نشرت صحيفة ''غازيتا'' الروسية تقريرًا قالت فيه إنه على مدار عامين من العملية العسكرية في أوكرانيا، أثيرت مرارًا وتكرارًا مسألة فعالية قوات ووسائل الدفاع الجوي الروسية. وتسببت الضربات التي وجهتها القوات المسلحة الأوكرانية ضد منشآت على أراضي البلاد وتجمعات القوات في إثارة غضب وانتقادات الرأي العام.
وأوضحت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، وفقًا لميخائيل خودارينوك، المراقب العسكري في قوات الدفاع الجوي الروسية، ما إذا كانت قوات الدفاع الجوي مستعدة بما فيه الكفاية للنزاع، وما هي الإصلاحات المطلوبة في هذا المجال، والصواريخ المضادة للطائرات ومنظومة المدافع في منطقة الدفاع الجوي.
وذكرت أن ضربات العدو ضد أهداف على أراضي الدولة ومجموعات من القوات تثير حتماً تساؤلات حول فعالية قوات ووسائل الدفاع الجوي. وتجدر الإشارة في الحال إلى أن هذه الادعاءات ليست موضوعية تماماً، كما أنها ليست دائماً احترافية. وبالنسبة للعدو، فهو ليس في سبات عميق، ولم يقم إلا مؤخرًا بعدة محاولات لاختراق المجال الجوي للبلاد. على وجه الخصوص؛ أسقطت القوات الصاروخية المضادة للطائرات في منطقة روستوف صاروخ سام S-200 أوكرانيًّا تم تحويله لضرب أهداف أرضية. كما أصابت قوات الدفاع الجوي طائرة بدون طيار في منطقة بريانسك.
هل منظومة الدفاع الجوي جاهزة للصراع مع أوكرانيا؟
وحسب تحليل مفصل لفعالية قوات الدفاع الجوي ووسائل عملها، يجب البدء من بعيد؛ حيث يعتقد بعض ممثلي مجتمع الخبراء والمحللين أنه خلال العملية العسكرية للقوات المسلحة الروسية في سوريا، قامت القوات الجوية باستمرار بتحسين أشكال وأساليب تطبيقها القتالي، في حين أن قوات ووسائل الدفاع الجوي تجمدت في تطورها و"تجاوزت"، خلال الحملة السورية. واستنادًا إلى هذه الأحكام، يُستنتج أن قوات الطيران دخلت العملية العسكرية الخاصة بطريقة أكثر تنظيمًا، في حين كان على قوات الدفاع الجوي التعلم وإعادة التدريب على الفور.
عمليًّا في مثل هذه الأحكام السطحية للغاية وغير المهنية إلى حد كبير، ينقلب كل شيء رأسًا على عقب. والحقيقة هي أنه خلال الحملة السورية، ضربت القوات الجوية أهداف العدو من ارتفاع لا يقل عن 6000 متر في غياب تام لأي معارضة. بالمقابل، خلال الحملة السورية، قاتلت قوات الدفاع الجوي على العكس من ذلك، فقد كانت قوات الدفاع الجوي تقاتل بقوة وتحسّن أساليبها باستمرار في هزيمة أسلحة العدو المختلفة. ففي سوريا تدربت القوات الصاروخية المضادة للطائرات والقوات التقنية اللاسلكية على تقنيات فعالة لمكافحة الطائرات بدون طيار منخفضة السرعة وقاذفات الصواريخ المتنوعة.
قبل العملية العسكرية في أوكرانيا؛ أجرت قوات الدفاع الجوي تدريبات تكتيكية واسعة النطاق على مستوى الفرق، حيث كان يتم خلالها زيادة صعوبة وضع الأهداف بشكل مستمر، كما تم تحسين نماذج الأسلحة الصاروخية المضادة للطائرات على أساس النتائج التي أسفرت عنها التدريبات. وفي سياق هذه التدريبات، تم تدريب قوات الصواريخ المضادة للطائرات على صد الضربات المكثفة ضد أنواع مختلفة من الأسلحة. وعلى وجه الخصوص؛ تم التدرب عمليًّا على جميع ميزات إطلاق منظومة صواريخ سام S-400 تريومف ضد أهداف تفوق سرعة الصوت (من نوع كينزال).
وفي الوقت نفسه؛ تم تحديث منظومة الصواريخ والمدافع المضادة للطائرات من طراز بانتسير-إس بشكل كبير، وهي الآن قادرة على هزيمة كل من صواريخ M142 HIMARS الأمريكية (بما في ذلك MRLS) والصواريخ الباليستية التكتيكية الأوكرانية Tochka-U/Grom-2، أي حتى الصواريخ التي تتجاوز سرعتها 1000 متر/ثانية.
