لا تزال أوساط
الاحتلال السياسية والعسكرية والأمنية، مصابة بالذهول من موافقة حركة
حماس المفاجئة على
مقترح وقف إطلاق النار الذي قدمه الوسطاء المصريون والقطريون، وقد بدا ذلك واضحا
في العديد من ردود الفعل الصادرة عنهم، والتساؤلات التي طرحوها حول ما الذي تغير
في تفاصيل الاقتراح الذي وافقت عليه الحركة.
وثارت أسئلة لدى أوساط
الاحتلال حول ما سيحدث مع عملية رفح، وكيف أثرت على سير المفاوضات، وهل غيرت
الإدارة الأمريكية مواقفها بشأن الحرب في
غزة، ودعم الاحتلال.
"عربي21"
رصدت جملة من
ردود الفعل الاسرائيلية حول موافقة حماس، يمكن سردها على النحو الآتي:
يارون أبراهام محلل
الشؤون السياسية في القناة 12 زعم أنه "يجب وضع الأمر في سياقه الصحيح، لأنه
مساء أول من أمس فقط أعلن رئيس الموساد ديفيد بارنياع أنه لم يرسل وفداً إلى القاهرة
بعد، فيما توجه رئيس وكالة المخابرات المركزية الـ سي آي إيه إلى قطر لإنقاذ
المفاوضات، وقبل ساعات قليلة فقط جرت محادثة بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو
والرئيس الأمريكي جو بايدن، طالبه فيها بألا يذهب بعيداً في رفح، ولا يفعل عملا لا
رجعة فيه، حتى يتمكنوا من التوصل إلى صفقة رهائن، أعني أن شيئًا ما حدث في الساعات
القليلة الماضية، ولا يزال غير واضح".
نير دفوري المراسل
العسكري أشار إلى أنه "بحسب الخطة العملياتية، فإن الاحتلال سيقوم بخطوة متقطعة في
رفح، وهذا تحرك يمكن وقفه في أي لحظة مطلوبة إذا حدث تطور إيجابي حقيقي في
المفاوضات، وفي سياق صفقة إطلاق سراح الرهائن. لقد بدأت بالفعل العملية في رفح،
وهذا نفس الإجراء الذي كان ينبغي أن يبدأ منذ شهرين، وهو تحرك واسع يتكشف، وقد
يتأثر بالتطورات الأخيرة.. خلاصة القول أن أي تحرك عسكري في هذه المنطقة من محور
فيلادلفيا ومعبر رفح، يجب أن يكون مدعوما بتحرك سياسي مكمل، وإلا فلن يكون من
الممكن التوصل إلى النتيجة المرجوة، وهي إطلاق سراح الرهائن وإلحاق الضرر بحماس".
أوهاد حامو خبير
الشؤون الفلسطينية زعم أنه "منذ عدة أشهر، كان خط حماس موحدا وواضحا مفاده
أنها غير مستعدة للدخول في أي صفقة حتى يتم الحصول على ضمانات معينة بأن الاحتلال
لا ينوي استئناف القتال، حتى بعد ستة أشهر أو سنة، ومن الممكن جداً أنهم إذا قرروا
الخروج بموافقتهم، فإنهم سمعوا شيئاً مختلفاً، أو حصلوا على ضمانات أخرى لم يحصلوا
عليها من قبل، وهناك علامة استفهام كبيرة هنا، وهناك من يحاول ربط موافقتها بما
حدث في رفح، رغم أني لا أعتقد ذلك، فحماس عرفت ما حصل من تدمير خانيونس وغزة،
وتعرف أيضاً ما سيحدث في رفح، لذلك فقد ظل الأمر معلقاً في الهواء لأشهر وأسابيع".
إيهود يعاري المستشرق
الإسرائيلي تساءل: "هل يتعلق الأمر حالياً باستعداد حماس للتوصل إلى صفقة
شاملة؟ بحسب ما يقولون نعم، لكن علينا أن نفهم لماذا يستخدمون مصطلح ’وقف
إطلاق النار’، ولا يذكرون المراحل، وصفقة المختطفين على الإطلاق، من الواضح
أنهم يريدون الآن رمي الكرة في ملعبنا، وليس من قبيل الصدفة أن يتصل زعيم حماس
إسماعيل هنية بمصر وقطر بعد انتهاء المحادثة بين نتنياهو وبايدن، ولا يمكن أن يكون
القرار قد تم نشره دون أن يتم إخبارهم بشيء عن تلك المحادثة، السؤال الكبير: ماذا
حوّل الأمريكيون لحماس، وماذا قدموا لهم مقابل الدخول في المرحلة الأولى من صفقة
الرهائن".
عاميت سيغال محلل
الشؤون الحزبية أكد أننا "بحاجة إلى وضع موافقة حماس في سياق أوسع منفصلاً عن
كامل النقاش الذي يتضمن عادة رأي شخص ما حول حكومة نتنياهو، لأننا اليوم أمام
مؤامرة ضد إسرائيل، وبموجبها سيتم من وراء ظهرها إبرام صفقة توافق بموجبها حماس
على وقف إطلاق النار، وتمنحها الولايات المتحدة الضمانات الدولية بوقف الحرب في
غزة، بما يتناقض تماما مع وعود بايدن الذي أوضح التزامه بتدمير حماس، التي أصدرت
قرارها بسبب الضغوط في رفح. لكن الأهم أنه في الأيام الأخيرة تزايد الانطباع
الإسرائيلي، بعد تصريحات أنتوني بلينكن الأخير وإعلانات البيت الأبيض، أن حماس
حصلت على ضمانات أمريكية ستؤدي إلى إنهاء الحرب".
الجنرال يسرائيل زيف
الرئيس السابق لشعبة العمليات في الجيش، زعم أن "موافقة حماس ربما تعود إلى أن التهديد العسكري في رفح أدى إلى النتيجة المرجوة المتمثلة بالرغبة في تنفيذ
صفقة المختطفين. من الواضح أن موافقة حماس خلقت توتراً سياسياً، لكن هناك أشياء
أعلى بكثير من التوتر السياسي وهي المسؤولية الأخلاقية والإرادة العامة، كما أن
هناك جهودا هائلة من جانب الولايات المتحدة ومصر ودول أخرى في المنطقة لإبرام الصفقة،
وفي هذه الحالة لا يمكن للاحتلال التراجع في هذه المرحلة، وعليه أن يمضي قدماً في
الصفقة، ويعيد المختطفين، ويمضي قدماً في خطوة سياسية مهمة للغاية. من المؤكد أن
جزءا منها تفكيك حماس، وعلينا استغلال هذه الفرصة لاستبدال حكمها، الأمر الذي
تجنبته إسرائيل حتى الآن في كل قراراتها عن اليوم التالي".
تكشف هذه القراءات
الإسرائيلية أن حماس أخفت في الصفقة ما يمكن اعتباره "فخّا" للاحتلال،
لأن موافقتها الحالية لا تترك له أي ورقة مساومة لإطلاق سراح جميع المختطفين، لكن
من الواضح أننا أمام تطور حقيقي قد يقود إلى نهاية العدوان على غزة، رغم أننا أمام
تلاعب بالمصطلحات في محاولة من الوسطاء لإرضاء الطرفين، بين "وقف الحرب"
تارة، و"وقف الأنشطة العدائية" تارة أخرى.
ومع غياب اتفاق أو تسوية مع
حماس، فإن استمرار الوضع الجامد أمر سيئ للاحتلال، في ضوء تراجع جدوى الضغط
العسكري في التأثير على إطلاق سراح الأسرى، لأنه لم يتحقق حتى الآن.