قالت صحيفة "
نيويورك تايمز" إن مواقف الأمريكيين باتت منقسمة وبطريقة واضحة بشأن الحرب في
غزة بين جيل الشباب الذين يريدون وقف الحرب وجيل الكبار الذي يدفع بانتصار إسرائيلي حاسم.
وفي التقرير الذي أعده كل من جوناثان وايزمان وروث إيغيلنك وأليس ماكفادين، وترجمته "عربي21"، أشارت الصحيفة إلى أن المواقف من حرب غزة باتت تترك آثارا سلبية على الرئيس الأمريكي جو
بايدن وبهامش مناورة ضيق لوقف التداعيات.
وجاء في التقرير أن الناخبين وبشكل عام لا يوافقون على طريقة معالجة بايدن للحرب الدموية الإسرائيلية على
الفلسطينيين، وذلك حسب استطلاع أجرته "نيويورك تايمز" و"سيينا كوليج"، ووجد أن الشبان الأمريكيين هم أكثر من الكبار نقدا لطريقة إدارة إسرائيل الحرب في غزة وكذا رد الإدارة الأمريكية عليها.
وقدم الناخبون سلسلة من الرسائل المزعجة عن توجه السياسة الخارجية الأمريكية وما يجب أن تتخذه مع دخول الحرب في غزة شهرها الثالث، حيث تحاول إدارة بايدن الضغط على إسرائيل كي تخفف من مستوى العملية العسكرية. وهناك الكثير من الأمريكيين الذين يريدون مواصلة إسرائيل العملية العسكرية مثل الكثيرين ممن يريدونها أن تتجنب قتل المدنيين.
وعلقت الصحيفة أن الانقسام يترك الرئيس الأمريكي بعدد قليل من الخيارات المستساغة. ويقدم استطلاع نيويورك تايمز/سيينا نذرا ليس لبايدن وهو يدخل العام الانتخابي في 2024 ولكن للعلاقات بين إسرائيل وحليفتها الأمريكية القوية على المدى البعيد.
وقالت إن المواقف المتشرذمة من الحرب بين جماعات الناخبين الديمقراطيين التقليديين تظهر استمرارية في المصاعب التي تواجه بايدن لبناء تحالف كذلك الذي شكله في عام 2020. وهو تحد سيظل مستمرا حتى لو أظهر النمو الاقتصادي إشارات إيجابية، وتزداد المصاعب القانونية حول منافسه المحتمل، دونالد ترامب.
وبالمجمل يقول الناخبون المسجلون إنهم يفضلون ترامب على بايدن في الانتخابات الرئاسية العام المقبل، حيث يتقدم الرئيس السابق بنقطتين على الحالي أي 46% مقابل 44%. وتراجع أداء الرئيس إلى 37% وبخسارة نقطتين عن تموز/يوليو. ولكن الاستطلاع سجل مستوى من الغموض وعدم اليقين إن كان الناخبون المتأثرين سيدلون بأصواتهم. ومن الباكر التكهن إلا أن هذا السباق تغير نقطتين وسط الناخبين المحتملين لبايدن.
وأشارت الصحيفة إلى أن مظاهر القلق الاقتصادية لا تزال هي الهم الأكبر للناخبين، حيث قالت نسبة 34% من المسجلين إن الاقتصاد ومظاهر القلق المتعلقة بالتضخم هي أهم المشاكل التي تواجه البلد. وهي نسبة أقل من 45% في تشرين الأول /أكتوبر 2022، ولكنها تظل عالية، بحسب التقرير.
وزادت نسبة الناخبين ما بين 18- 29 عاما في التركيبة السكانية الديمقراطية تقليديا. وقال ثلاثة أرباع منهم إنهم غير راضين عن طريقة معالجة بايدن للنزاع في غزة. وبين الناخبين المسجلين، قالوا إنهم سيصوتون لترامب بنسبة 49% مقابل 34%، وأعرب نفس الناخبين الشباب في تموز /يوليو عن رغبة بدعم بايدن وبنسبة 10 نقاط. وقال غالين لونر، 27 عاما ومهندس برامج الكمبيوتر في سان فرنسيسكو "لا أريد التصويت لأحد لا يتطابق مع قيمي الشخصية، وكما أظهر بايدن أنه ليس كذلك عندما يتعلق الأمر بغزة" ولكنه سأل "هل سأصوت لبايدن أم لا أصوت أبدا؟ وهذا أمر صعب، لأنني لو لم أصوت لبايدن فإنني سأفتح الباب لإمكانية فوز ترامب ولا أريد هذا"، وفقا لما نقلته الصحيفة.
