ملفات وتقارير

"شعبولا وماكدونالدز".. تعرف على حملة مقاطعة انطلقت منذ 22 عاما

جاءت حملات المقاطعة ضد "ماكدونالدز" لتحيي حملة سابقة انطلقت ضده مع بداية الألفية وانتفاضة الأقصى- الأناضول
تجددت حملة مقاطعة شركة "ماكدونالدز" الأمريكية في مصر مع بداية حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة، على خلفية دعم فرعها  في "إسرائيل" لجيش الاحتلال من خلال تقديمه وجباتٍ مجانية لجنود جيش الاحتلال.

وجاءت المبادرات الشعبيّة وحملات المقاطعة ضد "ماكدونالدز" لتحيي حملة سابقة انطلقت ضد الشركات الغربية والأمريكية مع بداية الألفية وانتفاضة الأقصى عام 2001.

وتسببت حملة المقاطعة حينها في خسائر فادحة وانخفاض كبير في المبيعات وصلت إلى أكثر من 80 في بالمئة، ما دفع الشركة إلى احتواء الأزمة، وتسويق "الفلافل المصرية" في وجباتها، إضافة إلى البرغر، وقامت بحملة دعاية كبيرة لهذا الغرض، وهنا تأتي قصة الفنان الشعبي المصري شعبان عبد الرحيم.


"شعبولا وماك"
استعانت شركة ماكدونالدز في 2001 بالفنان الراحل عبد الرحيم لأداء أغنية "ماك فلافل طعمية" للترويج لمنتجها الجديد حينها في السوق المصرية للمرة الأولى في تاريخ الشركة الأميركية، وهو ما
تراجعت عنه لاحقا بسبب تحريض واسع.

وبدأت اللجنة اليهودية الأميركية "AJC" حملة تحريض ضد الفنان الراحل جرّاء أغنية الشهيرة "أنا بكره إسرائيل"، ما أدى للضغط على سلسلة مطاعم ماكدونالدز العالمية لفسخ تعاقدها مع عبد الرحيم الذي أدى لهم الأغنية الإعلانية.



وقالت اللجنة اليهودية في بيان لها حينها، إنه "أمر لا يصدق أن تختار شركة أمريكية كبرى إدراج رمز الكراهية من أجل الترويج لمنتجاتها، وكل شيء عن هذا المغني يتعارض مع أبسط المصالح الأمريكية ورعاية السلام العربي الإسرائيلي".

بعد قرار فسخ التعاقد، أعرب عبد الرحيم عن أسفه للقرار المفاجئ الذي اتخذته ماكدونالدز، نافيا أن يكون لديه أي علم مسبق بهوية الشركة قبل تصوير الإعلان، بينما كانت المنتجات الأميركية والغربية تواجه حملات مقاطعة مع اندلاع انتفاضة الأقصى.


وكشف عبد الرحيم حينها أنه تعاقد على الإعلان "عن طريق مكتب للأفراح أخبرني أن ماكدونالدز تريد تصوير إعلان عن الطعمية بصوتي، أنا كنت فاكر أن ماكدونالدز شركة عادية، لو كنت أعلم قبل ذلك لم أكن لأغني حتى ولو كانوا سيدفعون ألف ستين مليار دولار"، بحسب مقابلة أجراها مع صحيفة "الشرق الأوسط" في 2001.

وكانت الكلمات التي غناها عبد الرحيم في الإعلان كالتالي: "ماك فلافل طعمية بالبلدي كده مصرية، ساندويتش المعلم ماك على المعدة يا ناس خفيف، لوخدت منه قطعة هاتكمل الرغيف".



وبعد إلغاء عرض الإعلان، أعيدت جميع نسخه إلى مكاتب الشركة الرئيسية في الولايات المتحدة ومن ثم تم منع عرضه نهائيا، وهو ما ثمنته اللجنة اليهودية الأمريكية، قائلة إنه "إلغاء حملة مطرب بغيض"، بحسب ما نقلت صحيفة "التليغراف" البريطانية.

ماكدونالدز تغير اسمها
بعدما فشلت حملة الترويج للمنتج الجديد عبر الفنان عبد الرحيم، لجأت الشركة إلى طريقة أخرى تمثلت بالتركيز على اسم "مانفودز"، بجوار كلمة "ماكدونالدز مصر"، وحث المصريين على عدم مقاطعتها، وأنه يعمل بها 3000 موظف، واستثماراتها في مصر كشركة مساهمة يبلغ 300 مليون جنيه، وهو ما سوف يتضرر بسبب المقاطعة، بحسب ما نقل موقع "ميدل إيست أونلاين" عام 2002.

ونشرت "ماكدونالدز" أيضا في الصحف المصرية إعلانا على صفحة كاملة تتصدرها الآية القرآنية "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة"، ونشرت خطابا لـ آنا زوزينتش المتحدثة الرسمية باسم "ماكدونالدز" العالمية حينها، تنفي فيه أن تكون الشركة تبرعت لـ"إسرائيل".

وقالت زوزينتش إن "جميع مطاعم ماكدونالدز في مصر والشرق الأوسط تعود ملكيتها وإدارتها إلى ملاك محليين، وإن ملاك ومطاعم ماكدونالدز يقومون بدعم مشاريع لصالح الأطفال والعائلات، بما في ذلك المشاريع الخيرية المختلفة، مثل مستشفيات الأطفال المرضى والمعوقين ودور الأيتام وغيرها".

