رغم أن كتائب
أخرى لا زالت تعمل في مناطق مختلفة من قطاع غزة، سواء في المدينة ذاته أو المخيمات
الوسطى، حيث لا تزال كتائب حماس تقف على أقدامها، مما يعني أنه لم تعد هناك عملية
برية يمكن لها ضمان تحقيق "النصر المطلق".
وأضاف في مقال
نشرته صحيفة
يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أنه "سيتعين على
رئيس الحكومة بنيامين
نتنياهو ودولة الاحتلال بأكملها التعامل مع هذا الواقع الصعب
في غزة، والمتمثل في أنه حتى في اليوم التالي لانتهاء عملية رفح فلن يكون هناك
نصرًا، وبالتأكيد ليس مطلقًا، لأن حماس لديها الكثير من الإمكانيات لتجنيد عدد غير
قليل من الناشطين الجدد، خاصة من الشباب، وبالتالي حتى بعد أن تنتهي العملية
الواسعة في رفح، فلن نكون بانتظار هزيمة حماس في الأفق".
أشار يسسخروف،
إلى أن مصر، التي استعرضت العضلات أمام الاحتلال الإسرائيلي في مسألة رفح لا تبدي
الآن بوادر مقاومة حقيقية للعملية العسكرية هناك وتغض البصر عنها، لا سيما بعد ما
انتشر عن التلاعب المصري الذي قامت به المخابرات المصرية بشأن اتفاق الهدنة في غزة.
وأشار أن
"ما قد يشكل تحدياً لحماس، هو القيام بتحرك سياسي أكثر شمولاً في غزة، لكن
نتنياهو ليس على استعداد للنظر في مثل هذا الاحتمال خوفًا من تفكك حكومته
اليمينية، والآن يمكنك فقط أن تتخيل ما كان يمكن أن يحدث لو حصل هذا النقاش قبل
بضعة أشهر بإجراء مناقشة جادة لـ"اليوم التالي"، من خلال مشاركة أفضل
العقول في إسرائيل والولايات المتحدة وأجزاء من العالم الغربي، وجميعهم يجتمعون
معًا للتفكير في بديل حكومي لحماس، يعتمد على القوى العربية المعتدلة ممن لديهم
اتفاقات سلام مع إسرائيل، بجانب قوة مسلحة تتلقى أوامرها من السلطة الفلسطينية في
رام الله".
وختم بالقول أن
"نتنياهو ما زال ملتزما بموقفه بعدم عودة السلطة الفلسطينية الى غزة، وهذا
الرفض كما هو متوقع يعني أن نتعامل مع شريط غزة، من خلال عودة الجيش لقتال حماس في
جميع الأماكن التي خرج منها سابقاً، والنتيجة أن نتنياهو يعيد الاحتلال والحكم
العسكري إلى قطاع غزة، صحيح أن هذا السيناريو يرضي أتباع بن غفير وسموتريتش، لكن
أغلبية الإسرائيليين يرفضونه".
من الواضح أن
نتنياهو يعمل على خلط أوراق اللعب من جديد في خلال تأبيد الوجود الإسرائيلي في
غزة، وسعيه لدحرجته من خلال إقامة دائمة في القطاع، أولاً كجيش محتل، ثم كإدارة
عسكرية، وهذا ليس انتصارًا، بل سيكون أبعد ما يكون عن ذلك، وستكون ترجمة ذلك تورط
إسرائيلي في المستنقع الغزاوي، دون وجود أفق لخروجه من هناك إلا من خلال عودة
التوابيت السوداء المحملة بنعوش جنود الاحتلال.