يشدد
الاحتلال الإسرائيلي من إجراءاته التعسفية وحملات الدهم والاعتقالات في
الضفة الغربية المحتلة منذ بدء العدوان على قطاع
غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في إطار حربه الشاملة على الشعب
الفلسطيني في كافة الأراضي الفلسطينية.
ويقول الفلسطيني بدر التميمي (46 عاما)، الذي يعيش وسط البلدة القديمة من مدينة
الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، إن حياته تحولت إلى "كابوس" بفعل إجراءات تعسفية إسرائيلية تضاعفت منذ أن بدأ الاحتلال شن حربه المدمرة على قطاع غزة.
ويضيف في حديثه لوكالة الأناضول، أن الاحتلال يرتكب جرائم منظمة بحق السكان.. مظاهر عسكرية مشددة في البلدة القديمة، حواجز لم يسبق لها مثيل.. إجراءات أوجدت بيئة طاردة للسكان.. اعتداءات على المارة والمحال التجارية".
ويوجد في مدينة الخليل، الخاضعة لسيطرة الاحتلال وتسكنها مجموعات من المستوطنين المسلحين، ما يزيد على الـ100 حاجز عسكري في كيلومتر مربع واحد، وفق إعلام فلسطيني.
ويلفت التميمي، إلى أن "الإجراءات الإسرائيلية حولت حياة السكان في الخليل القديمة إلى كابوس.. من منع للتجوال يمنع المحال التجارية من فتح أبوابها، وإغلاقات وحواجز عسكرية وانتشار كبير للجيش والمستوطنين المسلحين"، موضحا أنه "يمكن في أي لحظة أن تتعرض للقتل أو الاعتقال في أحسن حال".
ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، فقد صعّد المستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية المحتلة، وصعّد جيش الاحتلال عملياته ما خلف 410 شهداء ونحو 4 آلاف و600 جريح، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
واعتقلت قوات الاحتلال 7 آلاف و270 فلسطينيا، وفقا لمؤسسات معنية بالأسرى، وهي أرقام قياسية خلال نحو 5 أشهر، مقارنة بالأعوام السابقة، بحسب وكالة الأناضول.
ويسكن في البلدة القديمة بالخليل نحو 400 ألف مستوطن في 4 بؤر استيطانية تحت حماية 1500 جندي إسرائيلي، وهجر نحو ألف فلسطيني البلدة جراء تعرضهم لممارسات تضييق وإذلال واعتداءات يومية من المستوطنين والجيش. كما أنها أُغلقت أسواق كاملة وشوارع رئيسية حيوية، بحسب مسؤولين فلسطينيين وسكان محليين.
ويوجد في البلدة القديمة الحرم الإبراهيمي، الذي يُعتقد أنه بُني على ضريح النبي إبراهيم عليه السلام. ومنذ عام 1994، يُقسم المسجد إلى قسمين، أحدهما خاص بالمسلمين والآخر باليهود، إثر قيام مستوطن بقتل 29 فلسطينيا أثناء تأديتهم صلاة الفجر في 25 فبراير/ شباط من العام ذاته.
قيود تعسفية
وبحسب الفلسطيني ساري أبو اسنينة، فإن سكان البلدة القديمة يعانون من تزايد عدد دوريات جيش الاحتلال، وتفتيش واحتجاز شباب، وحظر دخول البلدة على غير سكانها.
وأضاف أبو اسنينة لـ"الأناضول"، أن "الإجراءات الإسرائيلية، وبينها الإغلاق والحواجز العسكرية، جعلت البلدة القديمة بما فيها المسجد الإبراهيمي شبه خالية من الزوار".
وفي جوار منزل أبو سنينة توجد متاجر قال إن "منها ما هو مغلق بسبب الإجراءات الإسرائيلية، وأخرى بسبب قلة الزوار والسياح.. الحياة هنا في الخليل توقفت، إسرائيل تريد دفع السكان للهجرة".
"العيش أصبح جحيما"
رئيس لجنة إعمار الخليل (منظمة فلسطينية غير حكومية مقرها في البلدة القديمة)،عماد حمدان، قال إن دولة الاحتلال حولت حياة الفلسطينيين في البلدة القديمة بالخليل إلى "جحيم".
وأضاف أن "الوضع كارثي منذ ما قبل 7 أكتوبر، واليوم بات أكثر صعوبة، حيث تفرض إسرائيل منعا للتجوال على ثلثي أحياء المدينة، ما يعني توقف حياة الناس، الطلاب لا يصلون إلى مدارسهم، ومدارس مغلقة، مرضى لا يمكنهم الوصول إلى العيادات".
وشدد على أن "كل شيء تعطل.. 85 بالمئة من المتاجر مغلقة، هذا يعني دمارا اقتصاديا"، بحسب "الأناضول".
حمدان قال إن قوات الاحتلال تمنع اللجنة منذ 7 أكتوبر الماضي من ترميم وإعادة تأهيل منازل في البلدة القديمة، رغم أنها مدرجة على لائحة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونيسكو".
وشدد على أن "حياة الناس رعب بفعل اعتداءات المستوطنين المسلحين، الذي يحتمون بسلاحهم وبجنود الجيش الذين يدعمونهم في الاعتداءات".
واستولى مستوطنون على بيوت ومحال تجارية في البلدة القديمة بالخليل منذ احتلالها عام 1967.
وصنفت البلدة القديمة في اتفاقية أوسلو لعام 1993 بين منظمة التحرير و"إسرائيل" على أنها منطقة "ج"، أي تخضع للسيطرة الإسرائيلية بشكل كامل.