باتت مظاهر
التجويع وعلاماته واضحة
على أجساد الفلسطينيين في قطاع
غزة، خلال التزاحم أمام تكية خيرية في مخيم جباليا
شمال القطاع، من أجل الحصول على وجبة طعام ساخنة مما توفر من طعام يمكن طبخه في ظل
انعدام كل شيء.
ويحمل النازحون أمام التكية، في طابور
ما توفر لهم من أوان، بلاستيكية أو معدنية، لتعبئة كمية قليلة مما توفر من الأزر،
لإطعام أطفالهم بالدرجة الأولى.
وخلال الأيام الماضية قلصت التكية
عملها نتيجة شح المواد الغذائية وتبعها دقيق القمح الذي خلت منه الأسواق ليتجه
الفلسطينيون إلى طحن حبوب الذرة والشعير المخصصة لصناعة أعلاف الحيوانات.
وكانت التكية تقدم كميات من الأرز أو
العدس تكفي لآلاف الأشخاص يومياً لكنها باتت تعد وجبات تكفي لعشرات الأشخاص فقط،
ما يفاقم كارثة الجوع في شمال القطاع.
وكان التعب والإرهاق يبدوان على
النازحة سوسن النجار، وهي تحاول الحصول على الطعام من التكية لأطفالها الجوعى.
وتقول النجار: "لا يتوفر لدينا
دقيق أو طعام ونلجأ إلى طحن العلف لعجنه وخبزه، وإطعام أطفالنا. لم تعد هذه الحياة
سهلة".
وتكمل حديثها بالإشارة إلى أوضاع سكان
شمال القطاع: "كنا نأكل الأرز، وبقينا على ذلك فترة طويلة، والآن سعر الأرز
ارتفع 5 أضعاف ولم نعد قادرين على شرائه، ودقيق القمح مفقود ودقيق الذرة والشعير
مرتفع الثمن بشكل كبير وطعمه سيئ".
وتضيف والدمع في عينها: "لم أجد
شيئا لأطعم أطفالي، وأصبحوا ينامون جوعى، ومن ثم لجأنا إلى التكية للحصول على أي
وجبات تسد جوعهم".
وتشير إلى أن التكية لم تعد تقدم
وجبات كافية يومياً كما كانت سابقا وقد تغلق أبوابها في أي وقت.
ويكلف شراء كيلوغرامين من الدقيق في
حال توفره نحو 16 دولارا، وهو ما لا تستطيع النجار توفيره في ظل استمرار العدوان
وعدم توفر أي دخل للعائلة التي استشهد معيلها في غارة إسرائيلية استهدفت منزلهم في
بداية الحرب.
ويحاول النازح إلى مخيم جباليا وسام
أبو عودة وهو من سكان بيت حانون شمال قطاع غزة، الحصول على وجبة طعام من التكية
المقامة في أحد مدارس المخيم.
وبدت مظاهر الإعياء واضحة على ملامح
وجه أبو عودة المصاب بمرض السرطان، أثناء وقوفه بين جموع النازحين في مخيم جباليا.
وقال: "نحن نتواجد في مدارس وكالة
أونروا في مخيم جباليا، النازحون منهكون جدا من الجوع، فقد مضت 3 أشهر ولا يوجد
طعام أو مياه أو كهرباء أو اتصالات أو أي من مقومات الحياة الأساسية".
وبينما كان يتحدث عن ظروف الحصار
الخانق على شمال القطاع وتأثيراته على الواقع الإنساني، أشار إلى أن طفله البالغ
من العمر عامين ونصف عام يرقد على سرير المرض في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا
من قلة التغذية ونقص الطعام.
وأضاف: "لا يوجد أي مقومات
للحياة شمال قطاع غزة في ظل استمرار هذه الحرب المدمرة، والنازحون يعانون من أوضاع
إنسانية صعبة بسبب قلة الطعام والشراب".
وتابع حديثه: "لم تصلنا أي
مساعدات إغاثية منذ الهدنة الإنسانية الماضية بفعل الحصار الذي يفرضه جيش
الاحتلال الإسرائيلي على غزة والشمال".
ويستهجن المريض أبو عودة عدم توفر
العلاجات اللازمة في مستشفيات غزة والشمال، جراء قطع دولة الاحتلال للإمدادات الطبية
ومنع وصول الأدوية والمعدات اللازمة واستهداف المشافي بشكل متعمد.
ويطالب النازح الفلسطيني، العالم بفك
الحصار الظالم على غزة والشمال والضغط على دولة الاحتلال لوقف العدوان الغاشم وإغاثة
السكان والنازحين بشكل عاجل.
ويسجل الصحفي حسام شبات شهادته بشأن
المجاعة الضاربة في شمال قطاع غزة، في مدونته الشخصية.
ويقول شبات: "الوضع الكارثي لا يوصف هنا، صحيح أنني أصوّر الأحداث، ولكن ألم الجوع الذي يلم بالأطفال، وقرقرة
البطن وشكواه من الجوع لا يمكن لأي كاميرا التقاطها" بحسب وكالة الأناضول.
ويضيف: "تراجع تصعيد الجيش
وعدوانه وخفت حدّته على شمال قطاع غزة ولكنه لم ينتهِ بالكامل فالقصف مستمر،
والمعاناة تتجدد بعد القصف، والجانب الأبرز لها الجوع الذي يعم المنطقة".
ويتابع: "بتنا لا نجد رغيفا أو
طحينا للمواطنين، والماء غير موجود، الطواقم الطبية قتلت واعتقلت أو نزحت، وتوقفت
الخدمات الطبية تقريبا".