نشرت صحيفة "لكسبرس" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن أزمة تعطل السفينة العملاقة "إيفر غيفن" في
قناة بنما، وكيف يمكن أن تؤثر هذه الأزمة على حركة
التجارة العالمية.
وقالت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"؛ إن هذا تهديد لم يتوقعه فرديناند ديليسبس، ففي عام 1882، بدأ رجل الأعمال الفرنسي العمل في قناة بنما، بعد عقد من افتتاح
قناة السويس. وبعد أن هجرها الفرنسيون، أكمل الأمريكيون العمل وافتتحوا القناة في سنة 1914. وبعد قرن من الزمان؛ تواجه القناة مشكلة لم يسبق لها مثيل في تاريخها الطويل والحافل بالأحداث، وهي نقص المياه.
وذكرت الصحيفة أن بنما، إحدى الدول الخمس الأكثر رطوبة على هذا الكوكب، تواجه إحدى أسوأ حالات الجفاف في تاريخها. يقول ستيف باتون، مدير برنامج المراقبة في معهد سميثسونيان للأبحاث الاستوائية، الذي يقع مقره في بحيرة جاتون، أحد الخزانين اللذين يزودان القناة بالمياه العذبة: "كانت سنة 2023 هي السنة الأكثر جفافا أو ثاني أكثر السنوات جفافا منذ أن قمنا بجمع البيانات".
يسجل الممر الذي يربط بين المحيطين عجزا في هطول الأمطار يبلغ حوالي 30 بالمائة مقارنة بالمعدل الطبيعي. وفي كل مرة تمر فيها سفينة عبر الأهوسة، يذهب 200 مليون لتر من المياه العذبة إلى المحيط. ولذلك اتخذت هيئة قناة بنما قرارا تاريخيّا؛ هو تقليل عدد عمليات العبور. ويوضح أياكس موريللو، رئيس مكتب الأرصاد الجوية في هيئة قناة بنما، قائلا: "لا يوجد حل آخر؛ لأن الأولوية هي تلبية احتياجات السكان من المياه".
وتمثل القناة، التي تربط 180 طريقا ملاحيّا بين 1920 ميناء في 170 دولة، 6 بالمائة من التجارة العالمية. وتجدر الإشارة إلى أن تأثير تباطؤ النشاط لا يخلو من العواقب. تتزايد قوائم الانتظار عند مدخل القناة (تجاوزت 160 سفينة شحن الصيف الماضي) مع أسعار الرسوم. واعتمادا على قيمة حمولاتها، تسلك السفن التجارية طرقا بديلة. ويوضح المستشار خورخي كويجانو، المدير السابق للقناة: "تدور بعض سفن الحاويات حول أمريكا الجنوبية عبر كيب هورن، ويسلك البعض الآخر، القادم من آسيا، قناة السويس للوصول إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة".
"إذا لم نتكيف سنختفي"
وأشارت الصحيفة إلى أن قناة السويس، التي تمثل حوالي 12 بالمائة من التجارة العالمية، تواجه مشكلة، ويرجع ذلك إلى المتمردين
الحوثيين في اليمن الذين يهاجمون السفن التجارية في البحر الأحمر. وعلى خلفية ذلك، أوقفت شركة الشحن الدنماركية العملاقة ميرسك، مرورها عبر قناة السويس، وتقوم سفنها الآن بالالتفاف حول رأس الرجاء الصالح. ويعد تأثير هذه الأحداث على سلاسل التوريد حاسما؛ ففي كانون الأول/ ديسمبر، حذرت شركة إيكيا من مخاطر تأخير التسليم، أوقفت شركة تسلا النشاط في مصنع الإنتاج التابع لها في ألمانيا لمدة أسبوعين بسبب نقص الأجزاء.
وحسب الاقتصادي البنمي فيليبي تشابمان، الذي يرى أن الوضع لا يزال قابلا للسيطرة: "يجب إضافة قيود أخرى إلى هذه التعقيدات حتى يكون لها تأثير كبير على الاقتصاد العالمي". في بنما، بدأ موسم الجفاف للتو وسيستمر حتى شهر أيار/مايو، واحتمالات تحسن الوضع منخفضة. ويتوقع ستيف باتون أن "بحيرة جاتون ستصل على الأرجح إلى مستوى منخفض تاريخي". من جانبه؛ أكد أياكس موريلو أن "الإجراءات الحاسمة المتخذة منذ تموز/يوليو، ستمكن من الحفاظ على تدفق ما بين 20 إلى 24 قاربا حتى عودة موسم هطول الأمطار".
وأكدت الصحيفة أن هيئة قناة بنما أعربت عن قلقها بشأن جدوى القناة على المدى الطويل. وحذر مدير هيئة قناة بنما ريكورتي فاسكيز موراليس في منتصف آب/أغسطس من "أنه يجب أن نجد حلولا لكي نظل طريقا تجاريّا رئيسيّا. وإذا لم نتكيف، فسوف نختفي". كان القلق أكبر منذ أن أثبتت البيانات الهيدروغرافية لستيف باتون، التي تعود إلى أكثر من 143 عاما، أن "السنوات الثلاث الأكثر جفافا (1997 و2015 و2023) حدثت خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية:
وخلصت الصحيفة إلى القول بأن هيئة القناة تدرس إنشاء خزانات مياه جديدة على مرتفعات بنما، إدراكا منها بالخطر المحدق بها.
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)