بعد أيام على صدور القرار التركي بفرض مقاطعة على المنتجات الإسرائيلية، رداً على استمرار العدوان على
قطاع غزة، وعرقلة دخول
المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، فإن دولة الاحتلال ما زالت في مرحلة دراسة الردّ على
المقاطعة التركية، ومحاولة إيجاد البدائل، خاصة مع وجود البضائع الإسرائيلية عالقة في الموانئ التركية.
وفي السياق نفسه، يحسب المصدرون والمستوردون حجم الضرر والخسائر التي ستنتقل بالتأكيد إلى جيوب المستهلكين، رغم محاولاتهم المستميتة للحصول على صادرات وواردات من مصادر أخرى أقل تكلفة، أو استيراد نفس المنتجات التركية عبر الدول المجاورة.
عومار شرفيت، وهو المراسل الاقتصادي لموقع "زمن إسرائيل"، ذكر أن "قرار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان بوقف التجارة مع دولة الاحتلال سيعطل قطاعات واسعة في قطاع الأعمال فيها، ويزيد في نهاية المطاف من الضغط من أجل زيادة الأسعار في الاقتصاد".
وتابع: "لا يزال المصنعون والمستوردون الإسرائيليون الذين دفعوا ثمن بضائعهم عالقين في الموانئ التركية مع تصاعد حجم الخسائر، ويحاولون تحديد الخيارات الأخرى، ويأملون أن تستأنف التجارة قريبًا مع انتهاء الحرب".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أنه "في هذه الأثناء، يطالب رجال الأعمال حكومة الاحتلال بإجراء التعديلات اللازمة لدعم الصناعة، وسط اتفاق الجميع على أنه لا يمكن أن تمر هذه الخطوة الأحادية بصمت".
وأوضح: "رغم أن التجارة مع تركيا قد انخفضت بالفعل بشكل كبير في 2023، لكنها لا تزال تزيد عن ستة مليارات دولار سنويًا، معظمها من الواردات، وفي الأيام الأخيرة، أصدرت عدد من الشركات الإسرائيلية إشعارات تحذيرية للمستثمرين بشأن الأثر المتوقع للقرار التركي الدراماتيكي، بما يعكس تنوع الأضرار التي يصعب حاليا قياس قوتها الكاملة".
ونقل عن شركة "باركوميت" العاملة في مجال إنتاج مرافق مواقف السيارات الآلية، أنها تستخدم الاستيراد بانتظام من الإنشاءات ومرافق الرفع من تركيا، وتعمل الآن على شحن المنتجات والبضائع منها عبر موانئ الدول المجاورة.
كذلك، أعلنت شركة "رالكو" المستوردة للمنتجات الكهربائية أن "وارداتها بدأت تتأخر الآن في تركيا، لكنها لا تتوقع ضررا على المدى القصير، لأنها تحتفظ بمخزون كاف من المنتجات من نفس المورد، وتعمل على إيجاد طرق أخرى لتحصل منه على نفس البضائع".
وأوضح أن شركة "غلوبرندز" لإنتاج مواد التدخين التي تستوردها من المصانع في تركيا أصبحت الآن محتجزة في موانئ المنشأ، رغم أن لديها مخزونا من المنتجات لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر، وسوف تحاول إيجاد حل بديل للتوريد، رغم أنه ليس من المؤكد وجود حل بين كبار الصناعيين.
إلى ذلك، أبلغت شركة "راف باريه" المقاولين بزيادة بنسبة 8 في المئة في أسعار منتجاتها، بسبب ارتفاع أسعار المعادن والألومنيوم والزجاج، وسعر الدولار، وارتفاع تكلفة المواد الخام، وزيادة ضريبة الأملاك والإيجار والكثير من الزيادات الأخرى في الأسعار.
واعترف التقرير أن "حكومات الاحتلال لم تعتن بالصناعة المحلية على المدى الطويل في قطاعات البناء والصناعات الغذائية والأدوية، وتفضّل في المقابل إحضار الجوارب والملابس الداخلية من فيتنام وماليزيا والألعاب من الصين، واليوم لا يستبعد أحد في إسرائيل أي سيناريو اقتصادي سيء في ظل الواقع المجنون المتمثل في حالة عدم اليقين"، داعياً الحكومة للإسراع في "حل المشكلة الحادة المتمثلة في نقص العمال بعد توقف عمل الفلسطينيين في الضفة الغربية بداية حرب غزة".
تجدر الإشارة إلى أن المعطيات الاقتصادية كشفت أن الشركات الإسرائيلية تبدي حذراً من شدة الضرر الناجم عن القرار التركي، وستكون النتيجة مزيداً من الضغط على الأسعار في الاقتصاد، والتأقلم مع الوضع الجديد لن يحدث بين عشية وضحاها، لأن القرار التركي يشمل كسر الأدوات وإغلاق الموانئ لتصدير واستيراد المنتجات لدولة الاحتلال.
وختم التقرير بالقول: "طالما أن الشركات الإسرائيلية المصنعة تستورد المواد الخام من تركيا، وتعتمد عليها في عقود طويلة ومتوسطة الأجل، فإن هناك ضررًا على سلسلة التوريد والتجارة نفسها، وأي بديل موجود سيكون أكثر تكلفة، وسوف يستغرق الأمر بعض الوقت للعثور على عملاء آخرين".