اضطر الفلسطينيون في قطاع
غزة للاعتماد على أنظمة غذائية توصف بأنها
سيئة وأحيانا غير آدمية، من أجل النجاة في ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية لقرابة الثلاثة أشهر.
وعمل الاحتلال على قطع الماء والغذاء والوقود عن قطاع غزة باستثناء
مساعدات ومعلبات غذائية سمح بدخولها بشكل شحيح، بعد أسابيع من بداية الحرب لا تكفي لتلبية
احتياجات مئات آلاف النازحين.
وعزل السكان في جنوب قطاع غزة عن عشرات مخازن الطحين والمواد الغذائية
الموجودة في الأجزاء الشمالية، ثم ازداد الأمر سوءا بعد امتداد العملية البرية إلى محافظة
خانيونس التي تعتبر أكبر المناطق الزراعية وتمد أجزاء كبيرة من القطاع بالخضروات.
ويقول الطبيب إياد (35 عاما) إنه جرى تسجيل ارتفاع كبير جدا في الأمراض
المتعلقة بالجهاز التنفسي نتيجة اعتماد السكان والنازحين على إعداد الطعام باستخدام
الحطب والخشب والأوراق والكرتون، وحتى بعض المواد البلاستيكية التي تعمل على إطالة
اشتعال النار.
ويشرح الطبيب إياد لـ"عربي21" أن الدخان الملوث الناتج عن
احتراق هذه المواد مضر جدا بصحة الجهاز التنفسي، ويعمل على إحداث أزمات تنفسية للأشخاص
المعافين من أصحاب الرئات السليمة من غير المدخنين.
ويضيف: "نتعامل يوميا مع حالات اختناق ودوار شديد لدى المواطنين
بسبب استنشاق الهواء الملوث الناتج عن دخان نيران المواقد، أو حتى بسبب عوادم المركبات
التي باتت تعتمد على احتراق الزيوت المختلفة -بدلا من الوقود المعتاد- ذي التأثير الضار
أيضا في الأماكن المزدحمة".
ويشير إلى أن هذه المؤثرات تضر بصحة المواطنين على البعدين الحالي والمستقبلي، سواء عبر أمراض تنفسية بسيطة، أو أمراض خطيرة مثل السرطان، تزامنا مع اتباع نظام غذائي
مضر يعتمد
المعلبات المكتظة بالمواد الحافظة.
من جهته، يقول الطبيب وسام (40 عاما) إن أكثر الأمور المقلقة مع عدم
توفر الغذاء والماء الصالح للشرب في قطاع غزة هو الاعتماد على المعلبات التي لا تحتوي
فقط على نسب عالية من المواد الحافظة، إنما على نسبة كبيرة من الأملاح المضرة.
وذكر الطبيب وسام لـ"عربي21"، أن علبة الفول الواحدة مثلا
تحتوي على كل احتياجات الفرد اليومية من الصوديوم، وهي نسبة مرتفعة تؤدي إلى رفع ضغط
الدم، مشيرا إلى ضرورة غسل الفول قبل استهلاكه للحد من الأضرار.
وأوضح أن علبة التونا المعلبة تحتوي على نسب عالية من المواد الحافظة
والأملاح ومادة الزئبق الضارة التي تعمل على إحداث تسمم حال تناولها بكميات تزيد على الثلاث علب في الأسبوع.
ويكشف أن التونة المعلبة لا تمت بصلة، بحسب الأبحاث، إلى سمك التونا
صاحب الفوائد العالية، وقال إنه بحسب الأبحاث فإن هناك من 8 أنواع إلى 13 نوعا من التونا، والكيلوغرام
الواحد باهظ الثمن، ومن غير المنطقي أن العلبة سيكون سعرها سبعة شواكل (دولاران).
ويوضح أن أرخص وأسوأ سمكة تونا من حيث التشبع بالزئبق هي "سكيب
جاك" و"كاتسوانوس بيلاميس"، وهي المستخدمة في معظم أنواع المعلبات.
ويقول: "نسمع كثيرا عبر الإنترنت في مختلف المنصات عن الفوائد
الصحية للطعام والنبات الفلاني وغيره، وقد تكون هذه المعلومات صحيحة، إلا أنها متعلقة
بالطعام في هيئته الطبيعية دون تدخل بشري متعلق بالكيماويات والملوثات المختلفة".
وأضاف: "رغم كل ذلك فإن هناك مياها ملوثة عالية في نسبة الأملاح، وهو
ما يضع ضغطا إضافيا على الكلى التي تعمل مع الكبد على تخليص الجسم من هذه السموم".
ويوضح الطبيب وسام: "نحن لا نتكلم عن آثار الصواريخ والمواد المتفجرة
المختلفة وغير المسبوقة التي يستخدمها الاحتلال خلال هذه الحرب، إنما فقط عن الغذاء
المضر وتأثيره على الجسم بعيدا عن الملوثات الأخرى والنظام الصحي المتهالك".