علاوة على ذلك، ووفقًا للصحيفة فإن نظام بانتسير-سام المحسّن قادر على مكافحة الطائرات بدون طيار التي تختلف سرعة تحليقها عن الصفر قليلاً (أي الطائرات بدون طيار من نوع الهليكوبتر التي تحوم عملياً). ومن بين أمور أخرى؛ فإن صاروخ بانتسير-سام الموجه المضاد للطائرات غير مكلف نسبيًا، وهو أمر مهم في صد ضربات العدو المكثفة. ونتيجة للأعمال التحضيرية المكثفة، تم إغلاق الأجواء فوق العديد من المدن الرئيسية في خط الجبهة من ضربات الطائرات بدون طيار، وصواريخ M142 HIMARS (في حدود قدرات القوة النارية)، وصواريخ توشكا-يو، وMGM-140 ATACMS، وصواريخ Grom-2 SIRBM، وصواريخ S-200 SAM في النوع الهجومي. وبطبيعة الحال، تم إنجاز الكثير في نطاق ما كان ممكنًا، حيث كان هناك عدد قليل نسبيًّا من قوات ووسائل الدفاع الجوي على الحدود الغربية للدولة وقت بدء العملية العسكرية. وبفضل عمليات إعادة التجميع من داخل البلاد؛ تم تعزيز التكوين القتالي والعددي لمجموعات قوات ووسائل الدفاع الجوي إلى حد كبير، غير أنه حتى في هذه المرحلة لا يمكن اعتبارها كافية.
ما الذي يجب تغييره؟
لقد تم بالفعل اتخاذ قرار زيادة إنتاج صواريخ سام/سام وأسلحة الرادار في مؤسسات المجمع الصناعي العسكري الروسي وتشكيل عشرات الأفواج الجديدة من الصواريخ المضادة للطائرات والأسلحة الرادارية، ولكن لا يمكن تنفيذ هذا القرار بين عشية وضحاها. كما يلزم اتخاذ إجراءات تنظيمية وموظفين لتحسين فعالية الدفاع الجوي. فعلى سبيل المثال، توجد حالياً هيئات إدارية مثل مراكز القيادة المشتركة للطيران والدفاع الجوي. وفي مثل هذه الهياكل، لا تساعد فروع القوات المسلحة بعضها البعض بل تعيق بعضها البعض.
لذلك، من الضروري، في المرحلة الأولى، بناء قواعد تحكم صارمة ومنفصلة لكل من الدفاع الجوي والطيران العملياتي التكتيكي. ولكن من الضروري أيضا الذهاب إلى أبعد من ذلك في هذا الشأن، حيث كتبت الصحيفة في وقت سابق، أنه في المرحلة الثانية من المستحسن تقسيم القوات الجوية الحالية وجيوش الدفاع الجوي داخل القوات الجوية والفضائية، أي إعادة إنشاء جيوش جوية وإحياء على أساس جديد ليس جيوش دفاع جوي منفصلة، بل جيوش دفاع جوي وفضائي. وعدم الخلط، كما كان يحدث من قبل، بين المهام الهجومية والدفاعية.
وقالت الصحيفة إنه من المهم المضي قدمًا خطوة بخطوة وإعادة إنشاء جيشين جويين على الأقل على الحدود الغربية للدولة. بالنسبة للدفاع الجوي للقوات؛ فينبغي دمجه بعمق في نظام التحكم الآلي الموحد، الذي تم إنشاؤه بالفعل والذي يعمل تحت رعاية قيادة الدفاع الجوي. في الحقيقة فإن التطبيق القتالي للدفاع الجوي العسكري في إطار عملية عسكرية قد شهد تغييرات كبيرة. وفقاً للآراء السابقة، كان الهدف الأساسي من إنشاء ألوية الصواريخ المضادة للطائرات التابعة لقوات الدفاع الجوي للجيش هو تغطية مراكز قيادة الجيش/الجبهة ومناطق تمركز الصواريخ.
ولهذه الأسباب، لا تُستخدم ألوية ووحدات الصواريخ المضادة للطائرات التابعة لقوات الدفاع الجوي العسكرية كجزء من تشكيلات، بل تستخدم بطريقة متفرقة، وأحياناً مع واحد أو اثنين فقط من صواريخ سام ووحدات قاذفات الصواريخ. ويجدر التذكير بأن قوات الدفاع الجوي الذاتي الدفع ووحدات الرمي ذاتية الدفع يمكنها إطلاق النار بشكل مستقل على العدو الجوي، مما يجعلها تختلف بشكل كبير عن فرق الصواريخ المضادة للطائرات من طراز S-300/400.
وبما أن المعدات المتاحة لقوات الدفاع الجوي التابعة للجيش غير مغطاة بدائرة تحكم واحدة وغير مدمجة في نظام تحكم واحد، فإن تحديد الأهداف وتوزيعها بشكل مركزي غير وارد. ولهذه الأسباب، فإن حسابات وحدات الدفاع الجوي التابعة للقوات لا تملك أحياناً معرفة كاملة بالوضع الجوي.
وتابعت الصحيفة: "ستتم عملية دمج قوات ووسائل الدفاع الجوي بالقوات في نظام تحكم موحد وتراتبي صارم في أقرب وقت ممكن، على فكرة، فقد تم بالفعل دمج قيادة هذا الفرع من القوات المسلحة في قيادة الدفاع الجوي المضاد للقذائف. ويجير الحديث على أنه لا يوجد تحسين لألوية الصواريخ المضادة للطائرات والوحدات الأخرى التابعة لقوات الدفاع الجوي العسكرية. ففي النهاية، لكل فرع من فروع القوات المسلحة غرضه الخاص به".
وخلاصة القول: بعد مرور عامين على بدء العملية العسكرية أثبتت قوات ووسائل الدفاع الجوي جاهزيتها التامة للعمل على الوجه المطلوب، وأن معدات الصواريخ المضادة للطائرات تلبي تماماً المتطلبات التكتيكية والتقنية المنصوص عليها، والتدريب المهني للأفراد في أفضل حالاته، بحسب "غازيتا".
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)