أطلقت منظمة بريطانية، حملة ضد
قمع المجتمع المدني والحريات في
باكستان، وقدمت عريضة رسمية لدى الأمم المتحدة،
قبل أيام من
الانتخابات البرلمانية المقررة في باكستان؛ للتحقيق في الاتهامات حول الاعتقال
والاضطهاد السياسي لرئيس الوزراء السابق
عمران خان.
وتدعو العريضة التي قدمتها
منظمة "مواطنون ضد تعذيب الدولة"؛ المقرر الخاص للأمم المتحدة لترويج وحماية
حرية الرأي والتعبير لإطلاق تحقيق عاجل في "القمع الواسع والمنهجي للحريات
السياسية في باكستان".
والسبت الماضي أصدر القضاء
الباكستاني حكما على خان وزوجته بشرى خان "بيبي" بالسجن لسبع سنوات، مع
الغرامة، وذلك بتهمة أن زواجهما في 2018 ينتهك القانون. وهذا هو ثالث حكم ضد خان
في غضون نحو أسبوع، ويأتي قبل الانتخابات الوطنية المقررة يوم الخميس المقبل ويُحظر
عليه خوضها.
وحُكم على خان (71 عاما) في
الأيام القليلة الماضية بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة تسريب أسرار الدولة، و14 عاما
مع زوجته بتهمة بيع هدايا الدولة بشكل غير قانوني.
وفي آب/ أغسطس الماضي، حكمت
محكمة أخرى على خان بالسجن ثلاث سنوات، لبيعه هدايا تزيد قيمتها على الـ140 مليون
روبية (501 ألف دولار)، كان قد تلقاها خلال فترة رئاسته للوزراء بين 2018 و2022. وعُلّق
الحكم في وقت لاحق، لكن خان لا يزال مسجونا في ما يتعلق بقضايا أخرى.
وكان عمران خان يسعى للترشح
للانتخابات، بعد إطلاق المحكمة سراحه خلال الأشهر الماضية، لكن القضاء رفض ترشحه مع
معظم أنصاره في حزب الإنصاف.
وينفي خان الاتهامات الموجهة
ضده والتي بلغت حتى الآن أكثر من 180 تهمة، ويقول إنها ذات طبيعة سياسية وتهدف لحرمانه
من المشاركة في الانتخابات.
وقالت "CATS" التي أسسها
ويترأسها عثمان خان، وهو ابن عم رئيس الوزراء السابق، إن هذه الأحكام تأتي "بعد
أشهر من عدم الاستقرار السياسي والمزاعم عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي
وقمع الحريات السياسية" في باكستان.
وقالت المنظمة إن المنظمات
غير الحكومية أثارت قضية معاملة خان وانتهاك الحقوق الفردية، بما في ذلك منع وسائل
الإعلام في باكستان من تناول قضيته، كما تم اعتقال الآلاف من أنصاره ومحاكمتهم بموجب
القوانين العسكرية.
من جهته، قال عثمان خان في
مؤتمر صحفي في لندن إن "وضع الحرية السياسية في باكستان سيئ للغاية. أي إجراء
يتم اتخاذه في باكستان يمكن أن تترتب عليه عواقب على الذين يرفعون أصواتهم، ولهذا
السبب فإننا نتخذ خطوات عاجلة من المملكة المتحدة لدعم الباكستانيين الذين لا
يمكنهم الدفاع عن حقوقهم".
وقال المحامي الطيب علي، الذي
يمثل "CATS":
"عالميا، إننا ندخل وقتا خطيرا، فقد أصبح حكم القانون والحريات السياسية
ضحايا للأنظمة التي تستهدف ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي دون محاسبة".
وقال إن "باكستان تبقى إقليميا
وسياسيا دولة مهمة، ومن المهم أن يتبع القادة السياسيون إرادة شعبهم وليس البعض من
ذوي المصالح الشريرة".