وكشف الاستطلاع أن الناخبين لم يقرروا بعد ماذا سيحدث بعد، وقف إطلاق النار أم استمرار العملية العسكرية ضد حماس. وفي ضوء الخيار بين مساري التحرك، فهناك نسبة 44% طالبت "إسرائيل" بوقف حملتها العسكرية ضد المدنيين، حيث وصل الضحايا بينهم إلى 20.000 شخص، حسب وزارة الصحة في غزة.
وبحسب التقرير، فإن هناك نسبة 39% تبنت مسارا مضادا وهو استمرار "إسرائيل" في حملتها العسكرية، حتى لو اقتضى زيادة عدد الضحايا بين المدنيين.
وذكرت الصحيفة أن النتائج قريبة مهما عرض على المشاركين أهداف العملية العسكرية، سواء الإفراج عن الرهائن أو محو حماس (حيث يعني وقف إطلاق النار عدم هزيمة حماس). وقال ويليام هانتغ (24 عاما) الذي يعمل في محل أشفيل، بمدينة نيويورك عن بايدن إنه "يدفع إسرائيل لعقد سلام مع حماس، وأنا شخصيا لا أوافق على بحث إسرائيل عن سلام مع حماس".
وقالت الصحيفة إنه مع ذلك فإن أجوبة المشاركين على السؤال بعد الآخر تكشف عن الأسوأ في "إسرائيل". وقلة منهم ترى أن "إسرائيل" جادة في عقد سلام مع الفلسطينيين. وقالت نسبة النصف أن "إسرائيل" تقتل المدنيين عمدا. وهناك نسبة ثلث أو الربع قالت إنها تتخذ الاحتياطات لتجنب الضحايا المدنيين. وتعارض غالبية المشاركين مساعدات عسكرية واقتصادية لـ "إسرائيل".
وتعلق الصحيفة أن الناخبين بشكل عام يعبرون عن موقف مؤيد لـ "إسرائيل" واقترحوا أن مشاكل صورة "إسرائيل" مع الناخبين الأمريكيين أكثر حدة في الأفق السياسي مما هي عليه الآن. ولكن نسبة 48% من الناخبين المشاركين عبروا عن اعتقاد أن "إسرائيل" لا تتخذ الاحتياطات الكافية لتجنب المدنيين في غزة.
وبحسب التقرير، فإن الأشخاص الذين تم تحديدهم كمستخدمين لمنصة "تيك توك" كانوا الأكثر عنادا في نقدهم لـ "إسرائيل". وقد تعرضت المنصة التي تملكها شركة صينية لانتقادات وبخاصة من الحزب الجمهوري، لكن المستخدمين هم من أكثر النقاد لبايدن وسياساته من "إسرائيل"، حتى عندما يتم التحكم بهم نتيجة للعمر. قال لونر "هناك الكثير من العنف على الضحايا المدنيين وقصف المستشفيات" و"أحاول أخذها على محمل الجد والاعتراف بأنها منصات تواصل اجتماعي ويمكن أن تكون أي شيء، ولكنها تبدو وكأنها منظور ميداني لما يحدث في الحقيقة".
وكشف الاستطلاع عن تحول حرب غزة إلى مسألة حزبية. وعلى مدى سنوات اتهم ترامب الحزب الديمقراطي بتقويض حكومة "إسرائيل" وناشد اليهود بترك الحزب الذي اعتبره الكثيرون بمثابة مظلتهم. واليوم يبدو أن المسألة صارت حزبية وقد تؤثر على وضع اليهود في الحزب الديمقراطي. فقد قالت نسبة 76% أنها تتعاطف مع "إسرائيل" وتفضلها على الفلسطينيين. وتصل النسبة بين الإنجيليين الذين يمثلون قاعدة صلبة في الحزب إلى 80%.
وأشارت الصحيفة إلى أن الديمقراطيين لم يظهروا إجماعا، حيث قالت نسبة 31% إنها متعاطفة مع "إسرائيل" ونسبة 34% مع الفلسطينيين وقالت نسبة 16% إنها متعاطفة مع الطرفين.
وقالت الصحيفة إن الخلاف الجيلي بشأن الصراع الذي مضى عليه 75 عاما لا يعكس التجربة الجيلية ولكن استخدامهم لمنصات التواصل الاجتماعي. واشتملت نيويورك تايمز/سيينا على عينة من 1.016 من الناخبين المسجلين حول البلد وتم إجراؤها عبر الهاتف ما بين 10-12 كانون الأول /ديسمبر 2023، وكان هامش الخطأ، زيادة ونقصان هو 3.5% للناخبين المسجلين.