اقتصاد عربي

ارتفاعات غير مسبوقة بأسعار اللحوم الحمراء في مصر.. ما علاقة الدولار؟

ارتفاعات كبرى في أسعار اللحوم بمصر في ظل انخفاض أعداد الماشية وأزمة الدولار- الأناضول
سجلت أسعار اللحوم الحمراء مستويات قياسية جديدة، خلال الشهر الجاري، بعدما بلغ سعر الكيلو 400 جنيه في العديد من المناطق، مرتفعًا بنسبة تتجاوز 100% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، (الدولار يعادل 30.1 جنيها رسميا و73 جنيها في السوق السوداء).

ويأتي ارتفاع أسعار اللحوم بسبب التراجع الكبير في أعداد رؤوس الماشية خلال العقد الماضي، وفق ما كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

وأظهرت البيانات أن عدد رؤوس الماشية (أبقار - جاموس - أغنام - ماعز – جمال) تراجعت تراجعا كبيرا خلال السنوات الماضية وبلغت أعداد الماشية خلال عام 2022 (8.3 ملايين رأس)، في حين كانت الأعداد في عام 2014 (18.6 مليونا).

وإزاء التراجع الكبير في رؤوس الماشية لجأت الحكومة المصرية إلى سد العجز عبر الاستيراد من الخارج في ظل الارتفاع القياسي لسعر صرف الدولار أمام الجنيه، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف اللازمة لإطعام الماشية، والتي يتم استيراد معظم مكوناتها من الخارج بالعملة الصعبة.

ارتفاع تكلفة الاستيراد 
من جانبه أرجع نقيب عام الفلاحين المصريين حسين أبوصدام، سبب ارتفاع أسعار إلى قلة المعروض بالنسبة إلى زيادة الطلب.

وأضاف حسين أبوصدام في مداخلة تليفزيونية أن من أسباب ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء هو قلة عدد الرؤوس الحيوانية في مصر والتي تقدر بنحو 8 ملايين رأس تقريبا بالنسبة لعدد السكان في مصر والذي يزيد عن 105 ملايين نسمة وزيادة استهلاك اللحوم ووصول نسبة العجز بين الإنتاج والاستهلاك من اللحوم الحمراء إلى 40% بالإضافة إلى ارتفاع اللحوم البديلة من أسماك وطيور مع زيادة أسعار البقوليات البديل النباتي للبروتينات. 



وأشار إلى أن انخفاض الثروة الحيوانية في مصر يعود لعدم وجود مراع طبيعية واعتماد التغذية على الأعلاف المزروعة أو المصنعة عالية التكاليف.

ولفت إلى أن أزمة الدولار وتدني سعر الجنيه فاقم أزمة نقص مستلزمات الأعلاف، لارتفاع تكلفة الاستيراد.

الدولار السبب
باءت كل محاولات مصر في استدرار النقد الأجنبي لمعالجة أزمة نقص العملة التي تعصف بالاقتصاد المصري بالفشل، وذهبت كل وعود المسؤولين المصريين بمعالجة الأزمة والسيطرة عليها من أجل استعادة الهدوء والاستقرار للأسواق سدى.

فقبل 9 شهور وتحديدا مطلع نيسان/ أبريل الماضي، وعد رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، بحل أزمة نقص العملة الأجنبية وأن تصبح من التاريخ، وقال: "افتكروا كويس، قريب هييجي يوم وأزمة الدولار هتبقى تاريخ".

منذ ذلك الحين قفز سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بأكثر من الضعف في السوق السوداء، وهي الجهة الوحيدة التي تتيح الدولار، وتجاوز الـ73 جنيها للدولار الواحد، مقابل السعر الرسمي الثابت عند 30.9 جنيها للدولار، أي بفارق نحو 136 بالمئة بين السعرين الرسمي والموازي.

يبدو أن أزمة حل الدولار مستعصية إلى درجة دفعت السيسي إلى أن يتمنى حلها للقضاء على كل المشاكل الاقتصادية، وقال قبل أيام خلال لقائه مع عدد من الإعلاميين على هامش الاحتفال بعيد الشرطة "لو حليت أزمة الدولار فيكي يا مصر ولا يهمني أي حاجة تاني".

السيسي الذي استطاع أن يفرض سيطرته وقراراته على البلاد طوال عشر سنوات ويقبض عليها بقبضة من حديد يقف الآن عاجزا عن معالجة أزمة انهيار الجنيه وأصبحت قيمته التي كانت تضاهي العملات الأجنبية من التاريخ، فهل يتحدث السيسي بما لا يعلم؟ وهل خدع السيسي المصريين بإمكانية حل الأزمة أم خرج الدولار عن السيطرة؟