دعا
خبير أمريكي واشنطن للاستفادة من نفوذ
تركيا الإقليمي والعالمي الذي تشكل وفق
سياسة الرئيس رجب طيب
أردوغان.
وقال
سونر غايتاي، مدير "برنامج الأبحاث التركية" في "معهد واشنطن"،
إن تحوّل أردوغان الواضح إلى نمط بناء الإرث سيمنح واشنطن فرصاً للاستفادة من نفوذه
في الخارج.
وبحسب
غايتاي فإن أردوغان بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية لم يعد يواجه أي تحديات
داخلية كبيرة، وبالتالي تدخل مسيرته المهنية في مرحلة بناء الإرث.
ويضيف
في تقريره لـ"معهد واشنطن" أنه "بعد أن أحدث ثورة في سياسة البلاد وأعاد
تشكيل هويتها الجيوسياسية، أصبح يريد الآن أن يترك وراءه إرثاً إيجابياً لتركيا كدولة
تتمتع بمكانة دولية جيدة، وله كرجل دولة وليس سياسياً استقطابياً".
دعوة
غايتاي تأتي بعد مصادقة تركيا على انضمام السويد لحلف الناتو، الأسبوع الماضي.
"شهدت
تركيا ما يعادل حدوث ثورة سياسية في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي قام ببناء
"تركيا جديدة" قائمة على قيادته القوية والسعي الشعبي العلني إلى تمتع البلاد
بمكانة القوة العظمى الإقليمية" بحسب غايتاي.
وأضاف:
"كان هذا التحول واضحاً في مجال السياسة الخارجية أيضاً، ففي حين أن المؤسس الحديث
للبلاد مصطفى كمال أتاتورك وأتباعه في القرن العشرين روّجوا للتمتع بهوية أوروبية حصرية
تتطلع إلى الداخل، سعى أردوغان إلى الاضطلاع بدور أكثر تطلعا إلى الخارج، عبر اعتناق
الهويات المتعددة لتركيا كالهوية الأوروبية والشرق أوسطية والأوراسية وغيرها من الهويات.
ومن الناحية العملية، يعني ذلك الترويج لتركيا كقوة قائمة بذاتها تعطي علناً الأولوية
لمصالحها الخاصة على تحالفاتها الرسمية وغير الرسمية".
وعليه
"تتعامل أنقرة الآن بحرّية مع واشنطن وحلف "الناتو" وروسيا وأوروبا
وإيران وممالك الخليج وغيرها من الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية، دون أن تشعر أنها
مضطرة إلى اختيار شريك مفضل. ورغم أن تركيا كان لها ارتباط عاطفي عميق بأوروبا في القرن
العشرين، إلّا أنها أصبحت في عهد أردوغان أكثر حباً لنفسها".
وبرغم
اعتقاده أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن ستتحسن، بعد المصادقة على انضمام السويد
لحلف "الناتو"، إلا أن ذلك لا يعني أن العلاقة بين الولايات المتحدة
وتركيا ستعود إلى وضعها الأمثل، ولا يعني أن أنقرة ستعود إلى كنف الولايات المتحدة.
ويقترح
غايتاي أن أفضل طريقة يمكن أن يتبعها المسؤولون الأمريكيون للتعامل مع تركيا الجديدة
هي الاعتراف بأنها لن تتخلى عن الغرب، لكنها لن تنضم إلى محوره في الوقت نفسه. وعلى
العكس من ذلك، فإن تركيا في عهد أردوغان هي دولة متعددة الانحيازات تتخذ الموقف المريح
لها حول أي قضية جيوسياسية، سواء كانت الحرب في أوكرانيا، أو الصراع في جنوب القوقاز،
أو عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
ومن
وجهة نظر غايتاي فإن ذلك يسمح لأنقرة بالبقاء تحت الأضواء والاحتراز من أي جهة فاعلة
تقريباً، حتى عندما تظل جزءاً من حلف "الناتو". ففي أوكرانيا، على سبيل المثال،
دعمت تركيا كييف عسكرياً خلال الحرب، بينما حافظت على العلاقات الاقتصادية مع روسيا.
ويقدّم
التحوّل الواضح الذي أحدثه أردوغان فرصةً للبيت الأبيض للتعامل مع تركيا الجديدة التي
أنشأها، والاستفادة من نفوذه الإقليمي والعالمي في عصر اليوم الذي يتسم بتزايد المنافسة
بين القوى العظمى. وفي كلتا الحالتين، يتعيّن على واشنطن أن تتقبّل حقيقة أن تركيا
القديمة لن تعود إلى ما كانت عليه.