تحولت وظيفة الفنيين في شركات
الاتصالات بغزة،
إلى وظيفة مميتة، بسبب استهدافهم من قبل
الاحتلال، خلال محاولتهم إصلاح الشبكات،
لبقائها تعمل من أجل الأغراض الإنسانية.
وقالت
صحيفة نيويورك تايمز، إن قرابة الـ50 فنيا
ومهندسا، تحركوا في القطاع، من أجل إعادة الخدمة إلى المناطق التي انقطعت فيها
الكهرباء ودمرت فيها الشبكات بفعل القصف وعمليات التجريف الإسرائيلية.
ومن
بين الشركات "بالتل" الفلسطينية، والتي تعتمد على ثلاثة خطوط اتصالات عبر مناطق الاحتلال،
وتشغل البنية التحتية في
غزة، وأدت محاولات إصلاح الخطوط المدمرة إلى خسائر بشرية،
بعد استشهاد عدد من الكوادر، والذين يجدون أنفسهم عالقين وسط إطلاق نار الاحتلال.
واستشهد
حتى الآن 16 من كوادر الشركة، منذ بدء العدوان، اثنان منهم خلال عملهم المباشر في
إصلاح الشبكات.
وأدى
انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء غزة إلى إعاقة قدرة الفلسطينيين بشدة على
طلب المساعدة، والإبلاغ عن الأحداث الجارية، وتنسيق توصيل المساعدات، والتواصل مع
الأصدقاء والعائلة في الخارج.. إذ تنتقل المكالمات بشكل روتيني مباشرة إلى البريد
الصوتي، وعندما تتصل، يكون الاتصال ضعيفًا في كثير من الأحيان.
وقال
طارق بخيت، 33 عاما، وهو عامل طبي في حالات الطوارئ: "خلال الحرب، يمكن أن
يكون الفارق بين الحياة والموت مجرد مكالمة هاتفية واحدة"، و"بالكاد
يمكننا أن نفعل أي شيء دون القدرة على التواصل".
ويلقي
أحد المسؤولين التنفيذيين في شركة بالتل ووزارة الاتصالات التابعة للسلطة
الفلسطينية اللوم في معظم حالات ضعف الاتصال على الغارات الجوية وعلى الطرق التي
تم تجريفها، ما تسبب في أضرار للبنية التحتية فوق وتحت الأرض.
لكن
المسؤول التنفيذي مأمون فارس، رئيس لجنة الطوارئ في غزة في شركة بالتل، قال إن "إسرائيل" قطعت أيضا الاتصالات في غزة ثلاث مرات، وقال إن بالتل توصلت إلى هذا
الاستنتاج لأنه تم استعادة الشبكة فيما بعد دون تدخلها في تلك المناسبات.
وقال
فارس إن عشرات الأميال من كابلات الألياف الضوئية التابعة لشركة بالتل قد دمرت،
كما أنه تم إيقاف اثنين من مراكز البيانات الرئيسية الأربعة التابعة لها، وقد تحطم
أكثر من 100 من أبراج الاتصالات الخلوية في القتال.
وقبل
دخول موظفي بالتل إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، تقول الشركة إنها ترسل
الأسماء وأرقام الهويات ومعلومات لوحة ترخيص الفنيين إلى المنظمات الدولية أو
المسؤولين الفلسطينيين، الذين ينقلون البيانات إلى مسؤولي الأمن الإسرائيليين.
وقالت الشركة إنه بعد الحصول على إذن إسرائيلي للشروع في المشروع، يلتزم الموظفون
بتعليمات المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك الطرق المحددة التي يحددونها على
الخرائط.
وفي
منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وجد أعضاء فريق بالتل أنفسهم تحت القصف وإطلاق
النار، وقال كامل العمصي، 52 عاما، وهو مهندس في الفريق، إنهم كانوا يحاولون إعادة
توصيل كابل مغمور في حفرة مملوءة بالمياه في مدينة خانيونس الجنوبية عندما اندلعت
اشتباكات، ما دفعهم إلى الاستلقاء على الأرض بينما كان الرصاص يتطاير فوق رؤوسهم.
وقال:
"لقد أصيبت الدبابات القريبة بالجنون كان الوضع مروعا".
وقال العمصي
إنه بعد نصف ساعة، خرج جندي من دبابة وطلب من الفنيين الإخلاء باتجاه الشرق، لكن
لم يكن هناك طريق لسياراتهم للمرور عبر الحفرة، وقال إنهم قلقون على حياتهم،
فتوجهوا غربا حتى هربوا من القتال.
وفي
اليوم التالي، أكمل الفنيون المهمة التي كانت تهدف إلى إعادة الاتصال إلى جنوب غزة
بعد انقطاع التيار الكهربائي لعدة أيام.
وقال الفنيون
إنهم يشعرون بالإحباط أيضا بسبب المواجهات مع القوات الإسرائيلية. وفي كانون الأول/ ديسمبر
الماضي، قال العمصي وزميله محمد السويركي إنهما والعديد من الفنيين تعرضوا
للاحتجاز تحت تهديد السلاح أثناء رحلة إلى شمال غزة لإصلاح الكابلات التالفة.
وقال العمصي
إن الجنود عصبوا عينيه وربطوا معصميه قبل أن يتهموه وفنيين آخرين بالتقاط صور
للمنطقة، وقال إنهم لم يطلق سراحهم إلا بعد أن أقنعهم بأنهم كانوا في مهمة إصلاح
وافق عليها الجيش.
وأضاف:
"لقد كان الأمر مهينا بشكل لا يصدق، أنت تحاول القيام بعملك، لكنك لا تحظى
بأي احترام".
ولكن
عندما اقتربوا من وجهتهم، فقد بدأت دبابة بإطلاق النار في مكان قريب، على حد قولهم: "في
تلك المرحلة، أدركنا أننا كنا في مهمة مستحيلة، لم يكن أمامنا خيار سوى العودة إلى
المنزل".