ورغم ذلك، جرى تأكيد تبرع ماكدونالدز لـ"إسرائيل" من خلال تصريحات القنصل التجاري بالسفارة الأميركية في الرياض حينها، أليس درس، التي أعربت في عام 2002 أيضا، عن اعتقادها بأن التراجع في حجم التبادل التجاري بين بلادها والسعودية، كان سببه المقاطعة الشعبية السعودية للمنتجات الأميركية.


وأكدت درس في تصريحات نشرتها صحيفة الوطن السعودية، أن المقاطعة التجارية المفروضة على المنتجات الأميركية في السعودية والخليج العربي "فيها ضرر لكلا الطرفين"، معتبرة "تبرع شركات في بلادها لصالح إسرائيل بأنه يندرج تحت نظام حرية الجميع في التصرف بأمواله".

وأقرت درس أن سلسلة مطاعم ماكدونالدز للوجبات السريعة، التي تعتبر من أضخم سلاسل المطاعم الأميركية حول العالم، تبرعت بقيمة إيرادات يوم كامل لكافة مطاعمها عبر العالم لصالح "إسرائيل".

تجدد الأساليب
عادت حملة مقاطعة شركة ماكدونالدز للظهور مع حرب الإبادة الإسرائيلية الحالية ضد قطاع غزة، على خلفية دعم فرعها للاحتلال الإسرائيلي وتقديمه وجباتٍ مجانية لجنود جيش الاحتلال.



وانطلقت مبادرات شعبيّة وحملات مقاطعة ضد "ماكدونالدز" من جميع أنحاء العالم، ما دفع باللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة "إسرائيل"، وهي أوسع تحالف في المجتمع المدني الفلسطيني وقيادة حركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، بالاستجابة لهذه الدعوات وتأييد حملة مقاطعة "ماكدونالدز"، لتدفيعها ثمن تأييدها وتورّطها في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي. 

وبسبب الحملة، تراجعت قيمة أسهم ماكدونالدز العالمية، بقيمة 10 مليارات دولار أو 4.7 بالمئة من إجمالي القيمة السوقية، مدفوعا بتأثر المبيعات في بعض الأسواق بصدارة الشرق الأوسط.
وبحسب بيانات سهم الشركة المدرجة في وول ستريت، فإن القيمة السوقية سجلت في آذار/ مارس 2024، 204.24 مليار دولار، نزولا من 214.1 مليار دولار، وفقا لتقرير نشرته وكالة الأناضول. 

يأتي هذا التراجع وسط تصريحات صدرت عن إدارة الشركة في أكثر من مناسبة، بشأن تأثر المبيعات في أسواق داخل الشرق الأوسط وخارجها بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية على غزة.


وفي كانون الأول/ ديسمبر 2024، قدّمت شركة "ليونهورن بي تي إي المحدودة" السعودية، المالكة لفرع ماكدونالدز في ماليزيا (أي صاحب الامتياز)، دعوى قضائية بهدف الترهيب ضدّ مجموعة المقاطعة في ماليزيا (BDS Malaysia)، واتهمت المجموعة بـ"التشهير"، مطالبةً بتعويضات تفوق المليون دولار، بحسب بيان لحركة المقاطعة.

وبعد ذلك بشهرين تقريبا، أعلنت شركة "ليونهورن بي تي إي المحدودة"، إسقاط دعوى الترهيب التي رفعتها الماضي ضدّ مجموعة المقاطعة في ماليزي. 

وأكدت حركة المقاطعة "لم يكن هذا الإعلان مفاجئا لمناصري حركة مقاطعة إسرائيل كون الدعوى تفتقر للمعايير والأسس القانونية، وكونها استفزّت عددا أكبر من مناصري الحق الفلسطيني ما فاقم مقاطعة الشركة وزاد من خسائرها".

إقرار بالهزيمة؟ 
أعلنت الشركة العملاقة في نيسان/ أبريل 2024، أنها ستستحوذ مرة أخرى على امتيازها المحلي في "إسرائيل" في غضون شهرين فقط، وفق التفاصيل الجديدة في الصفقة التي نقلتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.


وفي أوائل شباط/ فبراير الماضي، عرضت شركة ماكدونالدز شراء الامتياز الإسرائيلي من "ألونيال المحدودة" المملوكة لشركة "عمري بادان" لأكثر من 30 عاما، وفروعها البالغ عددها 225 فرعا.

وعينت الشركة مستشارا إعلاميا لها خوفا من أن يُنظر إلى الاتفاقية على أنها محاولة لتجنب المقاطعة المؤيدة للفلسطينيين لها بعد دعم الامتياز المحلي في "إسرائيل" الجيش في الحرب على غزة.

وتستخدم ماكدونالدز نظام الامتياز، ما يعني أن مشغلين أفرادا من خارج الشركة، يحصلون على ترخيص لتشغيل الفروع وتوظيف الموظفين، لكن الشركة الأم تعرضت لانتقادات بعد أن عرضت شركة "بادان" وجبات مجانية للقوات الإسرائيلية في بداية الحرب على غزة.