رغم حجم القوة الهائل والضغط العسكري اللا محدود الذي مارسته قوات
الاحتلال في قطاع
غزة، بهدف انتزاع اتفاق من المقاومة
الفلسطينية، يُفضي إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، إلا أن ذلك لم يعط أي نتيجة، بل إن الفصائل وعلى رأسها
حماس، لا زالت تقاتل بشراسة رغم مرور ما يزيد عن 200 يوم من العدوان المتواصل.
لم يترك الساسة والقادة الإسرائيليون مناسبة إلا وأكدوا فيها أن ممارسة
الضغط العسكري في غزة وسيلة مهمة وأساسية لدفع المقاومة إلى التسليم بشروط "إسرائيل" لعقد أي اتفاق لتبادل الأسرى، آخر هذه التصريحات كانت يوم الأحد الماضي، حين قال رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو: "سنوجّه ضربات إضافيّة ومؤلمة. في الأيّام المقبلة، سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس، لأنّ هذا هو السبيل الوحيد لدينا لتحرير الرهائن".
لكن الرد لم يتأخر، حيث قال الناطق باسم القسام في خطاب متلفز، إن "ما يسمى الضغط العسكري لن يدفعنا إلا للثبات على مواقفنا والحفاظ على حقوق شعبنا وعدم التفريط فيها".
لماذا تعثرت المفاوضات؟
تريد حكومة الاحتلال وقفا مؤقتا للحرب، مع بقاء قواتها في غزة ومنع عودة النازحين من الجنوب إلى الشمال، لكن المقاومة التي اتهمت الاحتلال بالتعنت واتباع سياسة كسب الوقت، تصر على انسحاب كامل لقوات الاحتلال، ووقف دائم للحرب، مع تمكين النازحين من العودة، الأمر الذي حال دون التوصل إلى اتفاق، رغم جولات عدة من المفاوضات غير المباشرة.
وقال رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، الأحد، إن الحركة وضعت ضوابط، خلال مفاوضات التوصل لصفقة مع "إسرائيل"، من بينها إنهاء الحرب، وقطع الطريق على مخطط اليوم التالي للحرب في قطاع غزة.
وأضاف هنية، أن مبادئ الحركة للاتفاق على الصفقة تشمل أيضاً وقف إطلاق النار الشامل، وانسحاب "إسرائيل" الكامل، وعودة النازحين، مؤكداً أن "إسرائيل تتهرب من إعطاء ضمانات واضحة، خصوصاً في وقف إطلاق النار".
ولفت إلى أن "إسرائيل تتحدث عن إعادة انتشار وتموضع للجيش في غزة، لا عن انسحاب"، مشدداً على أن الحركة لا تريد إطلاقاً توقيع اتفاق لا يُنهي الحرب على غزة.
فشل الضغط العسكري
الرد على فشل المقاربة الإسرائيلية في غزة لم يأت على لسان مسؤولين وقادة فلسطينيين فحسب، بل إن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق جيورا آيلاند، قال قبل أيام، إن الضغط العسكري على حماس لم ينجح لأنها شيدت "آلة حرب فعالة".
ورأى آيلاند أن "الخيار الأفضل لإسرائيل هو إنهاء الحرب مقابل إعادة الرهائن"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "تشبيه حماس بداعش خطأ لأن حماس تحظى بدعم الأغلبية بغزة ولها خصائص الدولة".
بدوره، قال الصحفي الإسرائيلي، حاييم ليفينسون، في مقال بصحيفة "هآرتس" تحت عنوان "قول ما لا يمكن قوله: لقد هزمت إسرائيل - هزيمة كاملة"، إن أهداف الحرب على غزة لن تتحقق، ولن يتم إعادة المحتجزين من خلال الضغط العسكري، ولن يتم استعادة الأمن.
ولفت إلى أن "العمل العسكري في غزة يجب أن يؤدي إلى واقع دبلوماسي أفضل" مشيرا إلى أنه "ليس لدى إسرائيل مخرج دبلوماسي. وإن نتنياهو ليس لديه القدرة على القيادة أو صنع القرار".
حماس لا زالت تدير غزة
من جهتها، قالت الأكاديمية والباحثة السياسية، تمارا حداد، إن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو استنفد كل أدوات الضغط العسكري لديه ولم يحقق أي نصر في غزة بعد أكثر من مئتي يوم على الحرب المتواصلة.
ورأت حداد في لقاء متلفز أن الاستمرار في الحرب والضغط العسكري، لن يصل بنتنياهو إلى القضاء على حماس مئة بالمئة، بل إن أهدافه باتت معروفة، سواء كانت شخصية، أو ترمي إلى جر الولايات المتحدة نحو الصراع الإقليمي.
وكشفت حداد معلومات تفيد أن إدارة قطاع غزة ما زالت في يد حركة حماس، وهي السلطة القائمة حتى الآن، رغم مرور نحو 7 أشهر على الحرب، وارتكاب مجازر مروعة من قبل الاحتلال.
وكانت صحيفة جيروزاليم بوست نقلت عن مصادر في جيش الاحتلال، قولها إنه لا توجد مؤشرات حاليا على أن "الجيش" سيكون قادرا على إنقاذ مزيد من الأسرى، أو قتل مزيد من قادة حماس.
وأضافت المصادر أنه لا يزال بإمكان حماس العودة بسهولة إلى المناطق التي كان "الجيش" قد سيطر عليها سابقا، في ظل غياب خطة مستقرة لإدارة غزة بعد الحرب.
وارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة، جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ202 على التوالي، إلى 34 ألفا و305 شهداء.