وحذر علي من أن الاتهامات الموجهة
لخان لا يمكن أن تقود إلى "عملية ديمقراطية حرة، هي فقط يمكن أن تقود إلى عدم
استقرار سياسي داخلي، وهو ما قد يصبح تهديدا للسلام الإقليمي"، مضيفا:
"من المهم أن يتخذ الجيش والمؤسسة السياسية خطوات عاجلة للتأكد من أن إرادة
الشعب يجري اتباعها عبر ضمان انتخابات حرة وعادلة".
وتحدث علي عن قمع الشخصيات
السياسية و"الانتهاك الممنهج للقانون في باكستان"، كما أشار إلى انتهاكات
المخابرات والجيش لحقوق الإنسان وتدخلاتهما في السياسة.
وأوضح أنه رغم أن الدستور
الباكستاني يضمن حرية التعبير لكنه يعطي الجيش مبررات للتدخل، إلى جانب التدخلات
في القضاء لإسكات المعارضة ومحاولات عرقلة ومنع شخصية سياسية كبيرة مثل خان من الترشح.
وقال علي إنه يبدو أن
الولايات المتحدة تقف وراء الإطاحة بعمران خان، مشيرا إلى تحول في الدول الغربية نحو
دعم الدولة البوليسية والابتعاد عن حكم القانون، لكن هناك ضغوط شعبية وتحركات
للمنظمات غير الحكومية لحماية حكم القانون، رغم صعوبة الحصول على أدلة من داخل
باكستان بسبب القمع على الأفراد والحظر على وسائل الإعلام.
وأشار علي إلى القصف الإيراني
للأراضي الباكستانية والرد الباكستاني، وهو ما اعتبره مؤشرا على مخاطر عدم الاستقرار
في الإقليم في غياب
الديمقراطية وحذر من تصرفات الحكومة الباكستانية قبل
الانتخابات.
وفي ذات السياق، تحدث عثمان
خان عن دور أمريكي في الإطاحة بعمران خان، مشيرا إلى وثيقة مسربة حول اجتماع
للسفير الباكستاني مع مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية في آذار/ مارس؛ تحدث
فيها الأمريكيون عن عدم رضاهم عن مواقف باكستان خصوصا الحياد تجاه حرب أوكرانيا،
وألمحوا إلى رغبة واشنطن بالإطاحة برئيس الوزراء السابق، مع وعد بعلاقات أفضل في
حال تم عزل خان، مع التلويح بالعزلة على الحكومة الباكستانية إذا لم يتحقق ذلك.
ورأى أن "شخصيته
المعروفة وشعبيته جعلته محل استهداف من قبل الولايات المتحدة" بناء على مبدأ
"معنا أو ضدنا".
وأشار إلى الصمت الأمريكي
تجاه الأحكام ضد خان، واتهم واشنطن بالمساهمة بـ"زعزعة الاستقرار في باكستان"،
محذرا من خروج الأوضاع عن السيطرة في ظل "الفساد والمافيا".
وكشف عثمان عن تعرض شقيقة
رئيس الوزراء السابق للمضايقات من جانب السلطات الباكستانية، مشيرا إلى مذكرات
للتحقيق معها بتهمة الترويج للإرهاب بسبب تصريحاتها عن وضع شقيقها في السجن.
وتحدثت المحامية البريطانية روزا
بولازشيك عن فرض قيود متزايدة على الإعلام في باكستان، الأمر الذي يمنع نشر تقارير
عن وضع خان في الإعلام الباكستاني.
وقالت إن حرية التعبير وحرية
الانخراط في العمل السياسي وحرية التجمع؛ ضرورية لإجراء انتخابات حرة.
وشددت على ضرورة حماية
الصحفيين في باكستان، وقالت إن القيود على حرية عمران خان وحزب الإنصاف؛ لن تقتصر
عواقبها على خان وحده، بل تصل إلى المحطات التلفزيونية التي تنقل تصريحاته، فيما
تجري محاكمات مغلقة لخان دون السماح للإعلام بحضورها.
كما يجري التدخل في انتخابات
الاتحادات العمالية والمهنية، واستهداف منتقدي الجيش على وسائل التواصل الاجتماعي،
إلى جانب إغلاق الإنترنت في البلاد لمنع نقل المعلومات.