نشر موقع "
نيوز ري" الروسي تقريرا تحدث فيه عن مزاعم الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي بأن الوضع على الحدود بين
بولندا وأوكرانيا، حيث يحتج المزارعون، تجاوز الحدود الأخلاقية داعيا وارسو إلى إيجاد حل مشترك.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس البولندي أندريه دودا دعم
المزارعين المحتجين. في الوقت نفسه، شهدت بعض دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، مثل ألمانيا وفرنسا، إضرابا للمزارعين.
كيف يحتج المزارعون البولنديون؟
ذكر الموقع أن المزارعين البولنديين ينظمون
احتجاجات منذ عدة أسابيع عن طريق إغلاق الطرق والطرق السريعة. ووفقًا لدائرة حدود الدولة في أوكرانيا، قام المتظاهرون بإغلاق جميع نقاط التفتيش الست على الحدود البولندية الأوكرانية. وحسب رئيس الدائرة أندريه ديمشينكو تم تسجيل أكثر من 2400 شاحنة في الطابور. وفي نهاية شباط/ فبراير، أفاد رئيس وزارة تنمية المجتمعات والأقاليم والبنية التحتية في أوكرانيا، ألكسندر كوبراكوف، بأن 160 طنًا من الحبوب الأوكرانية انسكبت من عربات قطار متجه إلى ميناء مدينة غدانسك البولندية.
لماذا المزارعون البولنديون غير راضين؟
تسبب إلغاء الحصص المفروضة على استيراد الحبوب الأوكرانية وغيرها من المواد الغذائية إلى دول الاتحاد الأوروبي في استياء المزارعين. وهذا الإجراء ساري المفعول منذ سنة 2022، وأعلنت المفوضية الأوروبية تمديده في شباط /فبراير الماضي. وعليه، يضغط المزارعون على بولندا للانسحاب من برنامج الصفقة الخضراء الذي يهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني في دول الاتحاد الأوروبي بحلول سنة 2050.
ونقل الموقع عن الخبير الاقتصادي فاسيلي كولتاشوف أن "هناك تغييرا في الوعي العام في بولندا، الأمر الذي فاجأ الاتحاد الأوروبي. وإذا كان المزارعون في كل مكان في أوروبا يحتجون ضد أوكرانيا لأنها غمرت الاتحاد الأوروبي بالحبوب، فإن كراهية هذا البلد في بولندا تعمل على توحيد القرى والمدن".
وتابع كولتاشوف: "حتى المشروع القومي البولندي غير مثير للاهتمام لمجتمع هذا البلد. لنفترض أن بولندا استولت على غرب أوكرانيا، ولنفترض أن الشركات الكبرى ستنتج الحبوب هناك. يهدد هذا بتدمير المزارعين البولنديين، لأن الحبوب الأوكرانية الغربية ستذهب إلى سوق البلاد".
لماذا لن تتمكن أوكرانيا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الآن؟
أشار نائب رئيس مجلس الدوما، وعضو لجنة الدوما المعنية بالقضايا الزراعية، سيرغي ليسوفسكي، إلى إمكانية استخدام المزارعين الأوكرانيين التقنيات المحظورة في الاتحاد الأوروبي وبالتالي ستكون المنافسة غير عادلة.
وأضاف ليسوفسكي أن "تكلفة الحبوب الأوكرانية أقل من تكلفة الحبوب الأوروبية، لذا سيشكل ذلك ضغطًا على أسواق الاتحاد الأوروبي. كما تعد السلطات البولندية مجبرة على مراعاة مصالح المزارعين، كونهم يشكلون من بين أمور أخرى قاعدة انتخابية".
وحسب ليسوفسكي، أظهر الوضع على الحدود البولندية الأوكرانية لأوروبا بأكملها أن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي سيصبح مشكلة اجتماعية كبيرة لدول الاتحاد، وهذا سيكون أحد العوامل الحاسمة في عدم انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
انقضاء فترة باقة الحلوى
أشار نائب مجلس الدوما ألكسندر تولماتشيف، إلى أن الأوكرانيين الذين لا يقتصرون فقط على الحصول على الأموال من الاتحاد الأوروبي فحسب، ويطالبون أيضاً بالتفضيلات، أصبح غير مرحب بهم في أوروبا. لذلك، يتعين على السياسيين المحليين الأخذ بعين الاعتبار أن عدداً قليلاً فقط من الناخبين مستعدون "لدفع ثمن مغامرات قادتهم".
وفقا لتولماتشيف، لم تعد بولندا تخفي اعتمادها في بعض المواقف على أجزاء من الأراضي الأوكرانية، مشيرا إلى أنه في هذا السياق يمكن لبؤر العدوان أن تكون مفيدة لأنصار "بولندا الكبرى".
وتابع تولماتشيف: "انتهت فترة باقة الحلوى منذ فترة طويلة في كييف ووارسو. اعتقد قادة أوكرانيا أنه عند وصولهم أوروبا سيحصلون على الدعم في كل شيء، مما سينهي جميع مشاكلهم. لكن، اتضح العكس تماما".
لماذا يحتج المزارعون في ألمانيا وفرنسا؟
ذكر الموقع أن غضب المزارعين لم يقتصر على بولندا فحسب، بل شمل بلدانا أوروبية أخرى أيضاً. فعلى سبيل المثال، في ألمانيا يحتجون منذ نهاية السنة الماضية بسبب اقتراح السلطات تخفيض مشتريات الآلات الزراعية وإلغاء التخفيضات على وقود الديزل. بعد بدء الاحتجاجات، اضطرت السلطات إلى خفض الدعم تدريجيا، الأمر الذي رفضه المنتجون الزراعيون وحاولوا في الرابع من كانون الثاني/ يناير منع مركب كان على متنه نائب المستشار ووزير الشؤون الاقتصادية روبرت هابيك.
وفي
فرنسا، تستمر الاحتجاجات الحاشدة للمزارعين منذ كانون الثاني/يناير الماضي منددة بزيادة تكلفة وقود الديزل، وانخفاض الدخل بسبب استيراد الحبوب الأوكرانية والصعوبات البيروقراطية. وفي نهاية الشهر، أغلقت جراراتهم جزءًا من الطريق السريع أي6، وهو أحد الطرق السريعة الرئيسية التي تربط جنوب فرنسا بباريس.
في نهاية شهر شباط/ فبراير الماضي، أقيم معرض زراعي في باريس زاره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكان من المخطط أن يجري محادثات مع المزارعين، وهو ما رفضته النقابات العمالية. في الوقت نفسه، اقتحم المزارعون الغرفة التي كان يتواجد فيها الرئيس الفرنسي مطالبين إياه بالاستقالة.
وحسب كولتاشوف، فإن المنتجات الرخيصة القادمة من أوكرانيا غير مفيدة للمزارعين الأوروبيين بشكل عام. وفي الوقت نفسه، تستخدم بروكسل هذه الآلية للحد من التضخم.
"تدهور الاتحاد الأوروبي"
يستبعد ليسوفسكي توليد احتجاجات المزارعين أزمة في العلاقات بين دول الناتو ذلك أن الاتحاد الأوروبي قادر على إيجاد المال لدفع الإعانات للمزارعين، مشيرا إلى استخدام الأوروبيين الأموال الروسية الموجودة في حساباتهم.
ونوه تولماتشيف بأن الأزمة الزراعية هي إحدى العلامات الواضحة على التدهور المنهجي العميق للاتحاد الأوروبي ونظامه الاقتصادي والإداري. وحسب هذا البرلماني فإن أوكرانيا مجرد ذريعة لتسريع عمليات التحلل الحتمية بعد عام 2022.