كشف تحقيق أجرته شبكة "
سي إن إن" الأمريكية، السبت، عن تدنيس جيش
الاحتلال الإسرائيلي ما لا يقل عن 16 مقبرة في
غزة، بالتزامن مع تواصل حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب
الفلسطيني في القطاع المحاصر.
ولفت التحقيق الذي اعتمد على صور الأقمار الصناعية والمقاطع المصورة، إلى أن عمليات التدنيس التي قام بها جيش الاحتلال في
المقابر الفلسطينية، أدت إلى تدمير شواهد القبور، وقلب التربة، وفي بعض الحالات، تم استخراج الجثث.
وفي وقت سابق، أشار المكتب الإعلامي الحكومي، إلى أن جيش الاحتلال اعتدى على العديد من المقابر في قطاع غزة، ونبش القبور وسرق جثامين العديد من الشهداء.
ووفقا لتحقيق الشبكة الأمريكية، فإن جيش الاحتلال دمر مقبرة في خانيونس جنوب قطاع غزة، وأخرج منها الجثث، تحت مزاعم "البحث عن رفات الرهائن الذين احتجزتهم حماس"، على حد زعمه.
وقالت "سي إن إن"، إن فريقيها "قام بمراجعة صور الأقمار الصناعية ولقطات وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر تدمير المقابر وشاهدتها مباشرة أثناء السفر مع الجيش الإسرائيلي في قافلة. وتكشف الأدلة مجتمعة عن ممارسة منهجية حيث تقدمت القوات البرية الإسرائيلية عبر قطاع غزة".
وشددت على أن التدمير المتعمد للمواقع الدينية، مثل المقابر، ينتهك القانون الدولي، مشيرة إلى أن خبراء قانونين أكدوا أن "أفعال إسرائيل يمكن أن ترقى إلى مستوى جرائم حرب".
ولفتت إلى أن جيش الاحتلال استخدم المقابر في بعض الحالات كمواقع عسكرية، موضحة أن تحليل صور الأقمار الصناعية يكشف أن الجرافات الإسرائيلية حولت مقابر متعددة إلى مناطق تجمع، وقامت بتسوية مساحات كبيرة وإقامة سواتر لتحصين مواقعها.
وقالت إنه "في حي الشجاعية بمدينة غزة، أمكن رؤية مركبات عسكرية إسرائيلية في مكان المقبرة، مع وجود سواتر تحيط بها من كل جانب. وتم تطهير الجزء الأوسط من مقبرة الشجاعية قبل الحرب، بحسب تقارير إعلامية محلية. لكن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن أجزاء أخرى قد تم تجريفها مؤخرا، وأن وجود الجيش الإسرائيلي كان واضحا، اعتبارا من 10 كانون الأول /ديسمبر".
وأضافت أنه "شوهد مشهد مماثل من الدمار في مقبرة بني سهيلا، شرق خانيونس، حيث كشفت صور الأقمار الصناعية عن التجريف المتعمد والتدريجي للمقبرة، وإنشاء تحصينات دفاعية على مدار أسبوعين على الأقل في أواخر ديسمبر/كانون الأول وأوائل يناير/كانون الثاني".
وفي مقبرة الفالوجة في حي جباليا شمال مدينة غزة، ومقبرة التفاح شرق مدينة غزة، ومقبرة في حي الشيخ عجلين بمدينة غزة، شواهد قبور مدمرة وعلامات مداس ثقيلة تشير إلى مرور مركبات مدرعة أو دبابات ثقيلة فوق القبور.
وقالت الشبكة الأمريكية، إن ناقلة جنود إسرائيلية مدرعة كانت تقل فريق "سي إن إن" الأسبوع الماضي مباشرة عبر مقبرة البريج الجديدة في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين في وسط غزة، في طريقها للخروج من القطاع. وشوهدت القبور على جانبي الطريق الترابي الذي جرفته الجرافات حديثا، كما يظهر على شاشة داخل السيارة تظهر بثا مباشرا من الكاميرا الأمامية.
وأكدت شبكة "سي إن إن" موقع المقبرة من خلال تحديد الموقع الجغرافي للقطات التي التقطتها من داخل غزة في ذلك اليوم والتحقق من صور الأقمار الصناعية.
"لم أتمكن من العثور على قبرها"
ولفتت الشبكة الأمريكية إلى استشهاد دينا ابنة منذر الحايك في العدوان على غزة عام 2014. وفي أوائل كانون الثاني /يناير الجاري، زار منذر قبر دينا في مقبرة الشيخ رضوان في مدينة غزة، لكنها لم تكن هناك. حاول العثور على قبر جدته. لم يكن هناك أيضا.
وقال حايك، المتحدث باسم حركة فتح الفلسطينية المعارضة في غزة، لـ"سي إن إن"، إن “قوات الاحتلال قامت بتدميرها وجرفتها بالجرافات”.
وأضاف "المشاهد مروعة. نريد أن يتدخل العالم لحماية المدنيين الفلسطينيين”.
كما علم مصعب أبو ضحى، وهو شاعر فلسطيني من غزة نُشرت أعماله في صحيفتي "نيويورك تايمز" و"نيويوركر"، أن المقبرة التي دفن فيها شقيقه الأصغر وجده تعرضت لأضرار بالغة على يد الجيش الإسرائيلي.
وأخبر أبو ضحى "سي إن إن"، كيف اتصل به شقيقه في 26 ديسمبر/كانون الأول من مقبرة بيت لاهيا، شمال غزة، بحثاً عن أحبائه ولم يتمكن من العثور عليهم.
وقبل أسابيع، كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، عن نبش جيش الاحتلال الإسرائيلي 1100 قبر في مقبرة شرق غزة، وسرق 150 جثمانا منها، مشيرا إلى أن الاحتلال كرر هذه الجريمة بحق جثامين الشهداء أكثر من مرة.
وشدد المكتب الإعلامي على أن جيش الاحتلال كرر هذه الجريمة بحق جثامين الشهداء أكثر من مرة، مبيّنا أن آخرها كان تسليم 80 جثمانا من جثامين شهداء سابقين تم تشويها والعبث بها بعد سرقتها من محافظتي غزة وشمال غزة.
وفي 29 كانون الأول/ ديسمبر 2023، رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضد دولة الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية بشأن انتهاكات الاحتلال بالتزاماته بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
ولفتت الدعوى إلى أن أفعال دولة الاحتلال "تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد المطلوب"، لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من القومية الفلسطينية الأوسع والمجموعة العرقية والإثنية.
ويتكون ملف الدعوى الذي أعدته جنوب أفريقيا من 84 صفحة، ويتضمن تفاصيل بشأن استمرار دولة الاحتلال في قصفها قطاع غزة، الذي خلف عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.